قدم باحثون من ثلاثة معاهد مختلفة ثلاثة منشورات حديثة عن بحيرة (Whillans) التي تقع على عمق 800 متر تحت السطح الجليدي غربي القارة القطبية الجنوبية، وذلك ضمن مشروع حفريات البحث تحت الجليدي لبحيرة ويلانس (WISSAR) برعاية المؤسسة الوطنية للعلوم (NSF)، وتوصلوا إلى النتائج التالية:

– تتكون البحيرة بشكل رئيسي من المياه الناتجة عن ذوبان قاعدة الغطاء الجليدي بالإضافة إلى كميات قليلة من رواسب مياه البحر في قاع البحيرة.

– يتم تصريف مياه البحيرة بشكل دوري عبر قنوات تصب في المحيط، ولكنها لا تقوى على حمل أية رواسب في طريقها.

أهمية هذه المعلومات لا تتعلق فقط بفهم هذه البحيرة بالذات، بل تمكننا من فهم كيفية تفاعل نظام مثل هذه البحيرات وحتى الأنهار المتواجدة تحت الجليد مع السطح فوقها والرواسب في قاعها.

ومن جهة أخرى فهم دور هذه البحيرات في تدفق المياه من القارة القطبية الجنوبية إلى المحيط، وبالتالي مساهمتها في ارتفاع مستوى سطح البحر.
في كانون الثاني من عام 2013، نجح الباحثون في مشروع (WISSAR) في حفر الغطاء الجليدي والوصول إلى بحيرة (Whillans) لاستخراج عينات من مياه ورواسب هذه البحيرة المعزولة منذ آلاف السنين.

وقد استخدموا في ذلك مثقاباً يعمل بالماء الساخن المعقم تفادياً لتلويث خصائص تلك البيئة.

كما اتبعوا في دراساتهم مجموعة من المناهج البيو-كيميائية والجيو-فيزيائية والجيولوجية من أجل الإحاطة الكاملة بديناميكية النظام تحت الجليدي.

نبدأ بإحدى المنشورات التي تم نشرها في المجلة العلمية (Geophysical Research Letters) حيث أشار ماثيو سيغفريد (Matthew Siegfried) وفريقه إلى أن التصريف الدوري لمياه البحيرة يزيد من سرعة تحرك الجليد بنسبة تصل إلى 4% عبر انفجارات عرَضية قد يستمر كل منها لعدة أشهر.

كما أضاف بأن فهم هذه التحركات قصيرة المدى ضروريّ للوصول إلى توقعات دقيقة للتغيرات طويلة المدى على الغطاء الجليدي.

أما في المنشور الثاني الذي تم نشره في المجلة العلمية (Geology) فقد استفاد ألكسندر ميشود (Alexander Michaud) وفريقه من بيانات عينات سُحبت من رواسب باطن البحيرة من أجل توصيف التركيب الكيميائي لمياهها وترسباتها.

حيث توصل الفريق إلى أن هذا المخزون من مياه المحيط المعزولة ستؤثر على الخصائص البيوكيميائية لنظام هذه البحيرة، بالتالي فإن هذا الاكتشاف الجديد يتناقض مع الدراسات السابقة للأنهار الجليدية المجاورة، حيث أن المياه المستخرجة من الرواسب تحت الجليدية لم تُظهر أية علامات بحرية.

وفي المنشور الثالث الذي تم نشره في المجلة العلمية (Earth and Planetary Science Letters) قام تيموثي هودسن (Timothy Hodson) وفريقه بدراسة رواسب أخرى مستخرجة من باطن البحيرة للتعرف أكثر على العلاقة بين الغطاء الجليدي والهيدرولوجيا تحت الجليدية والرواسب الباطنية.

وقد أشارت النتائج التي توصلوا إليها إلى أنه وعلى الرغم من الفيضانات التي تمر على البحيرة من وقت لآخر، إلا أن التيارات ليست قوية بما يكفي لجرف القنوات الممتدة لتصريف المياه كما تفعل الأنهار التي تستنزف الكثير من سطح الأرض.

وإن هذه البيئة تحت هذا الجزء من الغطاء الجليدي تشبه إلى حد ما الأراضي الرطبة في السهول الساحلية، حيث تكون المسطحات المائية واسعة وضحلة، والماء يتدفق بشكل تدريجي.

إن هذه الدراسات الحديثة الثلاث مجتمعة تسلط الضوء على بيئة تتفاعل فيها الجيولوجيا والهيدرولوجيا والبيولوجيا لإنشاء نظام ديناميكي تحت جليدي قد يؤثر على الكرة الأرضية بأكملها.

أستاذة الجيوفيزياء هيلين أماندا فريكر (Helen Amanda Fricker)، الباحثة في مشروع (WISSAR) والتي كانت أول من اكتشف البحيرة تحت الجليد عام 2007 من خلال المعلومات التي نقلتها الأقمار الصناعية، تقول:
“من المدهش أننا لم نكتشف هذه البحيرة إلا في العقد الأخير، وكم هو مشوّق حصولنا على مثل هذه المعطيات الغنية عن البحيرة، والتي تساعدنا في فهم دور البحيرات كجزء من نظام الغطاء الجليدي.

إن فهم وتحليل هذه الأنظمة وما شابهها، يتطلب تدريب جيل جديد من العلماء القادرين على كسر قيود الضوابط الصارمة، كما تبين في مشروع (WISSAR).”

تحرير: سهى يازجي

المصدر