إذا كنت قد قرأت يوماً عن الفيزياء دون الذرية فلا بد إنك قد سمعت كثيراً عن الكلمات التي تنتهي بالحرفين “ون” مثل بروتون، نيوترون، غلوون، فوتون، بوزون، فيرميون .. الخ، واحدة من هذه الكلمات التي من الممكن أنها قد مرت عليك هي الجرافيتون graviton. في الوقت الحالي فإن الجرافيتون هو جسيم إفتراضي لا يزال يسير على حد السكين مابين المقاييس العلمية المحضة و ما بين مقاييس العالم الغامض.

أن نجاح نظرية الكم الرائع في وصف القوى الثلاث: الكهرومغناطيسية والقوى النووية الضعيفة والشديدة قد وفر لنا دافع جدير بالإعتبار في دمج القوة الرابعة معاً، وهي قوة الجذب. على وفق حال أن الفوتون كونه جسيم كمي للقوة الكهرومغناطيسية وأن الغلوون هو جسيم كمي للقوة الشديدة فإن الجرافيتون هو الأسم المعطى للجسيم الكمي الإفتراضي لقوة الجاذبية.

على كل حال فإن وصف الجاذبية طبقاً لنظرية الكم كان ولا يزال أمر صعب المنال، وصف النظرية النسبية العامة لأينشتاين كان أفضل وصف قد تم وضعه للجاذبية، لكن حين تواجه الجاذبية عالم الكم فإننا نتوقع ظهور نواتج لا نهائية عديمة الجدوى خلال العمليات الحسابية، نواتج مثل هذه قد تعيد مجمل حساباتنا عما كنا نحاول الوصول إليه. وعلى الرغم من ذلك فإن علماء الفيزياء النظرية لا يزال لديهم المزيد ليأتوا بمثل هذا النموذج حيث لا يزال بالإمكان العمل على بعض خصائص الجرافيتونات.

على سبيل المثال، نحن نعلم أنه لا حدود للجاذبية حيث أنها تستطيع ربط المجرات البعيدة المختلفة معاً، هذا يعني أن الجرافيتون المعروف ليس لديه كتلة، وبما أن الفراغ لا يمتلك أي شحنة كهربائية بالتالي أن الجرافيتون الذي يعمل في الفراغ متعادل كهربائياً.

التفكير بعمق قد يخبرنا ما يجب أن يكون عليه الدوران المغزلي الكمي للجرافيتون, بما أن الدوران المغزلي للجسيمات المادية في النموذج المعياري هو ½، وأن الدوران المغزلي للجسيمات الحاملة للطاقة هو 1, لذا يجب أن يكون الدوران المغزلي للجرافيتون هو 2, يعود سبب هذا من حقيقة كون أن الجاذبية تنبع من توزيع الطاقة والزخم في الكون.

نستنتج من ذلك أن تلك الحركة الدورانية المغزلية مهمة أكثر مما تخيلنا حيث يمكننا إثبات أن أي دوران عديم الكتلة من نوع 2 يعمل تماماً على نفس الطريقة المتوقعة التي يعمل بها الجرافيتون، وبالتالي فإننا حيث ما وجدنا جسيم ذو عزم مغزلي 2 يمكننا أن نقول أن هذا جرافيتون. هذا النوع من الدوران المغزلي يفسر ايضاً حقيقة كون الجاذبية ذات طبيعة جاذبة فقط، في حين أن الكهروميغناطيسية تكون جاذبة ونافرة في نفس الوقت.

إحد أهم أسباب شهرة نظرية الأوتار الفائقة لعدة عقود هو كونها تنبأت في بداية ظهورها بوجود جسيمات عديم الكتلة ذات دوران مغزلي 2, على الرغم من أن استعصاء النظرية قد سببت إنحسار كبير في حماس المجتمع العلمي لهذه النظرية في السنوات الاخيرة، لكنها لا تزال طريقة متميزة لجلب الجاذبية إلى عالم الكم. بالأضافة إلى ذلك هنالك نظريات جديدة تتنبأ بوجود أبعاد فضائية إضافية يمكن أن تسمح بجرافيتون ضخم ذو دوران مغزلي 2.

الجرافيتون نظرياً فكرة ذات سمعة جيدة لكنها غير مثبتة. لذلك حين سماعك لشخص يزعم أن الجرافيتونات هي جسيمات مولدة لقوة الجذب، لا تنسى أن هذا كلام منطقي، لكنه غير مأخوذ به في المعايير الكونية. حيث لا يزال لدينا رحلة طويلة قبل أن نثبت ان الجرافيتون هو جزء من عالم الجسيمات دون الذرية المعتمدة.


المصدر