فى الثواني القليلة الأولى بعد الإنفجار العظيم، كان الكون حارًا جدًا وكثيفا جدًا مما يجعله متأيّنا بالكامل – أي أنّ كل البروتونات والنيوترونات والإلكترونات تتنقل بحرية ولم تجتمع معا لتكوين الذرات – وبعد ثلاث دقائق عندما بَرَد الكون من درجة حرارة 10^32 إلى 10^9 درجة مئوية قد تكون هذه بداية تشكّل العناصر الخفيفة.
فى هذة المرحلة مازالت الإلكترونات تتجول بحرية ..
البروتون تقنياً كان النوى الأولى (عندما يقترن بالإلكترون يصنعان ذرة الهيدروجين) وكانت الـ(ديوتيرونات) هى النوى الثانية وهى نواة الديوتيريوم والتى تمّ تكوينها عندما اندمجت البروتونات مع النيوترونات وأطلقت فوتونات.
الديوتيرونات والنيوترونات يمكن أن يندمجا ويخلقا نواة (الترينيوم) المكوّنة من بروتون واحد واثنين من النيوترونات، وعندما تُصادف نواة (الترينيوم) البروتون الثانى تستطيع أن تُكوّن نواة (الهيليوم) المكونة من اثنين من البروتونات واثنين من النيوترونات وهو الهيليوم المعروف باسم (He-4).
هناك مسار آخر يؤدى إلى إنتاج الهيليوم وهو مسار الجمع بين (الديوتيرون) والبروتون داخل نواة الهيليوم وتكون مكونة من اثنين من البروتونات ونيوترون واحد فقط (He-3).
وعندما يصادف الـ(He-3) نيوترون، يستطيعا الاندماج لتشكيل نواة الهيليوم الكاملة (He-4).
كل خطوة فى هذه التفاعلات أيضاً تطلق فوتون.
الليثيوم والبريليوم أيضاً صُنِعا بكميات صغيرة جداً، كانت هذة العملية برمتها بعد أكثر من 20 دقيقة بعد الإنفجار العظيم عندما أصبح الكون باردًا جدا ومتناثرا مما يسمح بتشكّل النواة.
وفرة عناصر الكون يمكن توقعها من خلال مقياس واحد فقط وهو كثافة الباريون وقت الاصطناع النووي.
والباريونات هى جسيمات مصنوعة من ثلاث “كواركات” مثلها مثل البروتونات والنيوترونات.
بالاعتماد على كثافة الباريون التي تمّ التنبؤ بها بواسطة الاصطناع النووى للإنفجار العظيم، يجب على الكتلة الكلية للكون أن تكون 25% هيليوم و 0.01% ديوتيريوم ونسبة ليثيوم أقل من ذلك.
هذة الوفرة لبداية الكون يمكن اختبارها، وبالفعل تم اختبارها وكان الاكتشاف هو أنه لا يوجد مكان فى الكون وفرة الهيليوم فيه أقل من 23%، هذا الاكتشاف يعتبر قطعة رئيسية من الأدلة على الإنفجار العظيم.
إنّ تشكّل نوى العناصر فى الاصطناع النووى للإنفجار العظيم اضطر أن ينتظر وقتاً طويلاً قبل أن يتم تشكيل فريق من الإلكترونات لصنع الذرات المحايدة – فيها تتساوى البروتونات مع الإلكترونات – وعندما صُنع الهيدروجين المحايد أخيراً بعد 380.000 سنة من الإنفجار العظيم انبعث إشعاع الخلفية الميكروي الكوني (CMBR).
تنبأ “ألفر” وزميله روبرت هيرمان بوجود إشعاع الخلفية الميكروي الكوني فى أواخر الأربعينات عندما أدركا أن بقايا الإشعاع ستكون إحد الآثار الجانبية لإعادة تركيب الإلكترونات مع الأنوية الذرية.
إن إشعاع الخلفية الميكروي يوفر لنا طريقة فحص مضاعفة لعلمنا مع القياس المستقل لكثافة الباريون والتى من شأنها أن تعطي الوفرة الصحيحة للعناصر الخفيفة – يبدو أننا حقا نفهم ماذا حدث فى الدقائق القليلة بعد أن بدأ الكون.
تحرير:أحمد عزب