كما نترقب ولادة نجوم , نرقب أيضاً موتاً لأخرى, كذلك حال شمسنا، فعندما تموت الشمس ستموت الأرض معها ولكن المفارقة أن الأرض لن تموت وسط الظلام!

عندما ستتوسع الشمس إلى نجم عملاق أحمر خلال سكرات موتها فإنها سوف تُبخِر الأرض تماماً.

ربما لم تكن هذه القصة التي كنت تتوقعها ولكن لا داعي للبدء بتحضير مراسم الجنازة, فلن تحدث تلك الظاهرة إلا بعد سبعة أو ثمانية مليارات سنة من الآن على الأقل.

ولن يستغرق الإنسان في العيش إلا قبل 40 ألف سنة من هذه المدة، وللتقريب فإننا لو ضغطنا عمر الكرة الأرضية إلى أربع وعشرين ساعة فقط, فإن الإنسان لن يشغل إلا الثانية الأخيرة فقط.

لو نظرنا بتمعن إلى أعمار الأفلاك فإننا سندرك كم هي تافهة مدة وجودنا في هذا الكون.

ماذا سيحدث إذاً عندما تموت الشمس؟ الجواب مرتبط بفهمنا كيف تُضيئ الشمس.

تبدأ النجوم أعمارها بتجمعات كبيرة من غاز معظمه من الهيدروجين مع مزيج قليل من الهيليوم وبعض العناصر الأخرى، وبما أن الغاز له كتلة فإننا لو وضعناه في مكان واحد فإنه سينهار على بعضه تحت كتلته نفسها، تخلق هذه العملية ضغط داخلي في النجم الحديث الولادة مما يُسخّن الذرات لدرجة تجعلها تفقد إلكتروناتها ويصبح الغاز مشحوناً أو متآيناً في حالة تسمى البلازما.

كل ذرة هيدروجين تحتوي على بروتون واحد تندمج مع ذرات الهيدروجين الأخرى، لتكون عنصر الهيليوم الذي يحوي على اثنين من البروتونات واثنين من النيوترونات.

يحرر الاندماج طاقة في حالة ضوء وحرارة مما يخلق ضغطاً خارجياً ويضع بذلك حداً لعملية انهيار الغاز على بعضه، ثم يولد ذلك النجم.

يحتوي النجم على كمية كافية من الهيدروجين لاستمرار هذه العملية لمليارات من السنين، لكن في النهاية ستنفد وتنتهى هذه الكمية من الهيدروجين في لُبّ الشمس بشكل تام تقريباً، عندئذ لن تتمكن الشمس من توليد الكمية نفسها من الطاقة وستبدأ بالانهيار على كتلتها نفسها.

هذه الكتلة لن تستطيع توليد كمية كافية من الضغط لاندماج الهيليوم كما حدث ذلك في الهيدروجين في بداية حياة النجم.

وأما عن كميات الهيدروجين المتبقية على السطح (حول لُبّ النجم) فإنها ستندمج أيضا مولدة طاقة إضافية قليلة تمكن الشمس من استمرار إضاءتها.

لُبّ الهيليوم سيبدأ بالانهيار على نفسه أيضا فيحرر بذلك طاقة ولكنها ليست ناتجة من الاندماج، عوضاً عن ذلك فإنها تسخن بسبب تزايد الضغط (عند ضغط أي غاز ترتفع درجة حرارته).

الطاقة المتحررة تولد ضوءاً أكثر وحرارة أكثر, فتجعل الشمس أكثر إضاءة.

والمفزع فى الأمر أن الطاقة سوف تتسبب فى انتفاخ الشمس إلى نجم عملاق أحمر اللون.

وتلك الحمرة فى النجوم العملاقة تأتي من كون درجة الحرارة عند أسطحها أقل من درجة حرارة نجم كشمسنا.

مع هذا فإنها تكون أكبر حجما عن كثير من نظائرها من النجوم الأخرى.

في بحث لعلماء الفلك كلاوس بيتر شرودر Klaus-peter Schröderوروبرت كونون سمث Robert Connon Smithفي عام 2008 يقدرون: أن الشمس ستصبح كبيرة جداً لدرجة أن الطبقة الأبعد من سطحها ستصل إلى حوالي 108 مليون ميل (حوالي 170 مليون كيلومتر) إلى الخارج، ممتصة بذلك الكوكب عطارد والزهرة والأرض.

عملية التحول إلى نجم أحمر عملاق تستغرق حوالي خمسة ملايين سنة، وهى مدة تبدو كاللمحة السريعة نسبةً إلى عمر الشمس (تكونت الشمس منذ حوالى 4,6 مليار سنة). *2

في الجانب المشرق من المسألة فإن إضاءة الشمس تزداد بنسبة 10% كل مليار سنة.

تكون المنطقة الصالحة للسكنى حيث وجود الماء على سطح الكوكب الآن ما بين (0,95: 1,37) مرة نصف قطر مدار الأرض (كما تعرف بالوحدات الفلكية), وعندما تبدأ الشمس فى التحول إلى نجم أحمر عملاق فهذه المنطقة ستستمر بالتحرك إلى الخارج ، حتى أن المريخ سيكون ضمن هذه المنطقة المتمددة لفترة من الزمن (من شدة اتساعها).

في هذه الأثناء ستتبخر المحيطات وتتكسر مياهها إلى عناصرها الأساسية الهيدروجين والأوكسجين.

حين تُكسر آصرة الماء فإن الهيدروجين يتحرر ويفلت إلى الفضاء بينما يتفاعل الأوكسجين مع صخور سطح الكوكب، ومن المحتمل أن يكون كل من عنصري النيتروجين وثنائي أكسيد الكربون هما المواد السائدة التي تشغل الغلاف الجوي كما هو موجود على كوكب الزهرة اليوم مع أنه ليس من الواضح معرفة إن كان الغلاف الجوي للأرض سيكون كثيفاً.

بعض الأجوبة تعتمد على كثافة وجود التفاعلات البركانية وكذلك سرعة خسارة الصفائح التكتونية لحركتها و وصولها للركود.

حتى كوكب المريخ لن يبقى صالح للسكن، فعندما تكون الشمس نجماً عملاقاً ستتحرك المنطقة الصالحة للسكنى إلى ما بين (49 : 70) وحدة فلكية.

حتى كوكب نبتون في مداره الحالي ربما سيكون أكثر حرارة مما يجعله غير صالح للحياة.

بينما الأماكن المفترض أن تكون صالحة للحياة هي كوكب بلوتو وباقي الكواكب القزمة والمذنبات والكويكبات الغنية بالثلج في حزام كويبر Kuiper Belt.

شئ واحد تمت ملاحظته من قبل شرودنر وسمث أن النجوم تخسر كتلتها عبر الوقت عن طريق الرياح الشمسية بشكل رئيسي.

الكواكب التي تحيط بالشمس سوف تتوسع ولكن هذا التوسع لن يكون بالسرعة الكافية لإنقاذ الارض.

قد يكون كوكب نبتون صالحاً للحياة اذا انتقلنا اليه في وقتها إذا كانت حوافه بعيدة بما فيه الكفاية.

في النهاية سيستنفد الهيدروجين الذي يُغطي اللُّب الخارجي للشمس وستنهار الشمس مرة أخرى لتثير بذلك اندماج جديد.

ستبقى عمليات اندماج الهيليوم لمدة ملياري سنة منتجة بذلك الكربون وبعض الأوكسجين ولكنها ستولد طاقة أقل في هذه العمليات.

ريثما يتم تحول الكميات الأخيرة للهيليوم إلى عناصر أثقل فلن يكون هنالك طاقة مشعة لتُبقي الشمس على وضعها الانتفاخي ضد كتلتها.

سينكمش اللُّب ليكون نجم أبيض قزم. الطبقات الشمسية الخارجية المنتفخة ستكون ذات صلة ضعيفة مع اللب الداخلي لأنهما سيكونان بعيدين كل البعد عنها، لذلك حين ينهار اللب ستبقى الطبقات الخارجية للغلاف الجوي خارجا. والنتيجة ستكون عبارة عن سديم كوكبي.

عندما تكون النجوم البيضاء القزمة ساخنة بفعل الضغط وليس الاندماج، تكون درجات حرارتها عالية وقد تصل في السطح إلى 50 ألف فهرنهايت (اي ما يعادل 28 ألف درجة سيليزية) وتضيء بذلك السديم الغازي المتوسع بشكل بطئ.

أي عالم فلك فضائي في المستقبل سيرى حلقة السديم في ليرا Lyra (تجمع من النجوم تقطن فيه شمسنا) حيث أشرقت الشمس فيه يوماً ما.


تحرير: يمام اليوسف
المصدر الأول
المصدر الثاني