في عالمنا اليوم، نظام الأرقام الأكثر استخدامًا هو النظام العشري (المبني على أساس الرقم 10)، إلا أنّ الأمر كان مختلفًا عند الحضارات القديمة.

قامت الحضارات البشريّة القديمة بتقسيم اليوم إلى أجزاء، إلاّ أنّها كانت تستخدم أنظمة ترقيم مختلفة كالنظام الإثني عشري (المبني على أساس الرقم 12) و النظام الستيني (المبني على أساس الرقم 60).

يعزو معظم المؤرّخين الفضل للحضارة المصرية لكونها أوّل حضارة تقسم اليوم إلى أجزاء.

استخدمت الحضارة المصريّة السّاعات الشّمسيّة، وهي عبارة عن شريط على شكل حرف (T) يوضع في الأرض ويُضبط لتقسيم الفاصل الزمني بين شروق الشمس وغروبها إلى 12 جزء.

عادة ما تُعزى أهميّة الرّقم (12) إما إلى حقيقة أنه يساوي عدد دورات القمر في السّنة أو لأنّه ببساطة يُساوي عدد مفاصل الأصابع في كل يد (ثلاثة مفاصل في أربعة أصابع، باستثناء الإبهام) ما يُمكّن من العد إلى 12 بواسطة الإبهام.

في البداية، واجه المصريون صعوبة في تقسيم الوقت بين حلول الظلام وشروق الشمس، ولكن بعد ذلك لاحظ علماء الفلك المصريين مجموعة من 12 نجمًا ميزت فترة الظلام الدامس، ما أدى مرة أخرى إلى تقسيم الليل إلى 12 جزء.

اخترعت الساعة المائية في وقت لاحق، (clepsydra) وهي التي استُخدمت أيضًا لقياس الوقت أثناء الليل، وقد رقمت تلك الساعة بترقيمات تقسم الليل إلى 12 جزء باختلاف شهور السنة.

وبتقسيم كل من النهار و الليل إلى 12 ساعة، شاع مفهوم الساعات الـ24 في كلّ يوم.

ومع ذلك فإن مفهوم الساعات ذات الطول الثابت لم يظهر حتى الفترة الهيلينيّة، عندما اقترح هيباركوس تقسيم اليوم إلى 24 ساعة متساوية.

على الرغم من ذلك، واصل العوام استخدام ساعات متفاوتة يختلف طولها باختلاف فصول السنة لقرون عديدة فكانت ساعات النهار في الصيف أطول منها في الشتاء.

(شاع استخدام الساعات ذات الطول الثابت فقط بعد ظهور الساعات الميكانيكية لأول مرة في أوروبا خلال القرن الرّابع عشر).

استخدم الفلكي اليوناني إيراتوسثينس النّظام الستّيني لتقسيم الدائرة إلى 60 جزء من أجل وضع خطوط العرض الجغرافية، وبعد قرن، سوى هيباركوس خطوط العرض بشكل يجعلها موازية وملائمة للطبيعة الجغرافية للأرض، كما وضع خطوط الطول التي حوت على 360 درجة تتجه من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي.

في أطروحته، وسع المجسطي (حوالي 150 م) ما قام به هيباركوس من خلال تقسيم كل من خطوط الطول و العرض والتي يبلغ كل منها 360 درجة إلى أجزاء أصغر إذ قسم كل درجة إلى 60 جزء، ثم قسم كل منها مرة أخرى إلى 60 جزءاً أصغر.

اصبحت القسمة الأولى، أو الدقيقة الأولى (partes minutae primae)، تعرف لاحقاً باسم “الدقيقة”. أما القسمة الثانية أو “الدقيقة الثانية” (partes minutae secundae)، فأصبحت تعرف باسم “الثّانية”.

لكنّ الدّقائق والثّواني لم تُستخدم لقياس الوقت إلاّ بعد مرور قرون عديدة بعد المجسطي، إذ كانت السّاعة مقسّمة إلى أنصاف و أثلاث و أرباع وأحيانا كانت تقسم إلى 12 جزءًا.

لم يستخدم مفهوم تقسيم الساعة إلى 60 دقيقة إلا بعد ظهور أولى الساعات الميكانيكية في نهاية القرن السّادس عشر.

في العام 1967، أعيد تعريف الثانية بأنّها تساوي مدة (9192631770) عملية تحول طاقة لذرة السيزيوم.

آذن هذا التوصيف بعهد التوقيت الذرّي و التّوقيت العالمي المتسق.

من المثير للاهتمام، أنّه من أجل الحفاظ على التوافق بين التوقيت الذري و التوقيت الفلكي، يجب أحيانا أن تضاف أجزاء من الثّانية إلى التوقيت العالمي المتسق (UTC)، فليست كلّ دقيقة تحتوي على 60 ثانية، فهناك دقائق قليلة و نادرة تحدث بمعدل حوالي ثمانية مرات في العقد الواحد تحتوي على 61 ثانية.