تمتلك أدمغتنا القدرة على تركيز انتباهها على متحدث واحد في غرفة مليئة بالمتحدثين، مثل حفلة عيد ميلاد عائلية أو مطعم مزدحم. فهم هذا السيناريو، وكيفية معالجة الدماغ للمنبهات مثل الكلام واللغة والموسيقى، هو محور بحث البروفيسور إدموند لالور، أستاذ علم الأعصاب والهندسة الطبية الحيوية في جامعة روتشستر.
وُجد حديثًا دليل جديد حول كيفية قدرة الدماغ على فك هذه المعلومات، وسماع متحدث واحد عمدًا، وتجاهل متحدث آخر. يتخذ الدماغ خطوات إضافية لفهم الكلمات القادمة من متحدث محدد، ولا يجري هذه الخطوة مع الكلمات الأخرى المحيطة.
يقول لالور: «تشير النتائج إلى أن الصوتيات لكل من القصة التي ركزنا عليها والقصة التي تجاهلناها تُعالَج بالطريقة ذاتهاـ لكن يوجد فارق واضح على مستوى ما يحدث بعد ذلك في الدماغ».
استمع المشاركون في الدراسة في وقت واحد إلى قصتين، طُلب منهم تركيز انتباههم على إحداهما فقط. وجد الباحثون باستخدام تخطيط الدماغ الكهربائي، أن القصة التي طُلب من المشاركين التركيز عليها قد تحولت إلى وحدات لغوية تُعرف باسم الفونيم، وهي وحدات صوتية تميز بين كلمة وأخرى، في حين أن القصة الأخرى لم تتحول بالمثل.
يقول لالور: «هذا التحويل هو الخطوة الأولى نحو فهم القصة التي نُركز عليها. يجب التعرف على الأصوات بوصفها مقابلات لفئات لغوية محددة، مثل الفونيمات والمقاطع الصوتية، لنتمكن في النهاية من تحديد الكلمات المنطوقة، وإن بدت مختلفة. مثلًا، الكلمات التي يتحدث بها أشخاص بلهجات أو طبقات صوتية مختلفة».
تُعد الدراسة استكمالًا لدراسة أُعدت عام 2015 بقيادة لالور، نُشرت في مجلة (Cerebral Cortex). حصل البحث على جائزة ميشا ماهاولد للهندسة العصبية عام 2021، لأثره في التقنيات الهادفة إلى مساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة على تحسين التفاعل الحسي والحركي مع العالم، مثل تطوير أجهزة قابلة للارتداء بشكل أفضل، مثل المعينات السمعية.
بدأ البحث في ورشة عمل للهندسة العصبية الإدراكية في تيلورايد عام 2012، وأدى إلى إنشاء مؤسسة متعددة الشركاء تبنّت مشروعًا معنيًا بالمعينات السمعية المضبوطة ذهنيًا -إدراكيًا- بتمويل من الاتحاد الأوروبي، استطاعت التوصل بنجاح إلى نظام فك تشفير الانتباه السمعي في الوقت الفعلي.
يقول لالور: «الحصول على هذه الجائزة شرف عظيم من ناحيتين. أولًا، من المشرف أن يعترف بك أقرانك لعملك القيّم والمؤثر، إذ يتألف هذا المجتمع من علماء أعصاب ومهندسين. ثانيًا، إنه لشرف عظيم أن يرتبط اسمي بميشا ماهاولد، رائدة مجال الهندسة العصبية، التي وافتها المنية في سن مبكرة جدًا».
كان جون فوكس، مدير معهد ديل مونتي للعلوم العصبية، مؤلفًا مشاركًا في هذه الدراسة، التي أظهرت إمكانية استخدام إشارات الموجات الدماغية لتحديد من كان المستمع يوجه انتباهه إليه في بيئة متعددة المتحدثين. كانت هذه الدراسة فريدة من نوعها، إذ تجاوزت النهج القياسي للنظر في التأثيرات على إشارات الدماغ الوسطية. يقول لالور: «أظهر بحثنا أنه يمكننا -في الوقت الفعلي تقريبًا- فك تشفير الإشارات الدماغية، لنعرف بدقة من كنت توجه انتباهك إليه».
اقرأ أيضًا:
حاسوب ذكي ينجح بفك شيفرة النشاط الدماغي
ترجمة: أحمد المعراوي
تدقيق: طارق طويل