قام باحثون في الولايات المتحدة الأمريكية بتطوير أدمغة عملية جزئيًا وبالغة الصغر، منحدرة من خلايا بشرية داخل المختبرات. هذه النسخ المطابقة للأصل لن توفر للعلماء طريقة أمثل لاختبار العقاقير فحسب؛ بل ستساهم أيضًا في حماية أعداد هائلة من الحيوانات من المعاناة الناتجة عن الاختبارات التجريبية.

تشير إحصاءات رسمية إلى أن اكثر من 800 ألف حيوان يستخدم في التجارب كل سنة في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، وهذا لا يشمل الحيوانات المستغلة في التجارب الزراعية ولا المئة مليون فأر المستخدمة في التجارب السنوية. فإذا أمكن لهذه الأدمغة المصغّرة -والتي من المحتمل أن ينطلق إنتاجها هذه السنة 2016- أن تحلّ محل ولو جزء من الحيوانات المعتمدة؛ فإنه لفوز كبير لهذه الأخيرة، وكذلك للعلماء الذين سيتمكنون من تحقيق نتائج أفضل في أبحاثهم.

يقول توماس هارتونغ (Thomas Hartung) اختصاصي السموم من جامعة جونز هوبكينز (Johns Hopkins University): «95% من العقاقير التي تبدو واعدة عند اختبارها في نماذج حيوانية؛ تفشل بمجرد اختبارها على البشر، مبدّدة بذلك الكثير من الوقت و المال». ويضيف: «على الرغم من أن نماذج القوارض كانت مفيدة؛ لكننا لسنا 68 كيلوغرام من الفئران. وبما أننا لسنا مجموعة من الخلايا أيضًا إلا أنه يمكننا في كثير من الأحيان الحصول على معلومات أفضل بكثير عند استعمال كرات الخلايا مقارنة بتلك المحصل عليها عند استعمال القوارض».

خلق هارتونغ وزملائه هذه الأدمغة باستخدام خلايا جذعية مستحثة وافرة القدرة (iPSCs) -خلايا جسدية بالغة تمت إعادة برمجتها وراثيًا للحصول على خلايا جذعية جنينية- كأساس يتمّ بعد ذلك تحفيز نموها لتصبح خلايا دماغية.

أُخدت الخلايا الأصلية من أشخاص بالغين بصحة جيدة، لكن يقول الباحثون أن نفس النهج يمكن استخدامه مع خلايا الأفراد ذوي بعض الصفات أو الأمراض الوراثية، وذلك تلبية لأغراض دراسة الأدوية المتخصّصة.

يمكن أن تنمو الخلايا بسهولة داخل المختبر، فمع 100 دماغ مصغّر تمّ تجهيزه داخل طبق بتري؛ نمت الخلايا لتشكل حوالي 350 ميكروميتر في قطر يقارب حجم عين الذبابة. وبعد شهرين تطوّرت أربعة أنواع من     الخلايا العصبية وخلايا الدعم.

يقول الباحثون أنه بمجرد نمو الأدمغة المصغّرة فإنها ستساعد العلماء على دراسة مجموعة واسعة من الحالات، بما في ذلك مرض الالزهايمر ومرض الباركينسون (الشلل الرعاشي)، والتصلّب المتعدّد ومرض التوحد، والالتهابات الفيروسية والصدمات النفسية والسكتات الدماغية.

رغم أن الفكرة في حدّ ذاتها مذهلة؛ إلا أنها ليست المرة الأولى التي نرى فيها هذا المفهوم، حيث أنه في العام الماضي قام علماء من جامعة براون (Brown University) بكشف النقاب عن نموذج مماثل جدًا لهذه الأدمغة المصغّرة.

لكن يقول باحثو جونز هوبكنز أن تقنيتهم الخاصة -والتي هي في طور الحصول على براءة الاختراع- ستدخل قريبًا الإنتاج التجاري، حيث سيتمّ الكشف عنها قريبًا في السوق العلمي، الذي يفيد بدوره كميات هائلة من الحيوانات.

قال هارتونغ: «نحن لا نملك نموذج الدماغ الأول، كما أننا لا ندعي أن لنا أفضل نموذج لكن هذا هو الأكثر اتحادًا». ويضيف: «عند اختبار العقاقير لا بد من أن تكون الخلايا المدروسة متماثلة قدر الإمكان لضمان أفضل وأدق النتائج».

وتجدر الإشارة إلى أنه تمّ تقديم نتائج هذه الدراسة في الجمعية الأمريكية لتقدّم العلوم (AAAS) خلال الاجتماع السنوي لعام 2016.


 

المصدر