من الطبيعي أن نرتبك أو نخاف إذا لم نستطع إيجاد سبب يبقينا على قيد الحياة. لكن لا يجب على هذا الشعور أن يلازمنا طوال حياتنا.
قد تأخذنا ظروف الحياة الصعبة إلى مكان مظلم، حيث نفقد الأمل ونشعر بالإحباط، سواء كانت ظروفًا عائليةً أو الشعور بالظلم والاضطهاد أو التعرض للتنمر. ويدفعنا هذا التخبط كل يوم إلى التساؤل: «هل يستحق الأمر حقًا العناء؟».
قد ينتهي بنا الأمر أحيانًا في حالة من الشعور باليأس دون سبب واضح. قد يكون ذلك نتيجةً للإصابة بحالة نفسية مثل الاكتئاب أو اضطراب ثنائي القطب. بصرف النظر عن السبب، تظل مشاعرنا في جميع الأحوال حقيقية.
من الطبيعي أن تنعكس أفكارنا ومشاعرنا العميقة والحزينة على أفعالنا. لكن ما يهم في نهاية الأمر هو كيف نواجه تلك الأفكار السلبية. فعلى عكس الانتحار محسوم النتيجة، لا تدوم مشاعر اليأس أو الأفكار الانتحارية.
22 سببًا للبقاء على قيد الحياة:
تختلف الأسباب بين شخص وآخر، فالسبب الذي قد يُبقي أحدهم على قيد الحياة لن يكون السبب نفسه لبقاء شخص آخر. لذا ينبغي مراعاة وجود أسباب بديلة يرتبط بها الفرد ما يجعله راغبًا في البقاء على قيد الحياة.
1- الإنجاز
تجلب الإنجازات التغيير وأحيانًا التحديات، وتمنحنا أيضًا الشعور بتحقيق الغاية، ما يمثل سببًا للبقاء على قيد الحياة. قد تتمثل الإنجازات في تغيير مسار الحياة، مثل الاعتراف بتوجه جنسي، أو إنجاب طفل أو تبنيه، وقد تتمثل الإنجازات في تعلم مهارة جديدة مثل القيادة أو الطهي.
2- استكشاف المجهول
يسعى الإنسان الفضولي إلى محاولة اكتشاف «العالم الخارجي»، ما قد يمثل سببًا كافيًا للبقاء على قيد الحياة. من يعلم ما الذي يمكننا اكتشافه طوال حياتنا؟
3- اكتشاف قدراتنا الكامنة
هل تساءلت يومًا من هو الشخص الذي يمكنك أن تصبح عليه؟ لا أحد يعلم ما الذي قد يحدث مستقبلًا. تمنحك الحياة الفرص باستمرار لاكتشاف قدراتك الحقيقية، فقد تصبح أبًا أو رياضيًا أو فنانًا أو من المشهورين عمومًا.
4- أن تترك أثرًا
ما زال أمامنا متسع من الوقت لترك بصمتنا المؤثرة على الكوكب أو في من حولنا، فالشعور بعدم التأثير في مرحلة ما من حياتنا ليس مدعاة القلق. إذن لنفكر معًا، بأي شيء نود أن يتذكرنا الآخرون؟
5- الحب/ التواصل البشري/ العلاقات
قد تكون العلاقات التي نبنيها مع الأشخاص الذين نحبهم بدرجة كبيرة عاملًا قويًا محفزًا للبقاء على قيد الحياة. هل تذكر حين حدث بينك وبين شخص ما توافق أو تفاهم؟ إنه الشعور المتبادل بالتفاهم بيننا الذي يمنحنا الرغبة في البقاء على قيد الحياة. تمنحنا الحياة فرصة العثور على أشخاص كهؤلاء، ومنحهم الأولوية في حياتنا.
6- حيواناتنا الأليفة
أظهرت الأبحاث أن التفاعل الإيجابي بين الإنسان وحيوانه الأليف يعزز مستويات الأوكسيتوسين والدوبامين، وهي مواد كيميائية في الدماغ تعزز الشعور بالبهجة والترابط. إذا كنت تملك حيوانًا أليفًا، فأنت بالفعل تعرف لماذا قد تجعل الحيوانات حياتنا جديرةً بالاهتمام.
7- القيم الروحية
قد تضفي الممارسة الروحية –مثل ممارسة الطقوس الدينية- معنى ورضا على حياتنا، ما يدفعنا للبقاء على قيد الحياة.
8- القضايا المؤثرة
لبعض الأشخاص وجهات نظر واهتمامات فريدة من نوعها حيال العالم وما يدور به. يجعل بعضهم من تلك الاهتمامات قضيةً أو مهمةً تمنحهم سببًا للنهوض من فراشهم كل صباح. سواء كانت الحفاظ على كوكبنا والاهتمام لأمر الصحة النفسية للأجيال المستقبلية، أو غير ذلك من الاهتمامات. ربما يمنحنا الشغف لإحداث فارق الشرارة التي كنا نبحث عنها في حياتنا.
9- فرصة تشجيع الآخرين
لسنا وحدنا في هذا العالم، فغيرنا لا يزال في عملية بحث عن أسباب تستحق البقاء على قيد الحياة، ولعل منهم من يشبهك. فيومًا ما قد نحصل على فرصة الشعور بهم، وتشجيع شخص سبق أن مررنا بما يمر به.
10- الآمال والأحلام المعلقة
ربما نحن جميعًا كالأطفال، لدينا بعض الأحلام والتخيلات لمستقبلنا. لكن لم يتسنَّ لمعظمنا فرصة تحقيق الكثير منها، بل ربما أي منها، مع أنها غالبًا لم تعد تتوافق مع شخصنا الحالي. لكن ماذا عن أحلامنا الحالية؟ كل يوم يجلب معه فرصة نفض الغبار عن تلك الأمنيات وبث الروح فيها من جديد.
11- إثبات خطأ المُحبِطين
إذا شكك أحدهم في قدراتك سابقًا، أو قال بوضوح «إنك لن تنجح أبدًا في تحقيق شيء ما»، فقد يكون من الممتع حقًا أن نريهم أنهم مخطئون.
12- الإبداع
القدرة على أن نكون مبدعين أو واسعي الخيال هي إحدى مميزات الإنسان العبقرية التي تستطيع أن تمنحنا الشعور بالمتعة، أيضًا فإن تأمل إبداعات الآخرين –مثل الفنون المختلفة- يمنحنا الشعور ذاته.
13- فرصة إيجاد من يشبهوننا
من الطبيعي أن نشعر بالوحدة والعزلة عندما لا نجد أشخاصًا نتوافق معهم أو يشاركونا اهتماماتنا. وقد يكون هؤلاء الأشخاص في مكان ما يبحثون عنا كما نبحث عنهم، لعل عثورنا عليهم من أسباب البقاء على قيد الحياة.
14- رحلتنا البطولية
ربما نشعر أننا خُلقنا من أجل هدف عظيم، لكن المبادرة بتحقيقه تبدو تحديًا صعبًا. ربما بدأت رحلتنا البطولية بالفعل، لكننا نواجه عقبة تبدو غير قابلة للتجاوز. قد تقودنا المثابرة إلى الشعور بالتقدير لأنفسنا والإيمان بقدراتنا.
15- الاستغراق في الضحك
متى كانت المرة الأخيرة حين استغرقت في الضحك لدرجة أن تدمع عيناك؟ من الوارد جدًا أن نختبر المزيد من تلك الأوقات. وفقًا للأبحاث، يوجد سبب لشعورنا بسعادة غامرة عندما نضحك، فالضحك يبدل شعورنا بالقلق، ويحفز إفراز هرمون الإندروفين، ويعزز علاقاتنا بالآخرين. إذا كان الضحك من القلب صعبًا في وجود المشاعر السلبية، فتظاهر بالأمر حتى يصبح حقيقة.
16- استعادة «شرارة» أيام الطفولة
يمكننا استعادة ذلك الشعور الذي اعتدناه في طفولتنا، بالاستغراق في ما نفعله، لنستعيد رغبتنا في مواصلة الحياة. وذلك باختيار نشاط يبدو محببًا لدرجة تجعلنا نرغب في عمله حقًا، وليس لأننا مضطرون لذلك. قد يكون ذلك بقضاء وقت مرح في الحديقة أو الرقص أو التخطيط لعطلة. يمكننا تخصيص جزء من وقتنا لذلك، ما يمثل دافعًا للبقاء على قيد الحياة.
17- التواصل مع من سبقونا
كم هي ملهمة حقيقة أننا أتينا من حلقة متصلة من البشر الذين نجوا من قبل لنصبح نحن موجودين! رغم بُعد التاريخ البشري عن الكمال أو المثالية، فربما من المطمئن التفكير في التحديات التي واجهها أجدادنا، والانتصارات التي حققوها عبر القرون الماضية.
18- تأمل الطبيعة
من الرائع الاستمتاع بجمال الطبيعة. فكوكبنا يحوي الغابات والجبال والشواطئ، وغير ذلك من مظاهر الطبيعة البديعة التي يمكننا الاستمتاع بها.
19- العلاقات الجنسية
هي للعديد من الأشخاص جزء مهم لا يمكن إنكاره من رغبة البقاء على قيد الحياة. فإضافةً إلى المتعة التي يمنحنا إياها، يمدنا الجنس بفرصة التواصل مع الآخرين، إضافةً إلى ميزة استكشاف أنفسنا وميولنا.
20- الأدرينالين
قد يكون القفز بالمظلات أو ركوب الأفعوانية جذابًا لمحبي المخاطرة وتجاوز الحدود. يرجع ذلك إلى أن هذه الأنشطة تحفز إفراز الأدرينالين، ما يسبب الشعور بالسعادة والإثارة.
21- الموسيقى
تستطيع الموسيقى الإبحار بنا عبر الزمان والمكان، وتشعرنا بأننا جزء من شيء أكبر منا. تُظهِر الدراسات قدرة الموسيقى على الحد من التوتر وتحسين المزاج.
22- مشاعرنا الخاصة
قد يكون شعورًا فريدًا لا يتفق مع أي تصنيفات أخرى، أو ذكرى من ماضينا لم نشاركها مع أي أحد. قد تمنحنا تلك المشاعر المبهجة دفعة من الشعور بالحنين إلى الماضي.
إيجاد معنى لحياتنا يدفعنا للبقاء على قيد الحياة
لا نمتلك جميعًا الأسباب نفسها التي تمنحنا الرغبة في البقاء على قيد الحياة، فما يحفز شخص ما لن يكون الحافز ذاته لشخص آخر.
عندما نشعر بالحزن، تصبح أدمغتنا أقل استجابة للمحفزات الإيجابية، وأكثر عرضة لملاحظة المحفزات السلبية والاستجابة لها، مثل الأفكار الانتحارية أو الشعور بأن الحياة لا معنى لها.
يؤثر الاكتئاب في مناطق الدماغ المسؤولة عن الاستجابة العاطفية والذاكرة، ما يجعلنا أكثر عرضة للشعور بالحزن والإحباط، وأقل قدرة على استرجاع الذكريات المبهجة. من المهم البحث عن حافز أو معنى لحياتنا، وإعادة التواصل مع هذا المحفز.
من الطرق التي قد تساعدنا على إيجاد الحافز الذي سيدفعنا للبقاء على قيد الحياة، القراءة في مجال مساعدة الذات، إذ قد نجد ما يعبر عنا وعما نمر به في الوقت الحالي، ومراجعة اختصاصي الصحة النفسية لإرشادنا، وتخصيص بعض الوقت لتدوين اليوميات بغرض فهم أفضل لأنفسنا.
قد تجعل الصعوبات حياتنا تبدو موحشةً، كما هو الحال لدى من يعانون بعض الحالات النفسية. لكن إيجاد ما يحفزنا على البقاء في الأوقات الصعبة قد يصنع الفارق. فالبحث عن مصادر الإلهام والحصول على المساعدة المتخصصة هي طرق ثبتت فعاليتها، خاصةً حال الشك في المرور بحالة نفسية مرضية.
اقرأ أيضًا:
نصائح حول مساعدة المراهقين المصابين بالاكتئاب
ما فقدان الإحساس باللذة؟ وهل يعد أحد أشكال الاكتئاب؟
ترجمة: سامية الشرقاوي
تدقيق: هاجر التُّهامي
مراجعة: أكرم محيي الدين