وثق الأطباء مئات المرضى بما يسمونه «متلازمة ألم الشرق الأوسط»، وهو مرض تُعرف إليه حديثًا يحاكي التهاب المفاصل الروماتويدي، وله صلة محتملة بالتلوث البيئي.
أوضح باحثون في القاهرة أن 400 مريضًا قدموا إلى المستشفيات في مصر والمملكة العربية السعودية بين نوفمبر 2014 وديسمبر 2019 ممن سبق أن شُخصت إصابتهم بالتهاب المفاصل الروماتويدي، وهي حالة طويلة الأمد تسبب الألم والتورم والتهاب المفاصل وتصلبها. بعد نظرة ثانية على هؤلاء المرضى، وجدوا أنهم لا يتناسبون تمامًا مع معايير التهاب المفاصل الروماتويدي. بل استوفوا تشخيص متلازمة الألم العضلي الليفي، وهي حالة أخرى طويلة الأمد تسبب الألم في جميع أنحاء الجسم وتيبس العضلات. الأغرب أن الأشعة السينية كشفت أن العديد من المرضى لديهم نمو شبيه بالمهماز ينمو على بعض عظامهم. وكان المرضى يعانون نقصًا ملحوظًا في فيتامين د.
توصلت دراسة جديدة إلى أن التعرض لأنواع معينة من تلوث الهواء يرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض المفاصل المؤلمة المعروفة باسم التهاب المفاصل الروماتويدي.
هذا الارتباط أقوى في حالة ثاني أكسيد الكبريت، وهو أحد ملوثات الهواء الستة الأكثر شيوعًا في الولايات المتحدة، وفقًا لنتائج دراستين من المقرر تقديمهما في الاجتماع السنوي للكلية الأمريكية لأمراض الروماتيزم في شيكاغو.
في الدراسة، فحص الباحثون حالة 2092 مريضًا بالتهاب المفاصل الروماتويدي، وأكثر من 93000 شخص غير مصاب بالمرض في الولايات المتحدة والسويد، واستخدموا عناوين منازلهم لتقدير تعرضهم طويل المدى للعديد من ملوثات الهواء الشائعة من الغازات –مثل أول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وثاني أكسيد النيتروجين- والجسيمات: الدخان أو الغبار.
لم يوجد دليل على زيادة خطر الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي بزيادة تلوث الهواء بالجسيمات. في حين وجد الباحثون أن زيادة التعرض لثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين في السنوات العشر إلى العشرين التي سبقت ظهور التهاب المفاصل ارتبطت بزيادة خطر الإصابة بالمرض بين المشاركين السويديين.
أما في الشرق الأوسط، فيعتقد الباحثون أن الأمر يتعلق بمعدن الكادميوم الثقيل السام، ونقص فيتامين د. إذ توجد في الشرق الأوسط مستويات عالية جدًا من نقص فيتامين (د)، وهو أمر غريب أن هذه المنطقة المشمسة بها مستويات عالية من الأشعة فوق البنفسجية الضرورية لإنتاج فيتامين د3 لدى البشر.
تستشهد الدراسة ببحث سابق يُظهر أن نقص فيتامين (د) في الشرق الأوسط يرتبط بالتلوث بالمعادن الثقيلة، مثل الكادميوم والرصاص، مع أن العادات والنظام الغذائي والجينات لها دور أيضًا. لا توجد الكثير من الأدلة حول تلوث الكادميوم في الشرق الأوسط، لكن بعض الدراسات تشير إلى وجود مستويات كبيرة من المعدن الثقيل السام في بعض الأطعمة في المنطقة، خاصةً الأرز. يتراكم الكادميوم في الكلى، التي تؤدي دورًا مهمًا في فعالية فيتامين د للجسم.
يجادل الباحثون بأن نقص فيتامين (د) أدى إلى إصابة العديد من المرضى بفرط نشاط جارات الدرق الثانوي (SHPT)، وهي حالة تفرز فيها الغدد جارات الدرقية الكثير من هرمون الغدة جار درقية (PTH). وُجد أن 75% من هؤلاء المرضى لديهم مستويات عالية بدرجة غير طبيعية من هرمون الغدة جار درقية. يرتبط نقص فيتامين د3 وفرط نشاط جارات الدرق الثانوي بمتلازمة الألم العضلي الليفي، التي تسبب آلامًا في المفاصل.
سُميت الحالة متلازمة ألم الشرق الأوسط، لارتباط ظهور الحالات بالمنطقة. مع ذلك، مثل مرض لايم أو فيروس غرب النيل، فإن المرض لا يرتبط بالضرورة جغرافيًا، بل يمكن العثور عليه في أي شخص يعاني نقص فيتامين د والتعرض لملوثات المعادن الثقيلة.
استنتجت الدراسة أنه يجب اعتبار تلوث الكادميوم أحد التحديات الكبرى في الألفية الجديدة، التي تجب معالجتها بكفاءة، لمنع العديد من المخاطر الصحية المؤثرة.
اقرأ أيضًا:
سلسلة السموم في حياتنا، الجزء الثاني: الكادميوم
كل ما تحتاج معرفته عن الروماتيزم أو التهاب المفاصل الرثياني
ترجمة: عمار يوسف
تدقيق: نور عباس
المصادر: iflscience, medicinenet