غالبًا ما تكون علاجات السرطان قاسية ومؤلمة، والنموذج الأكثر شيوعًا هنا هو العلاج الكيميائي، الذي يهدف إلى قتل الأورام عن طريق استهداف الخلايا التي تنمو بسرعة في جميع أنحاء الجسم، وعادةً ما يتم قتل الخلايا السليمة في العملية.

تلك الأيام ربما تنتهي قريبًا، لأنّ باحثين في كندا تمكنوا من خلق نوع من الجسيمات النانوية – متناهية الصغر- متحولة الشكل، بإمكانها تحديد الأورام وإيصال أدوية العلاج الكيميائي مباشرةً اليها دون التأثير على باقي خلايا الجسم.

عمل فريق البحث بقيادة وارن تشان Warren Chan من جامعة تورنتو University of Toronto لأكثر من عشر سنوات، في محاولةٍ للتوصل إلى طريقة لجعل العقاقير المضادة للسرطان مكافحة فقط للأورام الخبيثة.

جرت العادةً أن تُعطى هذه العقاقير عبر مجرى الدم، ومن ثَمّ يقوم الدم بتوزيعها إلى جميع أنحاء الجسم، فتقتل الخلايا السليمة في طريقها. هذه العلاجات ليست فقط غير فعالة و دون أساليب مجدية، بل أيضًا تسبب عدد كبير من الآثار الجانبية الكريهة مثل آلام المعدة، الغثيان، وفقدان الشعر، ولأنّ خلايا هذه الأماكن تنمو بسرعة فتبدو للعقاقير وكأنها خلايا سرطانية.

بعد دراسة كيفية عمل العلاجات العادية، وكيف أنّ علامات معينة في DNA يمكن أن تعطي إشارات للسرطان، توصل تشان وفريقه إلى جسيمات نانوية متحولة الشكل، مصنوعة من معدن يمكنه الارتباط بخيوط DNA. هذه الجسيمات سوف تسبح خلال مجرى الدم، وترتبط بالخلايا السرطانية ثُمَّ تقوم بتغيير شكلها وتزود الخلايا بالعلاج أو تعطي الطبيب المعالج إشارة عنها.

لكن لماذا يجب على هذه الجسيمات أن تقوم بتغيير شكلها؟

حسب قول تشان:« أنّ جسمك أساسًا هو سلسلة من الأقسام، تخيّل أنّه كمنزلٍ ضخم بغرفٍ داخلية، ونحنُ في محاولة لمعرفة كيفية الحصول على شيء من الخارج إلى داخل غرفة واحدة محددة، علينا وضع خارطة ونظام يُمكّن من التحرك خلال المنزل، حيثُ أنّ كل مسار يقود في النهاية إلى غرفة ولكن ربما يكون هناك قيود في المسار كالطول والعرض».

امتلاك هذه الجزيئات قدرة على تغيير شكلها يسمح لها بالتدفق بحرية إلى أي منطقة في الجسم، كما أنّ ارتباطها بخيوط DNA يُمكّنها من البحث عن أنواع مختلفة من السرطان لأنّ كل ورم مختلف قليلًا، حيث أنّ الاختلاف البسيط بين الأورام يجعل التمييز بينها وتَتَبّعها صعب، ولهذا السبب بقي العلاج الكيميائي التقليدي هو العلاج المقصود لعدة سنوات.

قال تشان:« نحن ننظر إلى هذه المشاكل، كمثل أنّك تسير من تورنتو إلى فانكوفر، ولكن لا أحد يخبرك كيفية الوصول إلى هناك، لا أحد يعطيك الخارطة، أو تذكرة طائرة، أو سيارة، وهذا ما نحن فيه في هذا المجال». وقال أيضًا:« إنّ فكرة استهداف العقاقير للأورام مثل معرفة كيفية التوجه إلى فانكوفر، إنّه مبدأٌ بسيط، لكن الحصول عليه ليس سهلًا إذا لم يتم توفير معلومات كافية».

وأضافَ قائلًا:« نحن نتعامل فقط مع جزءٍ بسيط بشأن كيفية عمل تقنية النانو في إيصال العلاج داخل الجسم، لذا نحن الآن مستمرين في العمل من أجل استكشاف لماذا وكيف تسمح أو تمنع الأورام وغيرها من الأعضاء أشياء معينة من الدخول؟».

لا يزال هناك الكثير من البحوث يجب القيام بها قبل رؤية الاستخدام الصحيح للجسيمات النانوية في المستشفيات في جميع أنحاء العالم، لكن العثور على علاج السرطان الذي بإمكانه استهداف الأورام على وجه التحديد هو خطوة كبيرة للأمام».


 

المصدر