وفقًا لدراسة جديدة، اتضح أن ناجية من السرطان أصيبت بفيروس كورونا لما لا يقل عن 335 يومًا، وتُعد هذه أطول حالة موثقة لكوفيد-19 حتى يومنا هذا.¹
نُشرَت نسخة أولية للنتائج على موقع MedRxiv في مطلع شهر أكتوبر 2021 وما زالت لم تخضع لمراجعة الزملاء بعد.¹
أُدخِلت مريضة السرطان البالغة 47 عامًا من العمر -لم يُكشَف اسمها في الدراسة- إلى مستشفى هيئة المعاهد الوطنية للصحة في ولاية ماريلاند بعد إصابتها بكوفيد-19 لأول مرة في ربيع 2020. ¹
بعد عشرة أشهر أظهرت خلالها أعراضًا طفيفة لكوفيد-19 أو لم تُظهر أعراضًا على الإطلاق، وجد أطباؤها أن نتائج فحوصاتها ما زالت إيجابية.¹
كانت المريضة تعاني نقصًا في المناعة بعد أن خضعت لعلاج ناجح لسرطان الدم قبل ثلاث سنوات، إذ انخفضت مستويات الخلايا اللمفاوية البائية التي تنتج الأجسام المضادة لديها بعد العلاج،¹ وأصبحت المريضة نتيجةً لذلك معرضة أكثر إلى الإصابة بعدوى متفاقمة ومزمنة.²
بعد أن ظلت نتائج فحوصات المريضة إيجابية، ظنّ أطباؤها في البداية أنها كانت نتائج إيجابية زائفة وأنها كانت تلتقط قطعًا فيروسية غير مؤذية متبقية في جسمها بعد شفائها من العدوى.²
غير أنه عندما ارتفع الحمل الفيروسي لدى المريضة مجددًا في شهر مارس 2021 -بعد أن كان منخفضًا بشدة-، قرر الأطباء فحص تسلسل جينوم الفيروس أملًا في العثور على إجابات لتساؤلاتهم؛ هل هذه نفس العدوى التي أصيبت بها المريضة وفشل جسمها في القضاء عليها طوال تلك الفترة؟ أم أنها أصيبت مجددًا بسلالة مختلفة من الفيروس؟ ²
أظهرت نتائج الفحص أن فيروس كورونا لدى مريضة السرطان كان شبيهًا بالفيروس الذي أصيبت به منذ عشرة أشهر إلى حد كبير، إذ تبين أنه أحد سلالات فيروس SARS-CoV-2 الأولى التي لم تَعُد منتشرة في الوقت الراهن.²
وفقًا لتطبيق ZOE COVID Study المخصص للإبلاغ الذاتي عن أعراض كوفيد-19: تختفي الأعراض لدى معظم الأشخاص بعد 10 إلى 11 يومًا في المتوسط، وتستمر لأسابيع أو أشهر فقط لدى 5-10% من الناس، ما يجعل هذه الحالة شاذة إلى حد ما.²
تقول الطبيبة فيرونيك ناسنبلات، اختصاصية الأمراض المعدية بهيئة المعاهد الوطنية للصحة التي كانت مسؤولة عن علاج المريضة: «لم أسمع أبدًا بمريض زراعة أُصيب بالأنفلونزا مدة سنة، إن هذه فترة طويلة حقًا».²
أظهر فحص جينوم الفيروس كذلك طفرتي حذف جينيّ قد تفسر كيفية تطور الفيروس عند تعرضه إلى مكافحة الجهاز المناعي الضعيف لدى المريضة؛ كانت الطفرة الأولى في الجين الذي ينتج البروتين الشوكي الذي يستخدمه الفيروس للدخول إلى الخلايا، أما الطفرة الثانية فكانت أكثر إثارة للاهتمام وفقًا للفريق؛ كان موقعها قريبًا من تسلسل جين البروتين الشوكي وكانت أوسع نطاقًا من الطفرة الأولى.²
ينتج عن هذه الطفرات متغيرات جديدة، ما يتيح الفرصة للفيروس بأن يتسلل من استجاباتنا المناعية ويستمر في إصابتنا بالمرض؛ بإمكان العدوى المزمنة لدى الأشخاص الذين يعانون نقصًا مناعيًا أن تساعد على حدوث ذلك؛ لأن الفيروس يتمكن في هذه الحالة من نسخ نفسه على مراحل متكررة ولا يتعرض خلالها إلا لاستجابة مناعية جزئية من المريض، لذا فإنه يصبح قادرًا على التطور باستمرار لمواجهتها.²
توفر الدراسات من هذا النوع معلومات عن عدوى كوفيد-19 لدى الأشخاص المصابين بنقص المناعة، وتساعد العلماء على فهم كيفية تطور الفيروس،¹ فعلى سبيل المثال، وجدت دراسة على امرأة مصابة بفيروس نقص المناعة HIV حملت فيروس كورونا لمدة 216 يوم أن الفيروس تحور لديها 30 مرةً على الأقل،¹ ومن المحتمل أن متحور ألفا ظهر أول مرة عند شخص يعاني نقص المناعة.²
لذلك فإن وقاية الأشخاص المصابين بنقص المناعة مهمة للغاية من أجل الحد من فرص تحور الفيروس إلى متغيرات جديدة والحفاظ على صحتهم.²
إن الأشخاص المصابين بنقص المناعة أقل ميلًا إلى شنّ استجابة مناعية قوية ضد كوفيد-19 بعد أخذ جرعتي اللقاح فحسب، ما يزيد من عرضتهم إلى الإصابة بالعدوى، لذا، وافقت هيئات الرقابة التنظيمية الأمريكية على إعطاء جرعة ثالثة من اللقاح للأفراد منقوصي المناعة، أملًا في أن تساعد على تعزيز استجابتهم المناعية.¹
أما بالنسبة إلى مريضة السرطان ، فكانت نهاية قصتها سعيدة، إذ بعد أن أُدخلت إلى المستشفى مرة ثانية، تحسنت رئتاها وانخفضت مؤشرات الالتهاب في دمها.¹ لم تتحسن أعراضها إلا في شهر أبريل من عام 2021، وأصبحت نتائج فحوصاتها سلبية أخيرًا بعد 335 يوم من تشخيصها بالعدوى، ووفقًا لمجلة ساينس نيوز، كُرِّرت فحوصات كوفيد-19 أكثر من مرة وكانت جميعها سلبية.²
اقرأ أيضًا:
العلاقة بين الجهاز المناعي والسرطان
ما هي الخلايا اللمفاوية (اللمفاويات)؟ وما المستويات الصحية لها؟
منظمة الصحة العالمية تحدد متحورًا جديدًا من فيروس كوفيد مثيرًا للاهتمام
ترجمة: رحاب القاضي
تدقيق: أحمد الحميّد
مراجعة: نغم رابي