تبدأ أدمغتنا بالعمل عندما تخلد أجسامنا للنوم. هل تريد درجاتٍ أفضل؟ إذن فلتخصص وقتًا كافيًا للنوم، ولكن لا يقتصر النوم الجيد على عدد الساعات التي تقضيها في السرير، إنه يتعلق بالاستمرارية أيضًا.
في بحثٍ أجراه تيم بونو -محاضر في جامعة واشنطن، قسم علم النفس، كلية العلوم والفنون- وجد أن الطلاب الذين ينامون جيدًا خلال الليل يحصلون على درجاتٍ أفضل في الدراسة، ويشعرون برفاهيةٍ أكثر ممن لا يلتزمون بجدول نومٍ ثابت. يقول بونو: «لا يجوز تقليل ساعات النوم في ليلةٍ وتوقع تعويضها في الليلة القادمة».
تتبعت دراسة بونو 97 طالبًا جامعيًا في سنتهم الأولى خلال الفصل الأول في جامعة واشنطن، وكانت النتيجة أن الطلاب الذين ناموا بطريقةٍ ثابتة خلال ليالي الدراسة حصلوا على معدلاتٍ بمتوسط 3.66 من 4، أما الطلاب الذين تقلب جدول نومهم من ليلةٍ إلى أخرى فقد كان متوسط معدلاتهم 3.21، وقد أفاد الطلاب ذوو النمط الثابت في النوم أنهم يشعرون بمستوى عالٍ من الرفاهية، وكانت النتائج مشابهة عند إجراء اختبار SAT وتقويم مستوى السعادة.
أفاد بونو أن 7 إلى 8 ساعات من النوم في الليلة الواحدة يعد مثاليًا، وقال: «عندما سألنا الطلاب عن أكثر ما يعيق تحسن أدائهم الأكاديمي أُشير إلى صعوبات النوم أكثر من الحنين إلى الأسرة وصعوبة التوافق مع زميل السكن، بل وأكثر من مشاكل الصحة والاكتئاب».
إن النوم 4 ساعاتٍ في بعض الليالي والنوم 18 ساعة في أخرى، لن يعطي نتيجة النوم لثمان ساعاتٍ كل ليلة، ولكن لماذا؟
يقول بونو: «يرجع السبب إلى إيقاعنا اليومي، لا يهم ما تقوله ساعتك الموضوعة على المكتب، فجسمك لديه ساعته الداخلية، ودورة النوم المتقلبة لن تتسق مع دورات الجسم الطبيعية الأخرى».
يفرض الأبوان روتينًا معينًا للنوم في مرحلة الدراسة الثانوية، أما في الجامعة فيغدو الطالب أكثر حرية وتتوالى عليه المسؤوليات وتجذبه مختلف الملهيات.
يفيد بونو: «مع تراكم الواجبات والأنشطة المنزلية، غالبًا ما يكون النوم هو أول ما يستبعد، وهذه مشكلة لأنه عندما نخلد إلى النوم، يبدأ الدماغ بالعمل، و ينقل الدماغ المعلومات التي تعلمتها إلى مناطق التخزين مثل الحُصين حتى تتمكن من استذكارها لاحقًا».
يحدث تثبيت الذاكرة في أثناء فترة حركة العين السريعة، التي تستمر لفترة أطول كلما أطلنا وقت النوم، وبالتالي، فإن قلة النوم تخدع أدمغتنا في بعض فترات النوم الأكثر إنتاجية، يضيف بونو: «هذا هو السبب في أنني أخبر من يستشيرني إن الأشخاص الذين يقضون الليل في الدراسة ليسوا فقط قليلي الإنتاج، بل إنهم يحصلون على نتائج عكسية أيضًا».
ينصح بونو طلابه بتحديد جدولٍ للنوم، وهو بدوره يعمل بهذه النصيحة، فيستخدم تطبيقًا على الجوال ليتأكد من ذهابه إلى السرير في الوقت عينه كل يوم. يطلب بونو من طلبته أيضًا أن يتركوا تصفح هواتفهم قبل ساعة من النوم، فالضوء الصادر من تلك الأجهزة يثبط إفراز الميلاتونين، الذي يفعّل شعورنا بالنعاس.
الأهم من ذلك كله، لا تدخل في أولمبياد المعاناة وتتسابق مع باقي الطلاب على قلة عدد ساعات النوم، يقول بونو: «عندما يقول طالبٌ إنه لم ينم سوى 5 ساعات، يقفز الآخر قائلًا بأنه نام 4 ساعات فقط. عليه أن يجيب زميله بشيءٍ مثل: كيف تعتني بنفسك إذًا؟».
إن المشكلة تكمن في إضاعة الطلاب ساعات نومهم من أجل الحصول على درجاتٍ أفضل، ولكن الأبحاث تفيد أن من ينام أكثر يُحصّل درجاتٍ أعلى.
حدد أعضاء المجلس الاستشاري لصحة الطلاب -الذين يعرضون وجهات نظر الطلاب إلى هيئة الخدمة الصحية الجامعية- النوم أحد أهم محاور التركيز هذا العام. فقد استشاروا باحثي النوم ووضعوا توصيات للأطباء حول كيفية التعامل مع النوم عند الطلاب المرضى.
ليس خافيًا ميل طلبة الجامعات إلى تقصير وقت النوم لتحقيق الاستفادة المثلى من ساعات اليوم، لكن هذا الجيل مختلف، ويركز الباحثون جهودهم على دراسة النوم عند طلاب الجامعات، لأنهم إحدى أكثر الفئات المعرضة للمعاناة من نقص النوم. يخلد طلاب الجامعات إلى النوم متأخرين ساعةً أو اثنتين، وينقص عدد ساعات نومهم عما كان عند الأجيال السابقة. لذا، فإن 75٪ من الطلاب الجامعيين لا ينامون بما يكفي للشعور بالراحة خمسة أيام أو أكثر في الأسبوع، وذكر 19٪ أن صعوبات النوم كان لها تأثير على الأداء الأكاديمي في عامهم الماضي.
تعد ساعات النوم التي ينامها الطالب الجامعي إحدى أهم المؤشرات التي تؤثر في نجاحه الأكاديمي، فالنوم هو المؤثر الأهم في تمكين الطلاب من تخزين واستذكار المعلومات وتثبيتها، ودون النوم سيعمل الناس بجهدٍ أكبر ولكن لن يقدموا الإنتاجية نفسها.
أخذ المجلس الاستشاري لصحة الطلاب هذه الحقائق في الاعتبار، ثم قدم التوصيات التالية للأطباء في عملهم مع الطلاب، ما قد يساعد أيضًا في أثناء التحدث مع الطالب.
- تشجيع النوم في ساعةٍ معينةٍ، وهذا أسهل من تحديد وقتٍ للنوم.
- التركيز على التغيرات السلوكية لتحسين النوم، والأدوية نادرًا ما تكون ضرورية، فببساطة يمكن أن يمارس الطلاب بعض تمارين الاسترخاء قبل النوم لتحسين النوم، مثل تجنب أداء الواجب قبل الخلود للنوم مباشرةً أو أدائه في السرير، والابتعاد عن الحاسوب والتلفاز قبل النوم.
- الحث على عادة القيلولة، معظم الطلاب لا ينامون جيدًا في الليل، والقيلولة تساعدهم على إحداث تغييرٍ. يظهر بحثٌ أن قيلولةً مدتها من 10 إلى 45 دقيقة ما يكفي قبل دخول الدماغ في وضعية حركة العين السريعة ستحسن الأداء.
اقرأ أيضًا:
وضعية النوم الافضل: على الظهر أم على الجانب أم على البطن؟
لماذا النوم مهم جدًا لفقدان الوزن؟
ترجمة: ليلى حمدون
تدقيق: نور عباس
مراجعة: حسين جرود