إن إنجاب طفل يترك أثره على الدماغ. معظم البحوث في هذا المجال ركّزت على الأم، غير أن العلماء بدؤوا مؤخرًا بدراسة الآباء. الدوائر الكهربائية العصبية التي يقوم عليها السلوك الأبوي تبدو متينةً عند الأم بعد عدة أسابيع من قدوم المولود الجديد، غير أنه عند الآباء قد يأخذ هذا النمو عدة أشهر.
قامت دراسة أجرتها «Social Neuroscience» بتحليل ١٦ والدًا بعد عدة أسابيع من قدوم المولود، ومرة أخرى بعد عدة أشهر. تحقّق الباحثون عند كل فحص من أي أعراض للاكتئاب من خلال امتحان (اختيار من متعدد)، وقاموا بتصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي. عند مقارنة النتائج بالفحوصات الأولية؛ تبيّن أن نتائج التصوير بعد 3-4 أشهر من الولادة، أظهرت نموًا في المهاد «hypothalamus»، ولوزة المخيخ «amygdala»، ومناطق أخرى تتحكّم بالمشاعر والحوافز واتخاذ القرار. الآباء الذين أظهروا نموًا أكبر في هذه المناطق كانوا أقل عرضة لظهور أعراض الاكتئاب بحسب بيليونج كيم «Pilyoung Kim» المحرّرة الرئيسية للدراسة، والتي تُدير مختبر العائلة والطفل لعلم الأعصاب في جامعة دينيفر.
بالرغم من أن بعض التغيّرات الفيزيولوجية في الدماغ هي ذاتها في الأمهات والآباء الحديثين؛ فإن هناك تغيّرات أخرى تبدو مختلفة، وقد تكون ذات صلة بدور كلّ من الوالدين. هذا ما قاله جيمس سوين «James Swain» الطبيب النفسي في جامعة ميشيغان.
أظهرت دراسة سلوكية أُجريت عام 2014 على الآباء المرتقبين، بأن التصوير بالموجات فوق الصوتية في منتصف الحمل كانت لحظة ساحرة في انبثاق تواصل الأب مع ابنه. غير أن هذا الرابط العاطفي يبدو مختلفًا عند الأم الحامل. فبدل التفكير باحتضان أو إطعام المولود؛ ركّز الآباء المرتقبون على المستقبل: تخيّلوا أنفسهم يوفرون المال لأقساط الجامعة، أو تخيّلوا أنفسهم في حفل زفاف ابنتهم.
“إنه لأمر مثير للاهتمام، كيف كان الأولاد محور صور الآباء”، هذا ما قالته توفا والش «Tova Walsh» عالمة النفس في جامعة ويسكونسن وقائدة هذه الدراسة. وأضافت: “لم أسمع الآباء يتحدثون عن تنويم أبنائهم وقت القيلولة، ولا تغيير الحفاضات”.
المناطق التي زاد حجمها عند الأم والأب هي:
1- تحت المهاد hypothalamus: يتحكم بإنتاج الهرمونات كالدوبامين والأوكسيتوسن المرتبطين بالتعلق العاطفي.
2- المهاد thalamus: مرتبط بالإدراك الحسي، قد يساعد الأهل في فهم تحرّكات الطفل والأصوات التي يصدرها.
3- اللوزة (لوزة المخيخ) amygdala: تحلّل المشاعر، قد تكون وراء دافع الأبوة أو الأمومة.
4- المخطط striatum: جزء من جهاز المكافأة.
5- قشرة الفص الجبهي prefrontal cortex: تتحكّم باتخاذ القرارات الواعية.
المناطق التي كان التغير فيها محددًا بالجنس:
1- insula: تقلّص حجمها عند الآباء ربما يعكس ذلك التركيز المتزايد على أحداث العائلة. عند الأمهات، زاد حجمها، ربما يعكس الحماية.
2- التلفيف الصدغي العلوي Superior temporal gyrus: له دور في إدراك المشاعر في الوجوه، وفي التحليل السمعي. زاد حجمه عند الآباء.
3- Posterior cingulate cortex: تقلّص حجمها عند الآباء، مرتبطة بإدراكنا الذاتي وتفكيرنا بذواتنا.
4- Fusiform gyrus: مرتبط بالإدراك البصري، تقلّص حجمه عند الآباء، وارتبط ذلك لأسباب غير معروفة بانخفاض نسبة الاكتئاب.