أصدرت الأمم المتحدة تقريرًا عن أكبر تغيّرٍ مناخي حصل في العالم، والاستنتاجات مخيفة للغاية؛ ورغم بصيص الأمل الموجود يجب ألّا نقلل من جدية النتائج. أعدت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC التقرير، وهي هيئة تابعة للأمم المتحدة معنية بتقييم علم أزمة المناخ. تضمّن تقرير هيئة IPCC فريقًا دوليًا مكونًا من 234 مؤلفًا و 517 مؤلفًا مساهمًا مستخدمين 14 ألف مرجع، ما يوفر أحدث المعلومات المتاحة عن حالة تغير المناخ العالمية.
علّق أندرو واستون أستاذ أبحاث الجمعية الملكية من جامعة إكستر قائلًا: «يقدم تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC تحديثًا شاملًا حول الحقائق المسببة لتغير المناخ في القرن الحالي، وهو ما يجعله تقريرًا محبطًا ومغضبًا».
المعطيات الرئيسية:
خلّفت الغازات الدفيئة الناتجة عن الأنشطة البشرية إرتفاعًا في درجات الحرارة بمقدار 1.1 درجة مئوية (1.98 درجة فهرنهايت) منذ القرن التاسع عشر وإلى الآن، ويمكن التوقع بارتفاع درجة حرارة الكوكب بمقدار 1.5 درجة مئوية خلال السنوات العشرين القادمة ما لم يحدث انخفاض عاجل وسريع وواسع النطاق في انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري.
يُعد هذا الحدث الرئيسي ملحوظًا بشكل خاص، لأن اتفاقية باريس للمناخ حددت هدفًا مثاليًا للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية، ونحن نسارع حاليًا نحو هذا المعيار من ارتفاع الحرارة وبوتيرة مرعبة!
في عالم أكثر حرارةً بمقدار 1.5 درجة مئوية، سنشهد تزايد التغيرات المناخية المثيرة للقلق على كوكبنا، مثل موجات الحرارة المتزايدة والمواسم الدافئة الطويلة والباردة القصيرة، صيفٌ طويل وشتاءٌ قصير.
أما إذا وصلنا إلى زيادة بمقدار 2 درجة مئوية -وهذا مُحتمل في هذا القرن ما لم تحدث تغيرات كبيرة- فإن الأرض ستشهد تغيرات كارثية وستصل درجات الحرارة إلى مقدار يُصعب تحمله وقد تتسبب في أضرار صحية، كما قد تسبب ضررًا للمحاصيل الزراعية في أحيان كثيرة، وستُسبب أيضًا ضررًا كبيرًا للنُظم البيئية، فعلى سبيل المثال، قد يفقد العالم الشعاب المرجانية في درجات حرارة كهذه.
العديد من التغيرات الدائمة -تغيرات لا يمكن إصلاحها- قد بدأت تحدث بالفعل وستزداد تدريجيًا مع ازدياد درجات الحرارة، ويشمل ذلك فقدان الغطاء الثلجي الموسمي وذوبان الصفائح والأنهار الجليدية وفقدان الجليد البحري في أثناء الصيف في القطب الشمالي، يمكننا أيضًا توقع هطول أمطار أكثر غزارة وما يرتبط بها من فيضانات، إضافةً إلى زيادة حالات الجفاف الحاد في العديد من المناطق، وستشهد المناطق الساحلية أيضًا ارتفاعًا مستمرًا في مستوى سطح البحر خلال القرن الواحد والعشرين، ما يؤدي إلى حدوث العديد من الفيضانات في المناطق الساحلية في مختلف بقاع العالم.
قالت الدكتورة إيلا جيلبرت مساعدة أبحاث ما بعد الدكتوراة في جامعة ريدينغ: «يحدث التغير المناخي أمام أعيننا، وإن الأحداث الأخيرة حول العالم تؤكد هذه الحقيقة من حرائق الغابات المدمرة في كلٍ من كاليفورنيا واليونان وتركيا إلى الفيضانات في كلٍ من بريطانيا وبلجيكا وألمانيا إلى موجات الحر في سيبيريا وكندا، يُذكرنا هذا التقرير بما نعرفه بالفعل -بأنّ هذه الأنواع من الأحداث ستصبح أكثر تواترًا وحدوثًا وسيصعب التعامل معها بالزيادة المستمرة في درجات الحرارة العالمية».
وأضافت: «إن كل تقرير من تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ IPCC يأتي مصحوبًا بدليل قوي على الضرر الذي نلحقه بكوكبنا، وهذه المرة لاتختلف عن سابقتها».
يتضمن التقرير بعض النتائج المتفائلة بشكل غريب، باعتبار البشر هم من يقودون تلك التغييرات، فإننا أيضًا نملك القدرة على إيقافها. يناقش التقرير إمكانية تجنب الكوكب بعض العواقب الكارثية للاحتباس الحراري إذا اتخذت الحكومات وصُناع القرار من السياسيين إجراءات صارمة وسريعة.
ومع ذلك، فإنّ تلك الفرصة تتلاشى سريعًا.
قال بروفيسور علوم نظام الأرض مارك ماسلين من جامعة لندن: «إن هذا التقرير دعوة إلى صحوة علمية وسياسية موجهة إلى جميع حكومات العالم لأخذ التغير المناخي على محمل الجد، وهو بمثابة تذكير بأهمية أزمة المناخ».
اقرأ أيضًا:
الاحتباس الحراري يغير منظومة المحيطات
ما الفرق بين الاحتباس الحراري و التغير المناخي ؟
ترجمة: رفيف داود
تدقيق : أحمد الحميّد