اقترحت دراسة جديدة حلًا للتباين الحاصل في البيانات المُختصة بسرعة توسع الكون، إذ توضح مرحلة جديدة من الحسابات التي ستساعدنا في فهم كيفية توسع كوننا مع مرور الزمن. من المؤكد أن الكون يتوسع، إلا أن العلماء اختلفوا في احتساب سرعة هذا التوسع.
جرى احتساب ثابت هابل الأخير الذي يرمز إلى سرعة توسع الكون بأنه يساوي 46200 ميلًا في الساعة لكل مليون سنة ضوئية وذلك عبر البيانات المُرفقة من إشعاع الخلفية الكونية الميكروي CMB، إلا أن بيانات التلسكوبات المختلفة توصلت إلى أن ثابت هابل يساوي 50400 ميلًا في الساعة لكل مليون سنة ضوئية؛ لذا تبين عدم التوافق بين القيم المُحتسبة، رغم الاختلاف البسيط بينهما.
تبعًا لهذا الاختلاف، اقترح العديد من الباحثين التخلي عن النظرية المُقترحة بين الفريقين، والبحث عن طريقة أفضل للوصول إلى تفسير يُلخص التوسع الكوني.
بدأ الباحثون في السعي لإيجاد قوانين فيزيائية جديدة، للربط وحل هذا الاختلاف في الحسابات.
قالت ويندي فريدمان الباحثة في الفيزياء الكونية من جامعة شيكاغو: «يُعد التساؤل عن وجود قوانين فيزيائية أوسع من النموذج المعياري من أهم التساؤلات العلمية».
عملت فريدمان في الدراسات التي تشمل المتغير السيفيدي الخاص بالنجوم النابضة بصورة منتظمة؛ إذ تبين معها وجود علاقةٍ بين السطوع الفعلي -مستوى سطوع النجم الفعلي إذا كنا نقف بقربه- وبين فترة التردد لهذا الضوء، إذ يتمكن العلماء عبر هذه البيانات من احتساب المسافة التي تفصل بيننا وبين هذا النجم، ومن ثم قياس السرعة التي يتمدد بها الكون عند تلك النقطة في الفضاء.
دعمت بيانات المُتغير السيفيدي، قيمة ثابت هابل التي بلغت 50400 ميلًا في الساعة لكل مليون سنة ضوئية. إلا أن فريمان وفريقها لم يثقوا بالنتائج، وظنوا أنه خطأ حسابي؛ لذا، حاولوا البحث عن طريقة لتأكيد النتائج.
وجد الفريق طريقة لتأكيد النتائج عبر دراسة ضوء النجوم العملاقة الحمراء، إذ تُمثل هذه النجوم مرحلة من حياة النجوم التي تتقارب كتلتها من كتلة نجمنا، إذ تصل إلى أعلى مستوى سطوع في هذه المرحلة؛ لذا يمكن للباحثين مراقبتها وتقدير المسافة التي تفصلنا عنها.
وفي عام 2019، تمكن فريق فريدمان من تحديد قيمة ثابت هابل، إذ عادلت 47300 ميلًا في الساعة لكل مليون سنة ضوئية.
وأُكِدت النتائج باستعمال بيانات لنجم أحمر عملاق يقع في سحابة ماجلان النجمية، وهي مجرةٍ صغيرة تدور حول مجرتنا.
وقد ساهمت جهود العلماء بتأكيد البيانات والرفع من دقة الحسابات المُختصة بثابت هابل باستعمال بيانات من نجوم حمراء عملاقة أخرى.
قالت فريدمان: «أُكدت نتائج الفريق وارتفعت دقتها، مع نسبة خطأ تعادل 2% فقط».
وأضافت: «إن النتائج التي أتينا بها عبر بيانات النجوم الحمراء العملاقة تتوافق مع النتائج السابقة التي استُخدم فيها إشعاع الخلفية الكونية الميكروي».
وأشارت فريدمان إلى أن: «نتائج النجوم العملاقة لا تتوافق مع الحسابات التي أجريت باستعمال المتغير السيفيدي ما يؤدي إلى حدوث أخطاء».
قد يكون سبب هذه الأخطاء الحسابية هو الغبار الكوني الذي يمنع الوصول التام للضوء المنبعث من النجم، إضافة إلى أضواء النجوم المجاورة التي تؤثر أيضًا.
من جهة أخرى، يظن بيرير الباحث في الفريق الذي راقب تأثير المجرات في الضوء بأن هذه النتائج لن تكون النقطة الفاصلة في هذه المعضلة.
ويقول بيرير: «إن الباحثين حاليًا قد حسبوا وتوقعوا سرعة توسع الكون إشارةً إلى أن بعضًا من هذه التوقعات تتوافق مع بعضها». مؤكدًا: «بأن رحلة التعرف على الجواب الأدق ما تزال طويلة».
وافقت فريدمان بيرير، مبشرةً بنتائج أكثر دقة مع إطلاق تلسكوب جيمس ويب الفضائي قريبًا، إذ سُمح لها ولفريقها استعماله لمراقبة النجوم العملاقة والنجوم المتغيرة السيفيدية، ما سيتيح حسابات أدق.
اقرأ أيضًا:
معدل توسع الكون يختلف تبعًا للمكان الذي تنظر إليه
ترجمة: محمد علي مسلماني
تدقيق: تسبيح علي