بعد مئة عام من البحث، يؤكد العلماء اليوم وجود موجات الجاذبية التي تنبأ أينشتين بوجودها، وهذا في الحقيقة شئ مذهل لأنه يعطينا طريقة جديدة لنرى و نفهم الكون.

وجد الفيزيائيون في مرصد ليجو تلك الإشارة في 14 سبتمبر من العام الماضي، وتم الكشف عن هذا الإنجاز البطولي اليوم في مؤتمر صحفي تابعه الآلاف، إنه بلا شك أحد الإكتشافات العلمية العظيمة والتى ستصبح مرشحًا كبيرًا لنيل جائزة نوبل.

إن موجات الجاذبية هي شئ مثير خصوصًا إنها آخر تنبؤات أينشتين التي لم يكن قد تم تأكيدها بعد، ويسمح إكتشافنا لتلك الموجات بمعرفة كيف يتشكل الزمكان بواسطة المادة.

طبقًا لنظرية آينشتين فإن نسيج الزمكان ينحني بواسطة المادة وعندما يحدث حدث ما ضخم في الكون مثل اندماج الثقوب السوداء أو إنفجارات النجوم فإن تلك الأحداث ترسل تموجات عبر نسيج الزمكان تمامًا مثلما ترمي حجرًا في بركة.

عندما تصل إلينا تلك الموجات على الأرض فإنها تكون فائقة الضئالة (جزء من المليار من نصف قطر الذرة) وهذا يفسر لماذا من الصعب أن نرصد تلك الموجات.

ولكن بفضل مرصد الليجو تمكننا أخيرًا من رصد تلك الموجات، مرصد الليجو هو مرصد فائق الحساسية و يمكنه كشف تلك الموجات عبر عكس أشعة الليزر خلال أنبوبين طول كل منهما 4 كيلومتر ومراقبة تأثير مثل تلك الموجات على أشعة الليزر تلك.

في يوم 14 سبتمبر الماضي، وجد المرصد إضطرابًا في نسيج الزمكان يتوافق تمامًا مع ما تنبأه آينشتين، تكشف تلك الإشارة عن موجات جاذبية ناتجة عن اندماج ثقبين أسودين كتلتهما 30 مرة قدر كتلة الشمس ويتحركان تجاه بعضهما البعض بسرعة تقدر بنصف سرعة الضوء ما يجعلنا نتخيل كبر مثل ذلك الإصطدام، وقع هذا الحدث على بعد 1.3 مليار سنة ضوئية من الأرض أي إننا نتحدث عن حدث وقع منذ 1.3 مليار عام.

استغرق فريق مرصد الليجو شهورًا للتأكد من أن تلك الإشارة حقيقية وليست ناتجة عن ضوضاء أو خطأ في الآلات.

استطاع فريق الليجو قياس موجة الجاذبية الصغيرة تلك عبر كلا المرصدين التابعين لهما في نفس الوقت، أحدهما في ليفينجستون لويزيانا والآخر في هانفورد واشنطن، لقد كانت الإشارة ضعيفة جدًا لدرجة إنهما لم يصدقا إن تلك الإشارة حقيقية.

a

وحدة القياس هنا هي التوتر strain والتي تعني التوتر في نسيج الزمكان، وهي كما نرى ضئيلة جدًا واستغرقت وقتًا لكي يتم أزالة الضوضاء في الخلفية.

“إن تلك الموجات التي تم رصدها نشأت منذ أكثر من مليار سنة مضت أي منذ بدأ الحياة متعددة الخلايا هنا على الأرض” هذا ما صرحت به المتحدثة الرسمية بإسم مرصد الليجو أثناء المؤتمر.

مع وجود العديد من المراصد الجديدة التي ستدخل الخدمة العام القادم ستزيد القدرة على رصد وتتبع مصادر تلك الموجات.

كيف يعمل مرصد ليجو؟ إنه يقوم بإرسال أشعة الليزر عبر أنابيب ليتم عكسها ثانية ذهاب وعودة هكذا، وأي تموجات في نسيج الزمكان ستسبب تغير طول شعاع الليزر وبالتالي توقيت وصوله وهو ما سيلقطه الكواشف التي تراقب شعاع الليزر.

صرح فريق الليجو أيضًا أن رصد موجات الجاذبية تم نشره اليوم في دورية Physical Review Letters مع وجود العديد من الأوراق الأخرى التي ستنشر لاحقًا.

ولأن الإصطدام استغرق وقتًا قليلًا جدًا فإن الطاقة الناتجة لم تكون كبيرة جدًا، ما يعادل أخذ ثلاثة شموس والقضاء عليهم معًا.

سيعمل فريق الليجو أيضًا على زيادة حساسية أجهزة المرصد لرصد المزيد والمزيد من الإشارات أيضًا.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟ من الأشياء المثيرة هو إنه سيتم إطلاق مرصد ليزا الفضائي LISA – the Laser Interferometer Space Antenna Project وهو مشابه لمرصد الليجو ولكنه سيعمل بدون وجود تلك الضوضاء في الخلفية الموجودة على الأرض.

يفتح ذلك الإكتشاف عصرًا جديدًا في مجال الفيزياء والرصد الفلكي، أصبح بأيدينا اليوم أداة جديدة يمكننا بها مراقبة السماء بجانب المراصد التقليدية العاملة على رصد مختلف أطياف الأشعة الكهرومغناطيسية.

لمراجعة مقالتنا السابقة عن سر أهمية تلك الموجات:
http://172.104.145.106:8080/ibelieveinsci.com/?p=10515