لمصطلح التمويل الذاتي التمهيدي معنيان مختلفان، فهو من جهة يشير إلى الحالة التي يؤسّس فيها رواد الأعمال شركات اعتمادًا على أموالهم الخاصة بدلًا من الاستثمارات الخارجية فتُبنى تلك الشركات الناشئة بتمويل شخصي من الأفراد إضافةً إلى الإيرادات المتحصلة من العمليات التشغيلية. ومن جهة أخرى، يصف هذا المصطلح طريقة استخدام أرقام السوق في حساب منحنى عائد السندات بلا فوائد – zero coupon bonds.
مفهوم التّمويل الذاتي التمهيدي
على النقيض من الشركات المبنية على تمويل المستثمرين أو شركات رأس المال المجازف، تُؤسَس شركات التمويل الذاتي التمهيدي بموجودات قليلة، ويُبنى نجاحها على مدخرات أصحابها الشخصية، أو مساهمتهم بعملهم، وعلى تلافي الهدر في العمليات، ودوران المخزون السريع، إضافةً إلى الاحتفاظ بمستويات كافية من النقد.
على سبيل المثال، قد تعتمد تلك الشركات على الطلبات المسبقة، ومن ثم تُستخدم الأموال المتحصّلة عن تلك الطلبات في صناعة وتوصيل المنتجات.
يمنح التّمويل الذاتي التّمهيدي رائد الأعمال حرية التصرّف واتخاذ القرار مقارنة مع التمويل برأس المال المجازف. أما مساوئ هذه الطريقة فتكمن في احتمال تعريض رائد الأعمال إلى مخاطر هو في غنًى عنها، إضافة إلى احتمال عدم توفّر قدر كافٍ من الاستثمار ما قد يؤخّر نجاح الشركة.
أما في عالم الاستثمارات المالية، فالتمويل الذاتي التمهيدي طريقة لبناء منحنى سعر الصرف الفوري للسندات بلا فوائد. وتُستخدم هذه الطريقة بصورة أساسية في ملء الفجوات في العوائد على سندات الخزينة أو السندات بلا فوائد. إذ تُصدر الحكومات سندات الخزينة، مثلًا، لفترات محدّدة فقط. وعندها تستخدم طريقة التمويل الذاتي التمهيدي في حساب الأرقام المفقودة واشتقاق منحنى العائد اعتمادًا على الاستقراء الذي يحدّد عوائد السندات بلا فوائد على اختلاف تواريخ استحقاقها.
أمثلة على التمويل الذاتي التمهيدي
توجد أمثلة كثيرة ناجحة على شركات التمويل الذاتي التمهيدي ومنها منصّة البحث عن المنازل Estately التي اعتمدت على التمويل الذاتي التمهيدي من مؤسسَيها، غالين وارد ودوغلاس كول.
كان وارد قد ترك عمله ليؤسّس الشركة عام 2007، وأقنع شريكه أن يترك دراسته وينضّم إليه.
كانت مدخّرات الشريكَيْن المؤسّسَيْن الشخصية تكفي مدة سنة واحدة، استثمرا منها 4000 دولار في شراء حاسوب خادم رخيص الثمن وتسديد مصاريف التأسيس وغيرها من المصاريف المتفرّقة.
نمت الشركة حتى حقّقت مليون دولار من الإيرادات عام 2014 وتشير التقارير إلى أنها توظّف 17 موظفًا.
قد تقرّر بعض شركات التمويل الذاتي التمهيدي، وإن حقّقت نجاحًا، الحصول على استثمارات مستقبلية. في الواقع، هذا ما يحصل عادةً إذ تبدأ الشركات الناجحة بالاعتماد على التمويل الخارجي لتسريع نموّ أعمالها.
كانت هذه حالة شركة GoPro التي أُنشئت بالتمويل الذاتي التمهيدي من مؤسسها، نيك وودمان، الذي استثمر مدّخراته الشخصية واقترض 35,000 دولار من والدته، وبعد 10 سنوات من تأسيس الشركة، أخذ وودمان استثمارًا بقيمة 200 مليون دولار من شركة Foxconn، ثم أكملت الشركة طرح الأسهم الأولي محقّقةً قيمةً قدرها 3 مليارات دولار.
اقرأ أيضًا:
ترجمة: مالك عوكان
تدقيق: حسين جرود