عندما ننظر للأعلى نحو مجرتنا، فإننا ننظر للماضي ونسافر عبر الزمن. في بداية القرن الواحد والعشرين، تمكنّا من تحديد النجوم في محيطنا على خريطة ثلاثية الأبعاد. أقرب نجم لنا ليس شرطًا أن يكون أحد النجوم التي نراها ، لأن رؤية النجم تعتمد على بعده عنا وسطوعه الحقيقي.
يسافر الضوء بسرعة محددة عبر الفضاء السحيق
في نسيج الفضاء تسافر كل الأشعة الضوئية، بصرف النظر عن طولها الموجي أو طاقتها، بذات السرعة، وهي سرعة الضوء في الفراغ. عندما نشاهد ضوءًا من نجم بعيد، فإننا نشاهد حزمة ضوئية أنهت رحلتها من النجم لعين المشاهد.
الضوء الذي يصلنا اليوم قد سافر سنواتٍ ضوئيةً عديدة، لينهي رحلته في سمائنا.
عندما نرسل إشارة ضوئية من الأرض، فإنها تسافر بسرعة الضوء فقط. يحتاج نجم يبعد عنا 100 سنةٍ ضوئية أن ينتظر 100 سنة قبل أن يستقبل تلك الإشارة.
ذات الأمر عندما ننظر إلى نجم يبعد عنا 100 سنة ضوئية، فإننا نراه على حالته قبل 100 سنة ماضية، وهو الوقت الذي بدأ فيه الشعاع الضوئي رحلته نحونا.
لكل نجم دورة حياة محددة قبل أن يتجه نحو مصيره الأخير. عندما تتشكل نجوم جديدة، فإنها تتفاوت في الكتل والألوان والسطوع وغيرها من الخصائص.
النجوم الأثقل هي الأشد سطوعًا، ولكنها الأقصر عمرًا بين النجوم. بينما النجوم الأقل كتلة تكون أقل سطوعًا وأطول عمرًا، إذ قد تعيش تريليونات من السنين.
تعيش أقصر النجوم عمرًا بين مليون إلى مليوني عام إجمالًا، بينما معظم النجوم تعيش بلايين، بل ترليونات السنين.
تنتج العديد من الكوارث التي تحدث في الفضاء عن الانفجارات النجمية: فإما أن تنهار نواة النجم، وإما أن يحمل النجم كميات عالية من أيونات السليكون وأكاسيد الكربون. معظم النجوم العملاقة تساوي كتلتها مئات أضعاف كتلة شمسنا، وتعيش مليون إلى مليوني عام قبل أن ينفد وقودها وتموت بانفجار نجمي.
في الظروف الطبيعية على الأرض يوجد ما يقارب 9000 نجم يمكن رؤيتها بالعين المجردة. مع تمكننا من رؤية الأجرام البعيدة بالعين المجردة، مثل مجرة درب التبانة، والقليل من المجرات الأبعد من ذلك، هنالك بضعة آلاف من النجوم التي يمكننا رصدها بالعين. حسب صحة بصرك وظروف الليل، فإن معظم البشر يستطيعون مشاهدة 6000 إلى 9000 نجم لو حصرنا السماء في زاوية النظر.
أقرب هذه النجوم لنا يسمى “رِجل القنطور” حيث يبعد 4.3 سنة ضوئية عن الأرض . نجم رجل القنطور (في الأعلى) يتضمن الأجزاء “أ” و “ب” هي جزء من نفس النظام النجمي الثلاثي المسمى القنطور الأقرب الموجود في الدائرة. هذه هي أقرب ثلاثة نجوم إلى الأرض، وتبعد عنا 4.2 إلى 4.4 سنة ضوئية. رجل القنطور (على اليسار) وهو أقل إضاءةً، ولكنه أبعد عنا من جاره الحضار (على اليمين)، ورؤية هذه النجوم سهلة في المناطق الشمالية للكرة الأرضية.
أبعد نجم ظاهر عن الأرض هو “نجم ذات الكرسي V762” والذي يبعد 16000 سنة ضوئية عنا.
الترتيب النجمي لكوكبة ذات الكرسي مشابه للنجوم التي اعتدنا على رؤيتها فهو يشكل حرف W في السماء، لكن الحقيقة بأن الترتيب النجمي يحتوي على آلاف النجوم الخافتة، التي لا تمكن رؤيتها إلا بأدوات فلكية.
المدهش أن معظم النجوم المشعة في سمائنا هي من النوع قليل الكتلة وطويل العمر.
الغالبية العظمى من النجوم في مجرتنا صغيرة الكتلة وضعيفة السطوع، وهي نجوم من نوع M: الأقزام الحمراء في الكون. لكن السواد الأعظم من النجوم التي نراها بأعيننا ليلًا هي نجوم نادرة من نوع “O” و “B” و “A” إضافةً إلى الأقزام الحمراء. لكن الأكثر سطوعًا منها هي الأسهل للرؤية: النجوم العملاقة والعملاقة الضخمة.
مع أن معظم نجوم مجرتنا ذات سطوع قليل وكتلة قليلة فإن أوضحها وأكثرها سهولة للرؤية في السماء هي النجوم العملاقة والنجوم العملاقة الضخمة.
النجوم العملاقة هي نجوم تحتضر وتنتظر مصيرها الحتمي، بانفجار نجمي أو سديم كوكبي. العديد من النجوم العملاقة التي نراها اليوم في طريقها للتحول إلى سديم كوكبي، قبل أن تتوسع أطرافها الخارجية وتموت كخليط من الأقزام البيضاء والسدم الكوكبية.
النجوم العملاقة الضخمة هي الأقصر عمرًا بين النجوم، إذ يبلغ متوسط عمرها أقل من 10 ملايين سنة أرضية.
النجوم التي تظهر في سمائنا ونظن أنها قد ماتت بالفعل: نجم منكب الجوزاء، ونجم إيتا القاعدة، ونجم السماك الأعزل، ونجم آي كي الفرس الأعظم.
تبلغ الاحتمالية التراكمية لموت أحدها: 1%، وذلك لعدم وجود وسيلة مؤكدة للتحقق من موت النجم في الوقت الحاضر. على الجانب الآخر فقد أظهرت الخريطة ثلاثية الأبعاد الصادرة عن هيئة الفضاء الأوروبية، مواقع أكثر من بليون نجم في مجرة درب التبانة، ومن غير المستبعد أن يكون أكثر من نجم من هذه النجوم قد مات، بل المئات منها على الأقل. لكن معظم هذه النجوم ليس مرئيًا بالعين المجردة، وتبعد عنا مئات آلاف السنوات الضوئية.
اقرأ أيضًا:
كيف يكون عمر نجم أكبر من عمر الكون؟
هل نستطيع رؤية النجوم الميتة في سماء ليلنا؟
ترجمة: رؤوف طيلوني
تدقيق: باسل حميدي