توجد مغالطات عديدة عن اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، كما هو الحال في حالات صحية كثيرة أخرى. تؤدي هذه المغالطات عن الحالة الصحية إلى تضرر الأفراد ضمن المجتمع، وقد ينجم عنها مشكلات مثل التأخر في التشخيص والعلاج، ناهيك بسوء فهم الأفراد المتأثرين.
خذ مريضتي فانيسا مثلًا، فقد أمضت سنوات الثانوية والجامعة تعاني الاضطراب، لم تستطع خلال هذه السنوات أن تتذكر المعلومات التي قضت ساعات في تعلمها واستذكارها، وكانت تشعر بالقلق المستمر حيال الواجبات التي يجب عليها أداؤها، لم تفهم ما يحدث لها حتى زارت الطبيب النفسي في الجامعة، إذ شخصها باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط. كان من الممكن مساعدة فانيسا على التعامل مع المرض خلال مسيرتها الدراسية لو علمت تشخيصها مبكرًا.
يعاني 9% من الأطفال اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، في حين يعانيه نحو 4% من البالغين، حسب احصائيات الاتحاد الوطني للاضطرابات العقلية والنفسية، ومن المحتمل أنك تعرف شخصًا يعاني هذا الاضطراب.
جمعتُ هنا خمس خرافات يجب دحضها عن اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، على أمل إلقاء الضوء على واقع هذه الحالة.
1- لا تُصاب الفتيات باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط
عمومًا، لا يدرك الناس إصابة الإناث باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، بسبب قلة احتمالية إصابة الفتيات اليافعات بفرط النشاط، أو قلة إظهارهن للمشكلات السلوكية مقارنةً بالفتيان، لذلك تقل احتمالية إحالة الفتيات لإجراء تقييم طبي لاضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.
تكمن المشكلة في هذه الخرافة أنها تمنع الفتيات اللاتي يعانين اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط من الحصول على العلاج، وعلى هذا تتراجع حالتهن، ما يؤدي إلى حدوث مشكلات مثل:
- المزاجية.
- القلق.
- الشخصية المعادية للمجتمع.
- اضطرابات أخرى مرافقة في سن الرشد.
من المهم تحسين قدرتنا على تمييز الفتيات المصابات باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، وتزويدهن بالدعم الذي يحتجن إليه.
2- تسبب التربية السيئة اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط
يُحضر بعض مرضاي البالغين ذويهم إلى موعدهم، ألاحظ خلال هذه الجلسات أن الأهل غالبًا ما يفصحون عن شعورهم بالذنب ورغبتهم في فعل المزيد لمساعدة أولادهم على التغلب على الاضطراب والتحكم في أعراضهم. يرجع هذا الأمر غالبًا إلى انتشار خرافة تقول إن التربية السيئة تسبب اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، لكن هذا ليس صحيحًا. مع أن التربية مهمة للشخص الذي يعاني اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، فإن العقاب المستمر لأعراض مثل عدم وضوح الكلمات أو القلق أو فرط النشاط أو الاندفاعية قد يكون أكثر ضررًا على المدى الطويل.
يتعرض الأهل للانتقاد بسبب عدم قدرتهم على ضبط تصرفات أولادهم، نتيجة نظرة العديد من الناس إلى هذا النوع من السلوك بأنه دليل على أخلاق الطفل «غير المهذبة»، لذلك يتطلب الأمر عادةً تدخل مُختص لتطبيق العلاج النفسي والدوائي.
3- يُعد الأفراد المصابون باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط كسالى
يشكو العديد من مرضى اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط اتهام الناس لهم بالكسل، ما يشعرهم بالذنب بسبب عدم قدرتهم على الإنتاجية والتحفيز كما يتوقع منهم الآخرون.
يميل الأفراد المصابون بالاضطراب للاحتياج إلى المزيد من التنظيم والتذكير بأداء الواجبات، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالنشاطات التي تتطلب جهدًا ذهنيًا مستمرًا. قد يسيء الناس فهم الاضطراب معتقدين أنه مجرد كسل، بسبب أعراض الاضطراب التي تتمثل بقلة الاهتمام وسوء التنظيم والافتقار إلى الحافز، إلا عندما يتعلق الأمر بنشاط يستمتعون به فعلًا.
في الواقع، يرغب الأفراد المصابون باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط في النجاح حقًا، لكنهم يكافحون لإتمام ما قد يعده البعض مهام «بسيطة»، قد يبدو تصنيف الرسائل أو الرد على البريد إلكتروني أمرًا شاقًا لشخص يعاني هذا الاضطراب، لأنه يتطلب الكثير من الطاقة الذهنية المستمرة.
قد تسبب هذه الخرافة ضررًا كبيرًا للأفراد المصابين، إذ تشعرهم هذه الأحكام بالفشل، الذي قد يتطور لاحقًا إلى انعدام الثقة، ما يشكل عائقًا أمام متابعة خطط الحياة.
4- الإصابة باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط ليس أمرًا خطرًا
قد يؤثر اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط في نوعية حياة الشخص عمومًا، مع أنه لا يُعد اضطرابًا مهددًا للحياة. تزداد احتمالية معاناة الأفراد المصابين بهذه الحالات مما يلي:
- القلق.
- اضطرابات المزاج وتعاطي المخدرات.
يتشارك مرضاي تجربةً شائعةً تتجلى في صعوبة متابعة واجبات العمل خلال خضوعهم للمراقبة المستمرة، فهم يعيشون خوفًا مستمرًا من فقدان وظائفهم وعدم قدرتهم على كسب العيش، ما يؤثر سلبًا في حياتهم الشخصية.
قد يحتاج الأفراد المصابون بالاضطراب وقتًا إضافيًا لإتمام الواجبات بنجاح، لكن لا يوفر أصحاب الأعمال هذه الميزات للأسف، مع أنها قد توجد في بعض البيئات التعليمية، مثل تمديد وقت الامتحان أو الحرص على هدوء قاعات الامتحان.
5- اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط ليس اضطرابًا طبيًا حقيقيًا
أظهرت الأبحاث اختلافات عديدةً بين أدمغة الأفراد المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط والأدمغة العادية. إضافةً إلى ظهور اختلافات في عمل بعض النواقل العصبية في الدماغ مثل الدوبامين والنورإبنفرين والغلوتامات، إذ تؤدي أقسام الدماغ هذه دورًا مهمًا في أداء «العمليات التنفيذية» مثل:
- التخطيط.
- التنظيم.
- بدء المهام.
أظهرت الأبحاث التي أجريت على التوائم وجود عنصر وراثي متعلق باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، فإن أصيب أحد التوأمين المتماثلين بالاضطراب تزداد احتمالية إصابة الآخر أيضًا.
الخلاصة
يحكم الناس عادةً على الأفراد المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط حكمًا غير عادل، إضافةً إلى معاناتهم العديد من الصعوبات مثل:
- بيئات معينة غير مصممة لمساعدتهم على النجاح.
- عدم تشخيصهم مبكرًا.
- مواجهة مجتمع ينكر وجود هذا الاضطراب أصلًا.
لذلك نحتاج إلى دحض الخرافات التي تحيط باضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، ورفع الوعي عن هذه الحالة، وتزويد الأفراد ضمن المجتمع بما يحتاجون إليه للنجاح في جوانب الحياة كافة.
اقرأ أيضًا:
ما هو اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط ( ADHD ) لدى الاطفال ؟
نصائح لرعاية الطفل المصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
ترجمة: قمر بيازيد
تدقيق: راما الهريسي
مراجعة: أكرم محيي الدين