قد تُكشَف الإصابة بنوع وراثي نادر من مرض ألزهايمر عبر فحص دم بسيط، حتى قبل تطور أعراض فقدان الذاكرة بكثير. إذ أظهرت دراسة جديدة أن حالات الإصابة المبكرة بداء ألزهايمر مرتبطة بازدياد مستويات واسم بيولوجي محدد في بلازما الدم.
مرض ألزهايمر هو مصطلح عام لأشكال من الخرف لها مجموعة متنوعة من الأسباب، ما زال معظمها قيد الاكتشاف.
يُسمى أحد أنواعه مرض ألزهايمر العائلي المبكر (ADAD) الذي يورث صفةً سائدة على الصبغيات اللاجنسية، وتسببه طفرة في جين محدد.
ومع أنه يُمثل أقل من 1% من جميع حالات مرض ألزهايمر، فإن أعراضه تتطور بطريقة ملحوظة في وقت مبكر من الحياة مقارنةً بالأشكال الأخرى للمرض، ما يجعله مصدر قلق كبير للأشخاص المعرضين لخطر الإصابة به.
حاليًا، توجد ثلاث طفرات جينية فردية معروفة مرتبطة بالإصابة المبكرة بألزهايمر العائلي المبكر. وبوصفها سمة سائدة تُورث على الصبغيات اللاجنسية، فإن الابن لديه فرصة بنسبة 50% لوراثة النسخة المحورة من الجين، إذا كان أحد الوالدين مصابًا بالمرض.
قد يكون الاختبار الجيني للمرض مُكلفًا ولا يستطيع الكثيرون إجراؤه، لذلك عادةً ينتظر الشخص الذي يعاني والداه ألزهايمر العائلي المبكر لمعرفة هل سيصاب بالمرض بنفسه أم لا.
قد يقودنا اختبار الدم البسيط الذي يُجرى بسهولة وبتكلفة منخفضة إلى تشخيص ألزهايمر العائلي المبكر، إذ إن العلاج المبكر يوقف تقدم المرض منذ وقت اكتشافه.
ليس لمرض ألزهايمر حاليًا سبب أو علاج معروف، ما يصعب التشخيص للغاية. إذ تتغير الصفات البيولوجية للإنسان بكثرة قبل ظهورها صفاتٍ فيزيولوجية واضحة.
وفقًا لمؤسسة الدماغ السويدية، يسبب مرض ألزهايمر 60 – 70% من جميع حالات الخرف.
في مرض ألزهايمر، تتدهور الخلايا العصبية في الدماغ نتيجة التراكم غير الطبيعي لبروتينات بيتا أميلويد وتاو. وتسبب تلف المزيد من الخلايا العصبية في الدماغ، وتتمثل الأعراض بخلل في الوظائف الإدراكية مثل الذاكرة والكلام.
يعمل الباحثون في جميع أنحاء العالم على تطوير اختبار تشخيصي مناسب، لكن معرفة ما يجب استهدافه بالضبط من أجل تشخيص واضح ليس بالأمر السهل. نظرًا إلى أن مرض الزهايمر ليس بالضرورة ناتجًا عن مسار بيولوجي محدد، على هذا نحتاج إلى مجموعة من الاختبارات لمؤشرات حيوية مختلفة لمعرفة جميع العوامل التي قد تسبب المرض.
تُقدم الدراسة السويدية الجديدة دليلًا على وجود واسم بيولوجي جديد يساعد على تشخيص المرض مبكرًا. تستند النتائج إلى دراسة جُمعت بياناتها بين عامي 1994 و2018، تتبعت 33 شخصًا حاملًا للطفرات الجينية التي تُعرضه لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر العائلي المبكر.
مقارنة بـ 42 شخصًا من أقاربهم غير الحاملين للطفرات، لاحظ المؤلفون ثلاثة مؤشرات حيوية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بألزهايمر العائلي المبكر: تاو المفسفر البلازمي (P-tau181)، والسلسلة الخفيفة للخيوط العصبية (NfL)، والبروتين الحمضي الليفي الدبقي (GFAP).
هذه الواسمات البيولوجية الثلاثة قد تكون علامات حيوية محتملة للمرض، لكن لوحظت التغيرات في البروتين الحمضي الليفي الدبقي في بلازما الدم، قبل ملاحظة تغيرات في تاو المفسفر البلازمي أو السلسلة الخفيفة للخيوط العصبية، قبل نحو 10 سنوات من ظهور أي أعراض.
أيضًا، ظهر البروتين الحمضي الليفي الدبقي في عينات بلازما الدم قبل وقت طويل من ظهور بروتينات تاو، وهي السمة المميزة الرئيسية للمرض، ويُعتقد أنها توجد منذ المراحل المبكرة جدًا.
سابقًا، استُخدمت بروتينات تاو لتوقع خطر الإصابة بمرض ألزهايمر بدقة بلغت 90%.
كتب مؤلفو الدراسة: «هذا هو التقرير الأول الذي يُشير إلى أن وجود البروتين الحمضي الليفي الدبقي في البلازما هو من المؤشرات الحيوية المبكرة لتشخيص ألزهايمر العائلي المبكر بواسطة فحص الدم. تشير نتائجنا إلى أن وجود البروتين الحمضي الليفي الدبقي في البلازما قد يعيد التفكير في أسباب الإصابة بمرض ألزهايمر إلى تراكم التشابك والتنكس العصبي».
سنحتاج إلى تكرار الدراسة لتشمل مجموعات أكبر، وما زال المؤلفون غير متيقنين من وجود صلة بين البروتين الحمضي الليفي الدبقي في البلازما والتهاب الدماغ.
البروتين الحمضي الليفي الدبقي بروتين مرتبط بنوع من الخلايا العصبية تُسمى الخلايا النجمية، التي تُطلق جزيئات تسبب الالتهاب عندما التعرض للويحات بيتا أميلويد في الدماغ.
إن تَرسب بروتينات بيتا أميلويد (Aβ) في اللويحات هي سمة رئيسية لبعض أشكال مرض ألزهايمر. في الواقع، استُخدمت اختبارات الدم الأولية التي تكشف عن الأشكال الضارة لبروتينات بيتا أميلويد لتشخيص المرض بدقة قبل سنوات من ظهور الأعراض الأولى.
قد يمثل البروتين الحمضي الليفي الدبقي وسيلة أخرى مبكرة في بعض الحالات. يقترح الباحثون أن وجود هذا البروتين قد يحفز نشاط الخلايا النجمية، ما يؤدي إلى ترسب المزيد من لويحات بيتا أميلويد.
للدقة، قد لا تكون لويحات بيتا أميلويد وكتل تاو ضارة، لكنها قد تكون علامة على السلوك الضار الكامن بين الجزيئات الأخرى، مثل البروتين الحمضي الليفي الدبقي.
كلما اقتربنا من فهم سبب المرض ألزهايمر، كانت لدينا فرصة أفضل لتشخيصه حال ظهوره، بدلًا من الانتظار حتى فوات الأوان، وهي الطريقة الوحيدة القاطعة حاليًا.
تقول عالمة البيولوجيا العصبية شارلوت جوهانسون من معهد كارولينسكا في السويد: «تُشير نتائجنا إلى أن البروتين الحمضي الليفي الدبقي، هو علامة بيولوجية للخلايا المناعية النشطة في الدماغ، ويعكس التغيرات في الدماغ التي يسببها ألزهايمر، التي تحدث قبل تراكم بروتين تاو وتلف الخلايا العصبية القابل للقياس تجريبيًا. في المستقبل، يمكن استخدام هذا الواسم علامةً حيوية غير جراحية للتنشيط المبكر للخلايا المناعية مثل الخلايا النجمية في الجهاز العصبي المركزي، التي قد تكون ذات قيمة في تطوير أدوية جديدة وتشخيص الأمراض المعرفية».
اقرأ أيضًا:
دواء جديد لمرض ألزهايمر مصمم لإبطاء التدهور المعرفي
قد لا يكون ألزهايمر مرضًا دماغيًا في الواقع!
ترجمة: فاطمة الرقماني
تدقيق: أكرم محيي الدين
مراجعة: لبنى حمزة