بعد سنوات من تحفيز صُناع السياسات لقطاع الطاقة الشمسية، ربما بدأت محركات هذا القطاع أخيرًا العملَ من تلقاء نفسها.
جمع الباحثون في المملكة المتحدة ثلاثة نماذج مختلفة لتتبع أكبر الأحداث المُؤثرة في مجالي التكنولوجيا والاقتصاد، وتشير هذه المحاكاة إلى أن الطاقة الشمسية في طريقها لتصبح المصدر الرئيسي للطاقة في العالم.
يتوقع المؤلف الرئيسي للدراسة، عالم المناخ فيمكي نيسي من جامعة إكستر، أن الطاقة الشمسية الكهروضوئية سوف تهيمن على مزيج الطاقة العالمي بحلول منتصف هذا القرن، وذلك سيحدث حتى من دون المزيد من الحوافز الحكومية، مثل ضريبة الكربون.
لقد ظلت الطاقة الشمسية تكتسب زخمًا لعدة سنوات، وفي عام 2016، أصبح هذا النوع من الطاقة المتجددة أرخص مصدر للطاقة في أكثر من 60 دولة.
بحلول عام 2020، أعلنت وكالة الطاقة الدولية أن الطاقة الشمسية أصبحت رسميًا أرخص كهرباء في التاريخ، وأقل تكلفة أيضًا من الفحم والغاز في أغلب البلدان الكبرى.
إذا استمرت التكاليف في الانخفاض بنفس المعدل، يعتقد نيسي وزملاؤه أن الطاقة الشمسية قد تقصي جميع بدائل الطاقة الأخرى في غضون عقد أو عقدين من الزمن فقط.
في عام 2020، أنتج الوقود الأحفوري أكثر من 60% من الكهرباء على مستوى العالم، وبحلول عام 2050، تتوقع النماذج الجديدة انخفاض هذا الرقم إلى 21%، وبمقارنة، ستكون الطاقة الشمسية مسؤولة عن 56% من إنتاج الكهرباء في جميع أنحاء العالم.
كتب الفريق: «إذا كان الأمر كذلك، فقد تكون نقطة تحول الطاقة المتجددة في قطاع الطاقة وشيكة، أو حتى تم تجاوزها بالفعل، ويجب أن يستعد مجالا السياسة والتمويل لهذا الانتقال السريع».
للبحث عن نقطة التحول هذه، أجرى الباحثون سلسلة من عمليات المحاكاة بناءً على التفاعلات بين الطاقة العالمية والتكنولوجيا والاقتصاد.
في أكثر من 70% من عمليات المحاكاة، شكلت الطاقة الشمسية نصف توليد الكهرباء في العالم بحلول عام 2050.
كتب الباحثون: «نظرًا للتطور الكبير الذي شهده هذا المجال من ناحية انخفاض التكاليف التكنولوجية والانتشار الواسع، فإن تحليلنا يؤسس أدلةً تجريبية كمية، وبالنظر إلى البيانات الحالية والتاريخية، نستنتج أن نقطة التحول في مجال الطاقة الشمسية قد مرت».
ويضيفون: «هذا يشير إلى أن الهيمنة الشمسية ليست ممكنة فحسب، بل محتملة أيضًا».
إذا كان هذا هو الحال حقًا، فبدلاً من تقديم الحكومات مزيدًا من الحوافز للطاقة الشمسية، يرى نيسي وزملاؤه أن العالم يجب أن يركز الآن على تمهيد الطريق للطاقة الشمسية، وذلك لجعل التحول الحتمي سلسًا قدر الإمكان.
تشمل العوائق الرئيسية التي تحول دون هيمنة الطاقة الشمسية: نقص التمويل في البلدان المنخفضة الدخل، وعدم وجود شبكة طاقة متوازنة ومرنة، إضافة إلى زيادة الاعتماد على المعادن الثمينة مثل الألمنيوم، والمقاومة السياسية من صناعة الوقود الأحفوري المتدهورة.
النقطة الأخيرة مهمة لأنه لا يوجد ضمان بأن هيمنة الطاقة الشمسية ستضمن نظامًا خاليًا من الكربون.
في حين يرى نيجي وفريقه أن الخطوط الأساسية لتوقعات هيمنة الوقود الأحفوري لم تعد واقعية بعد الآن، فإن هناك فرصة حقيقية جدًا لأن يجد الفحم والغاز طريقة للبقاء.
كتب الباحثون: «نستنتج أن تحقيق أنظمة طاقة خالية من الكربون من المحتمل أن يتطلب سياسات من نوع مختلف عما تمت مناقشته تقليديًا من قبل مجتمع نمذجة الطاقة، فإن سعر الكربون المطلوب لتحقيق التعادل في التكلفة بين مصادر الطاقة المتجددة والوقود الأحفوري قد يصل قريبًا إلى الصفر، وبدلاً من ذلك، فإن السياسات التي تعالج الحواجز المذكورة أعلاه هي التي قد تؤدي إلى النجاح في الوصول إلى تقليل انبعاثات الطاقة إلى الصفر».
اقرأ أيضًا:
تكنولوجيا تتيح طاقة شمسية لا نهائية ستغير المستقبل بشكل تام
اختراع ألواح طاقة شمسية تستطيع إصلاح نفسها ذاتيًا في الفضاء
ترجمة: يوسف الشيخ
تدقيق: نور حمود