فيما يتعلّق بالأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، فإنّ استعادة الذكريات المتعلقة بالاعتداء الجسدي أو الجنسي أو تذكر الأحداث الحزينة يمكن أن يؤدي إلى قلق شديد أو نوبات هلع إلى جانب الإنهاك الناتج عن العودة إلى ذكريات الماضي.
يعاني حوالي 7% من الأشخاص في الولايات المتحدة من اضطراب ما بعد الصدمة- PTSD. يُعد العلاج النفسي بالتحدث مع طبيب مختص الحجر الأساس لعلاج هذا الاضطراب على المدى الطويل.
كثيرًا ما تُستخدم الأدوية المضادة للاكتئاب في حالة فشل العلاج النفسي أو بالاشتراك معه، لكن آثارها عادةً ما تكون خفيفة.
3,4- ميتيلين ديوكسي ميتامفيتامين، الذي يُعرف باسم MDMA، هو عقار يُستخدم بشكل غير شرعي، معروف باسم إكستاسي أو مولي. يستخدمه الأشخاص بكثرة في نوادي الرقص لأنه يرفع مستويات الطاقة، ويُحسن المزاج، ويشجع على الارتباط مع الآخرين، وينتج عنه تأثير مخدر شبيه بالنشوة. افتُرِض أن هذه التأثيرات يمكنها دعم الأشخاص الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة أثناء جلسات العلاج النفسي، إذ يمكن أن تجعل التأثيرات الناس أكثر استعدادًا لمشاركة تجاربهم المؤلمة واستكشافها. يؤكد التحليل الشمولي الجديد للتجارب السريرية فوائد العلاج النفسي بمساعدة MDMA في علاج اضطراب ما بعد الصدمة.
تفاجأ فريق طبي بفاعلية بعض الأدوية المخدرة (خاصةً MDMA وفطر السيلوسيبين) في علاج عدد كبير من الاضطرابات النفسية، بدءًا من اضطراب ما بعد الصدمة وصولًا إلى الاكتئاب الشديد.
تجدر الإشارة إلى أن استخدام الإكستاسي أو المولي بشكل عشوائي دون الرجوع إلى طبيب لن يساعد في علاج اضطراب ما بعد الصدمة، لأن تناول الإكستاسي يجب أن يترافق مع جلسات العلاج النفسي في بيئة آمنة وخاضعة للرقابة. ولا تُحدد منتجات الإكستاسي التي تُباع بشكل غير مشروع الكمية الدقيقة من المادة الفعالة، لذلك من المستحيل تناولها بشكل صحيح والحصول على الجرعة المناسبة لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة. وإن الإفراط في تناول الإكستاسي أو ممارسة الرياضة أثناء العلاج قد يؤدي إلى حدوث نوبة قلبية، وسكتة دماغية، واضطراب نظم القلب، ويمكنه التسبب بتلف في العضلات والكلى.
ما العلاج النفسي بمساعدة MDMA؟
في جلسة العلاج النفسي بمساعدة MDMA يتناول المرضى حبوب العقار عند دخول عيادة الطبيب النفسي، ثم يتساعدون مع فريق من المعالجين على التحدث عن الذكريات المؤلمة أو مناقشة جوانب تلك الأحداث على مدار عدة ساعات.
عادةً ما تُجرى عدة جلسات علاج نفسي دون استخدام MDMA من أجل معرفة ما يمكن توقعه. من أجل تحقيق فائدة علاجية يُجري المعالجون جلسة علاجية واحدة على الأقل دون استخدام إكستاسي بعد الجلسة التي أجريت بمساعدته، من أجل العمل على الذكريات الصادمة التي تحدث عنها المريض وتعلم استراتيجيات المواجهة. تتضمن دورة العلاج القياسية جلستين أو ثلاث جلسات علاج نفسي لساعات متعددة بمساعدة MDMA وأخرى بدونه.
تُستخدم في جلسات العلاج منتجات إكستاسي خاضعة للرقابة الدوائية. هذا يعني أنه -على عكس منتجات الشارع التي تُباع بطريقة غير مشروعة- لا تحتوي على مواد أخرى ضارة مثل الميتامفيتامين أو معادن ثقيلة أو بكتيريا أو عفن. يجب ألا يشارك الأشخاص المصابون بارتفاع ضغط الدم أو المعرضون للإصابة بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية في هذا النوع من العلاج، إذ يمكن أن يشكل الدواء خطرًا على حياتهم. ولا يُسمح للمرضى مغادرة الجلسة العلاجية قبل مضي 8 ساعات، حتى يزول تأثير عقار الإكستاسي تمامًا.
تقييم فعالية العلاج النفسي بمساعدة MDMA
في عام 2014، راجعنا البيانات التي أُجريت على الحيوانات والدراسات البشرية الأولية للعلاج النفسي بمساعدة الإكستاسي، لكن في ذلك الوقت لم تكن التجارب السريرية قد اكتملت بعد.
لكن في السنوات القليلة الماضية، نُشرت تجارب أكبر ذات جودة عالية ما استدعى إجراء تقييم متعمق، لذا روجعت البيانات التي تُقارن استخدام مضادات الاكتئاب مع الأدوية الوهمية للمرضى الذين يعانون اضطراب ما بعد الصدمة، وأجريت دراسة تحليل شمولي لـ 6 تجارب سريرية مختلفة لدراسة فائدة العلاج النفسي بمساعدة عقار الإكستاسي مقابل العلاج النفسي وحده.
شملت جميع التجارب التي حلّلت رجالًا ونساءً عانوا العديد من الأحداث الصادمة التي أدت إلى اضطراب ما بعد الصدمة. استخدمت الدراسات مقياس النقاط من أجل تحديد فعالية العلاج وسهولة مقارنة البيانات.
تعني الدرجات التي تزيد عن 50 نقطة تقريبًا أن المريض يعاني اضطراب ما بعد الصدمة الحاد، أما الدرجات التي قلت عن هذه القيمة بأكثر من 10 نقاط كانت ذات مغزى سريري (الاختلاف ذو المغزى السريري هو قيمة معينة، يؤخذ أي تغيير كبير في قيمته بعين الإعتبار لدى المرضى أو الأطباء أو كليهما).
فيما يخصُّ العديد من التجارب في التحليل الشمولي، أُرسل استبيان إلى المشاركين بعد 12 شهرًا من آخر جلسة علاج بمساعدة MDMA من أجل تقييم تأثير MDMA طويل الأمد، وعمومًا كانت النتائج كالتالي:
- تلقى 86% من المشاركين فائدة كبيرة من العلاج النفسي بمساعدة إكستاسي.
- شعر 84% من المشاركين بالمزيد من الراحة.
- قلّت الكوابيس لدى 71% من المشاركين.
- تراجعت حدة القلق لدى 69 % من المشاركين.
- تحسّنت ساعات النوم لدى 66% من المشاركين.
أشارت النتائج التي صدرت عن جميع الدراسات إلى أن العلاج مع MDMA كان يساعد في معالجة اضطراب ما بعد الصدمة نفسه وليس فقط تخفيف الأعراض الناتجة عنه.
تعد إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية، الـ MDMA و سيلوسيبين مواد تخضع للرقابة من الجدول الأول. ووفقًا لإدارة مكافحة المخدرات، لا تملك المواد استخدامًا طبيًا مقبولًا حاليًا في الولايات المتحدة، وقد يُساء استخدامها في درجة عالية.
مع ذلك، توجد بعض الاستثناءات، إذ صُنف الكانابادول (هو مادة كيميائية تُستخلص من نبات القنب) دواءً من الجدول الأول. لكن وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA على استخدامه عام 2018 من أجل علاج نوبات صرع نادرة وشديدة عند الأطفال.
وُجدت في التجارب الأحدث التي تُجرى في إدارة الغذاء والدواء العديد من التأثيرات الإيجابية وبعض التأثيرات الضارة التي يمكن التحكم بها. لذلك يُعتقد أن العلاج النفسي بمساعدة MDMA سيصبح خيارًا معتمدًا من قبل FDA لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة في حلول نهاية عام 2023.
يُظهر السيلوسيبين (المعروف بالفطر المهلوس) نتائج واعدة في علاج الاكتئاب الشديد، لكن هناك حاجة إلى المزيد من البحث.
تتخذ إدارة مكافحة المخدرات سياسات صارمة تجعل من الصعب على العلماء إجراء أبحاث حول أدوية الجدول الأول من خلال تجريم حيازة المنتجات حتى في أماكن البحث العلمي. لكن في عام 2018 قامت الإدارة بتبسيط عملية التقديم من أجل الحصول على إذن لأغراض البحث، ما سَهّل على الباحثين إجراء التجارب على الأدوية المخدرة. من المؤكد أن هذه الإجراءات ستسرّع اكتشاف علاجات جديدة للمرضى الذين يعانون أمراضًا نفسية.
اقرأ أيضًا:
اضطراب ما بعد الصدمة: الأسباب، الأعراض، التشخيص، والعلاج
الصدمة والتحول: عالم نفس يشرح كيف يمكن للتجارب الصعبة أن تغيرنا جذريًا
ترجمة: فاطمة الرقماني
تدقيق: فاطمة جابر