يكتظ الفضاء في مدار كوكب الأرض بالأقمار الاصطناعية، التي تجاوز عددها 2,000 عام 2018، قبل إطلاق مجموعات ضخمة من الأقمار مثل ستارلينك التي زادت العدد على نحو هائل. يوجد حاليًّا 9,000 قمر اصطناعي، ويُتوقع أن يصل العدد إلى 60,000 قمر بنهاية العقد الحالي، ما قد يسبب مشكلةً كبيرة.
يدق العلماء ناقوس الخطر محذرين من مشكلة المخلفات الفضائية منذ عقود. يوجد الآن نحو 100 تريليون قطعة من حطام الأقمار الاصطناعية تحوم حول كوكبنا بسرعة كبيرة كرصاصات طائشة لا نعلم وجهتها. بسرعة كهذه، شذرة من الطلاء قد تسب ضررًا كبيرًا، وقد حدث بالفعل أن كُسرت إحدى نوافذ محطة الفضاء الدولية بسبب هذا الحطام.
دعا العلماء إلى عقد اتفاقية ملزمة قانونيًا لمحاولة الحد من تفاقم الضرر الناتج من المخلفات الفضائية في مدار الأرض، وقد ألهمتهم اتفاقية المحافظة على البحار التي عُقدت مؤخرًا، ويطمحون إلى تطبيق نسخة منها في الفضاء قبل فوات الأوان.
يقول الدكتور إيموجين نابر، زميل الأبحاث في جامعة بليموث: «تجذب مشكلة التلوث بالمخلفات البلاستيكية، وغيرها من المشكلات التي تواجهها المحيطات الانتباه العالمي. لكن اتخاذ الإجراءات الجماعية كان محدودًا وتطبيقها بطيئًا. ويتكرر الأمر الآن فيما يتعلق بتراكم المخلفات الفضائية. يمكننا الاستفادة مما تعلمناه من مشكلة تلوث المحيطات لتجنب الوقوع في الأخطاء ذاتها، والعمل معًا لمنع حدوث مأساة في مدار الأرض. قد نجد أنفسنا في الطريق إلى ذلك ما لم نتوصل إلى اتفاق عالمي».
عانت البحار من الصيد الجائر وتدمير مواطن الأحياء البحرية والتنقيب في قاع البحار والتلوث بالمخلفات البلاستيكية. أتت الاتفاقية متأخرةً بعد أن تفاقمت المشكلات، ما يبرز أهمية الحفاظ على مدار الأرض تجنبًا للمصير ذاته. يتضمن فريق البحث علماء فضاء وروادًا صناعيين وعلماء أحياء بحرية وخبراء في المحيطات.
تقول هيذر كولدوي اختصاصية الأحياء البحرية في جمعية لندن لعلم الحيوان: «لمواجهة مشكلات الكوكب، علينا أن نجمع علماء من مختلف الاختصاصات لإيجاد الحلول وتسريع تطبيقها، بوصفي عالمة أحياء بحرية لم أتخيل يومًا كتابة بحث عن الفضاء، لكنني تعرفت من خلال هذا التعاون البحثي على أوجه عديدة للشبه مع التحديات البيئية التي يواجهها المحيط. علينا فقط أن نحسن استخدامنا للعلم في المجالات الإدارية والسياسية».
إن حلول المشكلات الحالية متوفرة فعلًا، لكنها تتطلب الإرادة السياسية لإلزام الدول والشركات بالحفاظ على سلامة الفضاء. سيسبب تفاقم التلوث في الفضاء ضررًا يعم الجميع، فقد تدمر المخلفات الفضائية الأقمار الاصطناعية، التي نعتمد عليها في مختلف مجالات حياتنا اليومية، من التواصل إلى الحماية.
يقول الدكتور موريبا جاه، أستاذ الهندسة في جامعة تكساس: «تعلمنا المعرفة البيئية التقليدية أن علينا التمسك بالإشراف البيئي لأن حياتنا تعتمد عليه. أنا متحمس للعمل مع الآخرين، لتسليط الضوء على الصلات والروابط بين جميع الأشياء في كوكبنا، إذ إن المخلفات الفضائية والبحرية تسبب أضرارًا بشرية يمكن تجنبها».
اقرأ أيضًا:
ما احتمالية موتك بسبب سقوط المخلفات الفضائية؟
ترجمة: إيهاب عيسى
تدقيق: ميرفت الضاهر