لا أعرف أي شخص يحب العمل في كل الأوقات، فوجود جانب مرهق للعمل شيء حتمي. لكن كيف تعرف أن عملك لا يضغطك فقط، بل يسحب منك روحك ويقتلك ببطء؟
قد يكون العمل «سامًّا» لعدة أسباب، منها أن يكون مرهقًا للغاية أو مملًا بدرجة لا تطاق. قد يكون العميل المتطلّب على العشاء في مطعم هو السبب، أو رئيسك في العمل، أو زميلك. لقد اختبرت شخصيًّا عملًا سامًّا كان رئيسي فيه انتقاديًا جدًّا وصعب الإرضاء طوال الوقت، ما دفعني للاتجاه إلى العمل الخاص.
من المهم بدايةً أن نفرق بين الوظيفة السامة وبين بلوغ مرحلة الإرهاق في العمل.
نصل إلى نقطة الإرهاق عندما لا نملك الوقت الكافي للراحة من ضغط العمل لشحن طاقتنا بين حين وآخر، فننهار من التعب تدريجيًا. يمكن تدارك الوصول إلى تلك النقطة والاستمرار في الوظيفة نفسها بوجود فترات راحة كافية، أو بتغيير منظورنا للعمل. أما الوظائف السامة فلا تكفي أي راحة للتعامل معها، وتصبح مُرهِقة منذ اللحظة الأولى لبدء العمل مهما طالت فترة الراحة السابقة.
إذا كنت غير سعيد حقًا في عملك، اقرأ العلامات التالية لتعرف هل وظيفتك سامة ومضرة بصحتك النفسية؟
1. صعوبة الشعور بمشاعر إيجابية داخل العمل
تتلاشى كل مشاعر الراحة والمتعة فور دخولك مكان العمل، ويُستبدل بها الغضب والضجر والقلق. وربما تسمع الكثير من العبارات من زملائك مثل: «ما خطبك؟! ابتهج» إلا أنك تعاني حتى في تصنُّع نصف ابتسامة.
2. تحتاج إلى عطلة نهاية الأسبوع كاملةً للتعافي
تتداعى صحتك النفسية بسبب التعب، فتنفد كل طاقاتك بحلول اليوم الثاني للعمل، وتبدأ بالتساؤل عن الطريقة التي ستكمل بها باقي الأسبوع. وعندما تأتي العطلة التي كنت تنتظرها بفارغ الصبر، ستكون خائر القوى لدرجة أنك لست متحمسًا للعطلة، فتستغلها كلها للتعافي الذي سرعان ما سيقطعه الأسبوع الجديد.
3. لا تستطيع التوقف عن التفكير في العمل حتى في يوم العطلة، ما يزيد اضطرابك وقلقك
لا تُجدي الراحة في يوم العطلة نفعًا، لأن قدوم العمل في اليوم التالي أمر محتوم. يفسد عليك انتظار العمل متعة يوم العطلة، ما يجعلك عاجزًا حتى عن التواصل مع الآخرين.
4. تفكر في التقاعد، مع أنه لن يحين إلا بعد عقد من الزمان
لا يقتصر تفكيرك على عطلة نهاية الأسبوع، بل تشرد مفكرًا في عطلة دائمة من وظيفتك. حتى أنك قد تبدأ بالتخطيط لتقاعدك، أو التفكير بطرق لجمع المال تغنيك عن العمل.
5. اضطراب النوم خلال أيام العمل
قد يدمر العمل السام نومك تمامًا. يشعر بعض الناس بهذه الآثار خلال أيام عملهم، في حين يلاحظها آخرون في أيام العطلة إذ يترقبون العودة إلى العمل.
6. كثيرًا ما تعاني أمراضًا جسدية
أظهرت العديد من الدراسات أثر الإجهاد المزمن في الجهاز المناعي. إذا كان جو عملك سامًا، لن يؤثر في عقلك وروحك فقط، بل جسدك كذلك. ستلاحظ أنك تلتقط العدوى بسهولة، وتستغرق وقتًا أطول من المعتاد للتعافي.
7. تأخذ الكثير من الإجازات، حتى عندما لا تكون مريضًا بدنيًّا
قد تختار البقاء في المنزل قدر الإمكان. تستيقظ في بعض الأيام وتبدو لك فكرة الذهاب إلى العمل مستحيلة. بل إنك قد ترتدي ملابسك وتتناول فطورك، لكن التفكير في الطريق إلى العمل يجعلك تشعر بالغثيان، ما يجعلك تفكر في العمل من المنزل.
8. لا تحب الشخص الذي تكون عليه في العمل
إنك تتغير بطرق لا تعجبك، وهذه غالبًا العلامة الأهم والأكثر دلالة على سميّة وظيفتك. إذ قد تلاحظ تحولك إلى إنسان انعزالي، عنيف، منطوٍ، متشائم. والأسوأ أن يمتد ذلك ليؤثر في أسرتك.
إذا انطبقت عليك عدة أعراض مما سبق، فيجب أن تفكر فيما يخص مستقبل وظيفتك. هل ثَمّ طريقة تغير بها وظيفتك إلى وظيفة أقل سُميّة؟ هل حان الوقت لتغيير عملك بالكامل؟ ناقش هذه الأفكار مع إنسان تحبه وتثق به، وكن حذرًا جدًّا تجاه النصائح، إذ ستؤثر في قرارك. فمثًلا، إذا ناقشت ما سبق مع زميل عمل يرفض رحيلك، سيعطيك نصائح منحازة توصي ببقائك.
ختامًا، يتحول أي مكان عمل إلى مكان سام عندما لا تنتمي إليه، وإن كان جوه لطيفًا وممتعًا. مثلًا، لا يسمح لك عملك الحالي بإطلاق العنان لإبداعك، أو أنك تحب المبادرة في تنظيم المشاريع والأعمال الريادية بطبعك، وتجد ساعات العمل الطويلة في وظيفتك أمرًا محبطًا. لا يحميك توافقك مع الزملاء وبيئة العمل الإيجابية من الأذى الناتج عن عمل لا يلائمك. خذ طريقة استجابتك للوظيفة في الحسبان، حتى إذا واجهت صعوبات في فهم استيائك المستمر من العمل. من الأفضل ألا تتجاهل كل تلك الإشارات التي يشير بها عقلك وجسدك وروحك.
اقرأ أيضًا:
الأطباء والاحتراق النفسي الوظيفي: أسبابه وأعراضه وكيفية الوقاية منه
الإرهاق النفسي: الأسباب والوقاية والعلاج
ترجمة: ميس إبراهيم الإبراهيم
تدقيق: نغم رابي
مراجعة: أكرم محيي الدين