لماذا لا يصدأ الستانلس ستيل (الفولاذ المقاوم للصدأ)؟
تكوّن الكيمياء المميِزة لهذا الخليط المعدني طبقة حماية على سطحه تمنعه من الصدأ، إذ يُمثل الصدأ تهديدًا مستمرًا للحديد، لأنه يتأكسد بسهولة عند تعرضه للهواء والماء.
ويصدأ الفولاذ -وهو خليط صُلب من الحديد مع كميات قليلة من الكربون- بسهولة أيضًا، ما يعني أن الأكسدة قد تُلحِق الضرر بالفولاذ المستخدم في المباني والسيارات والأجهزة.
أما الفولاذ المقاوم للصدأ أو الستانلس ستيل -وكما يوحي اسمه- فهو لا يصدأ، فما السر؟
تمنع التركيبة الكيميائية للستانلس ستيل وصول الأكسجين الموجود في الهواء والبيئة إلى الحديد ما يعيق حدوث تفاعل الأكسدة الضار. يصدأ الفولاذ العادي عندما يتفاعل الحديد كيميائيًا مع الأكسجين لتكوين أكسيد الحديد، والصدأ نفسه غير ضار بالبشر، لكنه يؤدي إلى تآكل الحديد بشدة ما يجعله غير آمن وقبيح.
يتكون الفولاذ العادي من خليط معدني بنسبة 99% حديد ونحو 0.2% إلى 1% كربون، ويتكون الفولاذ المقاوم للصدأ عادةً من 62% إلى 75% حديد وما يصل إلى 1% كربون وأكثر من 10.5% كروم. يحتوي الفولاذ المقاوم للصدأ أيضًا على نسبة قليلة من النيكل، ما يجعله أكثر صلابةً وأسهل استخدامًا.
يُعد الكروم العنصر الأساسي لمقاومة الصدأ في الستانلس ستيل، وفقًا لعالم المواد “تيم كولينز” في مقابلة نُشرت على موقع Live Science، وهو الأمين العام لمنظمة Worldstainless، وهي منظمة غير ربحية مقرها بلجيكا تتعاون مع رابطة المجموعة العالمية لصناعة الصُلب.
يتفاعل الكروم مع الأكسجين الموجود في البيئة -عادةً في الهواء وأحيانًا تحت الماء- لتكوين “طبقة خاملة” من أكسيد الكروم (Cr2O3) على سطح المعدن، تمنع هذه الطبقة الأكسجين المسبب للصدأ من الوصول إلى الحديد، ويبلغ سمك الطبقة الخاملة في الفولاذ المقاوم للصدأ بضع نانومترات فقط، ولذلك فهي غير مرئية.
يمكن أيضًا لطبقة أكسيد الكروم الخاملة أن تشفى ذاتيًا في حال تلفها، ما يعني أنه لا يتفاعل كيميائياً مع المواد الأخرى، وأضاف كولينز أنه لا يحدث تسرب إلى ما هو أبعد من سطح المعدن، ما يجعل الفولاذ المقاوم للصدأ مناسبًا لمنتجات الغذاء والجراحة والتطبيقات الأخرى.
اكتشاف علمي بالصدفة:
طور عالم المعادن الإنجليزي “هاري بريرلي” الفولاذ الحديث المقاوم للصدأ في عام 1912، عندما كان يدرس خلائط الفولاذ لمنع التآكل في براميل البارود، فابتكر خليطًا من الحديد والكربون والكروم والنيكل، لكنه لم يكن مناسبًا لبراميل البارود فألقاه في الفناء الخلفي لمنزله. ولاحظ بربرلي بعد بضع أسابيع أن الخليط اللامع الموجود في فناء منزله لم يصدأ فطوّر المادة وعرضها على العالم في عام 1915.
تبلغ نسبة الفولاذ المقاوم للصدأ وفقًا لكولينز نحو 4% من الفولاذ المستخدم في جميع أنحاء العالم سنويًا أي نحو 2 مليار طن.
لكن عملية تصنيع الفولاذ المقاوم للصدأ مكلفة ومعقدة، وتكلف عادةً من ثلاثة إلى خمسة أضعاف تكلفة إنتاج الفولاذ العادي، وتزيد من تكلفة إنتاجه أيضًا إضافة بعض أنواع المعادن (مثل الموليبدينوم للتطبيقات تحت الماء) لذلك تعتمد معظم الصناعات التي تحتاج إلى الفولاذ على الفولاذ العادي أو الكربوني، إما في الظروف التي لا يصدأ فيها أو عندما يكون محميًا بطبقة خارجية من الطلاء أو غطاء آخر.
ومع ذلك يؤكد كولينز أن الفولاذ المقاوم للصدأ يُستخدم الآن أكثر من أي وقت مضى في إنتاج الغذاء وضمان سلامته. وقد صرحت عالمة الأغذية بجامعة جونز هوبكنز “كانثا شيلك” لموقع Live Science بأن الفولاذ المقاوم للصدأ يتمتع بالعديد من المزايا مقارنةً بالبدائل، فهو مقاوم للتآكل الناتج عن الأحماض الغذائية ومواد التنظيف الكيميائية على عكس الألومنيوم والنحاس، ولا يلوث أي طعام يلمسه، وهو متين أيضًا وأقوى من الألومنيوم وصحي مع الأسطح غير المسامية ويمكن تنظيفه وتعقيمه بسهولة.
اقرأ أيضًا:
الفولاذ الأخضر ومستقبله غير البعيد
ترجمة: طاهر قوجة
تدقيق: ميرڤت الضاهر
مراجعة: وئام سليمان