غالبًا ما تعطي الأبحاث إجابة واحدة حول ما إذا كان الابتسام قد يجعلك تشعر بالسعادة، ولكن هل يترجم ذلك إلى العالم الحقيقي؟

عندما تشعر بالإحباط، يمكنك اتباع النصيحة الكلاسيكية لتزييف ابتسامة لخداع نفسك للشعور بالسعادة. ولكن هل يمكن لفرض الابتسامة أن يُحسن مزاجك بالفعل؟

كان السؤال مثيرًا للجدل بين العلماء، كما قالت ماري كروس، أستاذة مساعدة في الصحة السلوكية الحيوية في ولاية بنسلفانيا لموقع لايف ساينس. لكن في السنوات القليلة الماضية، كشفت الأبحاث ما قالت إنه يبدو وكأنه إجابة واضحة: “على الأقل في بيئة المختبر، فإن جعل نفسك تبتسم قد يحسن مزاجك”.

كما وُجِدَ في تحليل آخر أن الابتسامة لا يمكن أن تضخم السعادة فحسب، بل تخلقها.

يقول نيكولاس كولز، عالم الأبحاث في جامعة ستانفورد الذي يحقق في العواطف والمؤلف الرئيسي للدراسة: «هذا يشبه الفرق بين الابتسام في أثناء النظر إلى صورة جرو والابتسام في أثناء التحديق في جدار فارغ».

ومع ذلك، فإن نتائج التحليل لم تكن قوية، كما قال كولز، لأنها استندت في الغالب إلى أبحاث قديمة مشكوك فيها، كما أنه لا يمكن التحدث إلى العلماء الذين قاموا بهذا التحليل.

إضافةً على ذلك، توصلت ورقة عالية الجودة نشرت في مجلة بريسبكتيفس أون سيكيولوجيكال ساينس on في عام 2016 إلى نتيجة متضاربة عندما فشلت في تكرار نتائج دراسة أساسية.

بناء على هذين العاملين، لم يكن كولز مقتنعًا بالكامل بنتائج مراجعته الخاصة. لذلك جمع فريقًا دوليًا من الباحثين ذوي وجهات نظر مختلفة حول هذا الموضوع، أطلق عليه اسم تعاون الابتسامات العديدة. و صمموا دراسة نشرت في ناتشر هيومين بيهافير في عام 2022 نظرت إلى أكثر من 3,800 مشارك من 19 دولة.

بالنسبة للدراسة، طلب الباحثون من المشاركين إعطاء ابتسامة بثلاث طرق مختلفة: عبر النظر إلى صورة لشخص مبتسم ونسخ تعبيراته، أو باتباع تعليمات العضلات تلو الأخرى حول كيفية الابتسام، أو عن طريق وضع قلم في أفواههم. نظر البعض إلى الصور الإيجابية، مثل الجراء، بينما ابتسم، والبعض الآخر لم يفعل ذلك.

مع الطريقتين الأوليتين، زادت السعادة بغض النظر عما إذا كان المشاركون ينظرون إلى صورة إيجابية أم لا، لكن النتائج كانت غير واضحة مع طريقة القلم في الفم. عامةً، أوضحت الدراسة أن تزييف ابتسامة يجعل الناس يعبرون عن أنهم أكثر سعادة.

تُعرف فكرة أن تعبيرات الوجه قد تؤثر على العواطف باسم فرضية ردود الفعل الوجهية. هذا ليس صحيحًا فقط مع الابتسام. مثلًا، قد يجعل الناس يشعرون بالغضب، كما وجد التحليل لكولز. يمكن للتجارب الجسدية الأخرى، مثل شد العضلات، أن تجعل الشخص يشعر بمزيد من التوتر عبر نوع مماثل مما يسمى بردود الفعل الحسية.

لكن كيف يحدث هذا في الدماغ تحديدًا فهذا غير واضح. يظن بعض الخبراء أن طرح تعبير مثل الابتسامة يؤدي إلى مسار عصبي محدد مرتبط بالسعادة “يخلق استجابة جسدية كاملة”، كما يقول كولز، ويفسر الدماغ هذه الاستجابة على أنها سعادة. لكنه أضاف أن هذه الفكرة مثيرة للجدل إلى حد كبير. يقترح آخرون أن الدماغ يفسر الابتسامة ببساطة على أنها دليل على أنك سعيد.

تتضمن النظريات الإضافية أن ردود فعل الوجه تؤثر على كيفية معالجة للمعلومات العاطفية الأخرى أو تجعل الناس يفكرون في الذكريات المرتبطة بتعبير وعاطفة معينة، وفقًا لدراسة أجريت عام 2022 في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي.

لسوء الحظ، الخبراء غير متأكدين ما إذا كانت النتائج تنتقل من المختبر إلى العالم الحقيقي، لأنه في الحياة الواقعية، توجد الكثير من المدخلات للعقل أكثر مما هو موجود في المختبر. إذا كان الوجه يخبر العقل أنه سعيد ولكن كل شيء آخر يخبره أنه ليس كذلك، فإن الابتسام قد لا يؤثر على العواطف، كما قالت كروس.

مع ذلك، أضافت كروس: «بالتأكيد أعتقد أنه لا ضرر من أن تبتسم عدة مرات على مدار اليوم لمعرفة ما إذا كان ذلك يُحسِّن من مزاجك».

اقرأ أيضًا:

فوائد الضحك

ثقافة الابتسامات المزيفة: لماذا نقول إننا بخير ونحن لسنا كذلك؟

ترجمة: وفاء المرعي

تدقيق: بدور مارديني

مراجعة: باسل حميدي

المصدر