7000 فقاعة عملاقة من الغاز تشكلت تحت سيبيريا يمكن أن تنفجر في أي لحظة
ما يحدث عندما يذوب الجليد الدائم الموجود تحت سطح التربة؟
في العام الماضي، توصل الباحثون في جزيرة بيلي النائية في سيبيريا إلى اكتشاف غريب، وهو أن الأرض بدأت تنتفخ كالفقاعات في أماكن معينة، وكأنها إسفنجية تحت أقدام السكان المحليين مثل الهلام.
في ذلك الوقت، تم التعرف على 15 من هذه الفقاعات المنتفخة، ولكن التحقيق في المنطقة الأوسع من شبه جزيرة يامال وجيدان (Yamal and Gydan) قد كشف 7000 أو أكثر من تلك الفقاعات التي برزت بشكل مفاجئ، ويبقى القلق الآن من كونها قابلة للانفجار في أي لحظة.
وقال أليكسي تيتوفسكي (Alexey Titovsky) ،مدير قسم يامال للعلوم والابتكار، في مقابلة مع صحيفة “سيبيريان تايمز”: “بدايةً، هذا النتوء ليس سوى فقاعة، أو “بولونياخ” في لغة ياكوت المحلية.”
وأضاف قائلا: “ومع مرور الوقت، تنفجر الفقاعة، ويتحرر الغاز، بهذه الطريقة يتشكل ما يشبه المدخنة العملاق.”
هذه المداخن العملاقة التي يشير إليها تيتوفسكي تثير الرعب في كل أجزائها كما تبدو.
في حين أن الفقاعات المنهارة يمكن أن تشكل آثار حفر صغير على سطح الأرض، ولكنها مرتبطة مع تجويفات باطنية ضخمة والحفر التي كانت تظهر فوق سيبيريا:
الآن تصور الآلاف من هذه الفخاخ المميتة تنتشر عبر المناظر الطبيعية، مع كل هذه الـ 7000 فقاعة التي رُصدت حديثاً مستعدة للانفجار دون سابق إنذار.
فما الذي يحدث هنا بالضبط؟
بالعودة إلى عام 2016، قرر كل من العالمان المحليان ألكسندر سوكولوف (Alexander Sokolov ) و دورثي إيريتش (Dorothee Ehrich) انتزاع الأوساخ والأعشاب التي تغطي هذه المطبات المنتفخة من الأرض، وتبين أن الهواء المنبعث منها يحتوي على غاز الميتان أكثر بـ 1000 مرة من الهواء المحيط، وغاز ثنائي أوكسيد الكربون أكثر بـ25 مرة.
والأشياء يمكن أن تصبح أكثر غرابة في قعر الحفر الباطنية الأكبر – وجد تحقيق في عام 2014 حول حفرة بعمق 30متراً (98 قدم) في شبه جزيرة يامال أن القواء بالقرب من أسفل الحفرة يحتوي على تركيزات عالية بشكل غير اعتيادي من غاز الميتان – تصل حتى 9.6%.
كما ذكرت كاتيا موسكفيتش (Katia Moskvitch) لصحيفة نيتشر (Nature) في ذلك الوقت، وقال عالم الآثار أندريه بليخانوف (Andrie Plekhanov) من المركز العلمي لدراسات القطب الشمالي في ساليخارد (Salekhard) في روسيا، أن الهواء المحيط يحتوي عادة على 0.000179 بالمئة فقط من غاز الميتان.
وقد افترض الباحثون أن هذه الفقاعات الميتانية مرتبطة بموجة حرارية حديثة أدت إلى ذوبان الجليد الباطني في منطقة التندرا (tundra) السيبيرية.
وقد أصبح جليد سيبيريا مشهورًا بقدرته على حفظ الأشياء بشكل ممتاز لآلاف السنين، مثل الجرو المدهش البالغ من العمر 12400 عام، و أشبال الأسود الرائعة، والتي لا يزال الفراء يكسوها بعد 30000 سنة.
ووجدت دراسة أُجريت في عام 2013 أن ارتفاع درجة الحرارة في العالم بمقدار 1.5 درجة مئوية سيكون كافيًا لبدء فترة ذوبان غير مسبوقة، ويعود سبب ذلك إلى صيف حار بشكل غير طبيعي مرتبط بتغير المناخ، ويشتبه الباحثون المحليون أن هذا بدء يحدث بالفعل، مع درجات حرارة يومية في تموز عام 2016 بلغت بشكل مقلق 35 درجة سيليزيوس (95 درجة فهرنهايت).
وقال متحدث باسم فرع أورال (Ural) في الأكاديمية الروسية للعلوم لمجلة سيبيريان تايمز: “إن ظهور الفقاعات في هذه المناطق المرتفعة من المرجح ارتباطه بذوبان طبقات الجليد الباطنية الدائمة، والذي يرتبط بدوره بارتفاع دراجات الحرارة بشكل عام في شمال أوراسيا في العقود القليلة الماضية”.
وما زلنا ننتظر بعض الأبحاث التي أعادت النظر إليها بعد هذه التحقيقات حتى نتمكن من معرفة المزيد عن الأدلة التي يستخدمها العلماء لربط فقاعات الميثان بتغير المناخ، ولكن يبدو أن الجيولوجيا الفريدة التي تشكل ما يعرف بالتندرا السيبيرية تلعب أيضًا دورًا كبيرًا في هذه الظاهرة.
ووفقًا لما ذكره فاسيلي بوغويافلنسكي (Vasily Bogoyavlensky) من الأكاديمية الروسية للعلوم، والتي كانت تدرس هذه الفقاعات لسنين حاليًا، فقد أُرخت هذه الأرض منذ العصر السينوماني في نهاية العصر الطباشيري (بين 100.5 و9.9 مليون سنة الماضية)، وقد تبين أن هذه الفقاعات قديمة، ومخزون الغاز السطحي، يقع على عمق 500 إلى 1200 متر (1640 إلى 3937 قدم) تحت سطح الأرض.
وكتب بوغويافلنسكي (Vasily Bogoyavlensky) في إصدار عام 2015 من مجلة (GEO ExPro)، قائلا: “إن الغاز الذي يرتفع إلى السطح من خلال مجموعة التصدعات والشقوق يُسبب ضغطًا مفرطًا على طبقات الطين الباطنية دائمة التجمد، مما يؤدي إلى تكسر الأجزاء الضعيفة منها، ويشكل الينابيع الغازية وفوهات المتفجرة.”
وأضاف قائلا: “وبشكل أساسي، وبعد فترة طويلة من التوسع، تصدع الجزء العلوي من الـ”بينغو” ( التربة التي تغطي الجليد الباطني)، مما أدى إلى ذوبان الجليد الباطني، وتشكل بحيرة حوله، ومن المعروف بأن أكوام الجليد هذه يمكن أن تنفجر تحت الجليد المفرط.”
وهذه صورة لواحدة من الفقاعات التي وجدها بوغويافلنسكي (Vasily Bogoyavlensky) والتي تضخمت بشكل كبير:
وهذا ما يحدث إذا وجدت فقاعة صغيرة كفاية لتدوس عليها:
رابط الفيديو: هنا
والخبر السار من خلال كل هذا، أن هناك العديد من فرق البحث موجودة ضمن التندرا وتعمل على دراسة هذه الظاهرة الغريبة، لذلك نأمل بأن تكون لدينا بعض الإجابات النهائية قريبًا.
ولكي نكرر ما قلناه من قبل، فإن الأبحاث التي تم نشرها حول هذه الفقاعات ستظهر قريبًا، ويقول تيتوفسكي (Titovsky) على وجه التحديد أنه لم ينتهي من تحقيقه الميداني بعد، لذلك علينا أن نعتبر هذه الاستنتاجات وكأنها حبات من الملح حتى يتم التحقق من النتائج.
ولكن الأولوية الآن لدى الباحثين هي تحديد الفقاعات التي تشكل تهديدًا للسكان المحليين، وتقديم خريطة تُسلط الضوء على النقاط القابلة للانفجار “النقاط الساخنة”.
وقال تيتوفسكي لصحيفة “سيبيريان تايمز”: “نحن بحاجة إلى معرفة أي من المطبات خطيرة وأيها ليست كذلك.”
واستطرد قائلا: “يعمل العلماء على كشف علامات التهديد المحتمل وهيكلتها، مثل أقصى ارتفاع يمكن للمطب أن يبلغه، والضغط الذي يمكن أن تتحمله الأرض. وسوف يستمر العمل طوال عام 2017”.
ترجمة: مجد ميرو
تدقيق: منة الله عيد