تنتقل عدوى العديد من الأمراض الخطيرة عبر الماء. مثل: الكوليرا، والتيفوئيد، والأميبا الآكلة للدماغ.
الماء هو أصل الحياة، لكنه أيضًا قد يكون وسيلة لنقل البكتيريا والطفيليات وغيرها من الأحياء الدقيقة التي قد تسبب مرضًا خطيرًا للبشر.
للأسف، يتوقع الباحثون زيادة انتشار الأمراض المنتقلة بواسطة الماء في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
وفقًا لبرنامج أبحاث التغير المناخي العالمي في الولايات المتحدة، قد يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى اتساع نطاق بعض الطفيليات والبكتيريا، وإطالة فترة ازدهار بعض الطحالب السامة.
ما يلي بعض الأمراض الخطيرة التي قد ينقلها الماء غير المعالج، وكيفية تجنب الإصابة بها.
1- الكوليرا:
الكوليرا مرض تسببه بكتيريا ضمة الكوليرا، تسبب الإسهال والإقياء، وقد تؤدي إلى الوفاة بسرعة نتيجة للجفاف والصدمة، وفقًا لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها.
كانت الكوليرا سببًا رئيسيًا في الوفيات في لندن في القرن الثامن عشر، نتيجة لزيادة السكان السريعة ونقص معالجة الصرف الصحي.
كانت النظرية الشائعة في ذلك الوقت تعزو المرض إلى «الميازما»، الهواء الفاسد الذي قد يسبب العدوى، لكن عندما أعاد الطبيب جون سنو بناء خارطة انتشار الإصابات في تفشي عام 1854، أظهرت وجود عامل مشترك بين المرضى: المياه من مضخة برود ستريت في سوهو.
أقنعت بياناته السلطات بإغلاق المضخة، وكسب سنو مكانة في التاريخ بوصفه الأب في علم الوبائيات الحديث.
ما تزال الكوليرا تحصد الأرواح حتى اليوم، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يوجد ما بين 1.3 مليون و4 ملايين حالة سنويًا، مع وفيات بين 21000 و143000.
يعالج المرض بمحلول مرطب، يتكون من ماء نظيف وسكر وملح، يمكن تجنب وفيات الكوليرا بتوفير نظام صرف صحي سليم وإمدادات المياه النظيفة.
2- التهاب السحايا الأميبي الأولي:
التهاب السحايا الأميبي الأولي هو عدوى نادرة ومرعبة، يسببه طفيلي النيجلرية الدجاجية، الذي يعيش في بحيرات المياه العذبة والأنهار والينابيع الساخنة.
يتكاثر الطفيلي في مياه درجة حرارتها تتجاوز 30 درجة مئوية، وينشط عند درجة حرارة تتراوح بين 35 إلى 45 درجة، وفقًا لوزارة الصحة في ولاية فيرجينيا.
لكن الأميبا تعيش حرة، ما يعني أن العدوى ليست ضمن دورة حياتها. الطريقة الوحيدة التي يمكن فيها أن تسبب العدوى هي إذا دُفعت بقوة إلى الدماغ عبر الأنف، مثلما يحدث عندما يقفز السباحون أو يغوصون في المياه التي يتكاثر فيها الطفيلي.
صعوبة العدوى تجعل هذا المرض نادرًا، إذ يصل عدد الحالات إلى أقل من 10 حالات سنويًا في الولايات المتحدة، وفقًا لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها. عندما يحدث التهاب السحايا الأميبي الأولي، فإن النتيجة تكون الوفاة غالبًا.
يدخل الطفيلي الدماغ، ما يثير استجابة التهابية تؤدي إلى تورم وتدمير أنسجة الدماغ. يموت أكثر من 97% من المصابين، ويعاني الناجون غالبًا أضرارًا دائمة في الدماغ.
لتجنب الإصابة يجب تجنب إدخال المياه العذبة إلى الأنف، وعدم غمر الرأس في المياه الدافئة والراكدة، والحرص على ارتداء أغطية للأنف عند السباحة في هذه البيئات.
3- الجيارديا:
يتعرض أي شخص يصاب بالجيارديا، لأسابيع من الغثيان والإقياء والإسهال.
يسبب هذا المرض طفيلي الجيارديا المعوية وهو كائن وحيد الخلية، يلتصق ببطانة الأمعاء، ويتكاثر مع دخول مرحلة التكيس وخروج الكيسات من الجسم في البراز.
قد تبقى هذه الكيسات حية في الماء أو التربة عدة أشهر، تحدث العدوى عادةً عندما يشرب الشخص ماءً ملوثًا، لكن قد تنتقل الجيارديا مباشرةً من شخص إلى آخر، أو عبر تناول الطعام الملوث.
تفيد تقارير مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بأن الجيارديا تصيب مليون شخص سنويًا في الولايات المتحدة.
عادةً ما يقاوم الجسم الطفيليات ذاتيًا، لكن تُستخدم أحيانًا مضادات الطفيليات والمضادات الحيوية لعلاج الأشخاص الذين يعانون أمراضًا مزمنة وفقًا لمايو كلينك.
تمكن الوقاية من الإصابة بالجيارديا بتجنب شرب المياه غير المعالجة. إذا كان الشخص في رحلة تخييم، يجب غلي المياه غير المعالجة، أو استخدام فلتر أو نظام تعقيم المياه.
4- المتحولة المشوكة:
مثل المتحولة النغليرية الفوليرية، فإن المتحولة المشوكة هي متحول حر يعيش في المياه العذبة ومياه البحر، عكس المتحولة النغلرية الفوليرية التي تعيش في المياه العذبة فقط.
تسبب المتحولة المشوكة عادةً عدوى في العين، تُعرف باسم التهاب القرنية الشوكميبي الذي يمكن علاجه.
أحيانًا، قد تمتد العدوى إلى الجلد أو أنسجة أخرى، حال وصول هذه العدوى إلى الدماغ أو الحبل الشوكي، يُعرف بالتهاب الدماغ الشوكي الأميبي الحبيبي، الذي يقتل غالبًا.
الالتهاب الدماغي الشوكي الأميبي الحبيبي نادر لدرجة أن مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها لا يوفر توجيهات محددة للوقاية منه. لكن توجد حالات مرتبطة بعمليات شطف الأنف التي تُستخدم لعلاج التهاب الجيوب الأنفية. في جميع هذه الحالات، ظهرت الأعراض لدى المرضى ذوي المناعة الضعيفة.
بسبب خطر الإصابة بالمتحولة المشوكة، يوصي مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها باستخدام ماء مغلي أو معقم أو مقطر لتنظيف الأنف.
5- حمى التيفوئيد:
حمى التيفوئيد واحدة من أخطر الأمراض المنقولة عبر الماء، إذ يموت بسببها نحو 110,000 شخص سنويًا، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.
تسببها بكتيريا السالمونيلا التيفية، وتتجلى أعراضها بالحمى وآلام البطن وأعراض هضمية مثل الإسهال والإمساك.
يُعالج المرض بالمضادات الحيوية، لكن ظهور سلالات مقاومة يُعقد العلاج ويجعله مكلفًا.
نحو 1% – 4% من المصابين لا يُظهرون أعراضًا، لكنهم يطرحون البكتيريا في البول والبراز، ما ينشر المرض خفية.
توجد لقاحات لحمى التيفوئيد، يُوصى بها السكان الذين يقطنون المناطق الموبوءة بحمى التيفوئيد أو المسافرون إلى تلك المناطق. يجب شرب المياه المعبأة أو المياه المعالجة من مصادر صحية.
تُوصي منظمة الصحة العالمية أيضًا بتجنب شرب الحليب الخام. حتى في البلدان المتقدمة، قد يحتوي الحليب غير المبستر على بكتيريا مثل السالمونيلا التيفية وغيرها من البكتيريا التي قد تسبب مضاعفات صحية خطيرة في الأمعاء.
6- التهاب اللفافة النخري:
الإصابة بهذا المرض تشبه فيلم رعب، فور أن يسبح الشخص في بحيرة أو محيط، قد يخرج مصابًا بمرض ينخر الأنسجة.
التهابات النسيج الضام النخرية مرض تسببه مجموعة متنوعة من البكتيريا التي تهاجم الأنسجة الرخوة.
قد تحدث هذه العدوى عندما يحدث جرح في الجلد، ويشمل ذلك العمليات الجراحية.
أحيانًا، تكون الجراثيم المسببة لهذا المرض هي العنقوديات الذهبية والمكورات العقدية، لكن قد يسبب نوع آخر من البكتيريا النخر أيضًا في المياه العذبة، وهو الجرثومة الغازية. في مياه المحيط، توجد بكتيريا الضمة هي واحدة من الجراثيم الشائعة وفقًا لكلية الطب بجامعة إنديانا.
يعاني معظم المصابين بالتهاب النسيج الضام النخري مناعةً ضعيفة نتيجة لحالات مثل السكري.
للوقاية، يوصي الأطباء بعدم نزول المياه إذا كان يوجد جرح مفتوح.
7- مرض دودة غينيا:
يُعد مرض دودة غينيا، الذي تسببه دودة التنينة المدينية، من الأمراض الفتاكة.
يصيب هذا المرض أساسًا الأفراد في أنغولا وتشاد وإثيوبيا ومالي وجنوب السودان والسودان، وهو مرض ينتشر في المناطق الريفية إذ قد يكون الماء المستخدم للشرب من برك المياه أو مصادر أخرى للمياه الراكدة.
تطلق الديدان يرقاتها في الماء، تبتلع مخلوقات بحرية صغيرة تُعرف باسم الجادف «برغوث الماء» هذه اليرقات، وفقًا لمركز مكافحة الأمراض.
إذا ابتلع شخص ما بشكل غير مقصود برغوث الماء عبر ماء الشرب، ستتطور الدودة داخل جسم الإنسان. بعد نحو عام، تظهر بثرة على الجلد وتظهر دودة أنثى ناضجة، يبلغ طولها مترًا واحدًا، ببطء وألم. الجرح العميق الذي تتركه الدودة قد يسبب الإصابة البكتيرية.
يُنصح بتجنب شرب مياه غير نقية في البلدان التي تنتشر بها دودة غينيا، المنتشرة أساسًا في مناطق جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا. من الجيد أن مرض الدودة الغينية على وشك الاستئصال نهائيًا، وذلك بفضل أكثر من 40 عامًا من الجهود الدولية في تحسين صحة المياه وعلاج المرض. من المهم تجنب المياه التي تعيش فيها هذه الدودة، إذ إنه فور ملامسة الماء تُحفز أنثى الدودة لإطلاق مئات الآلاف من اليرقات.
اقرأ أيضًا:
تأثير التغير المناخي على المحاصيل والماء في أفريقيا
الماء ضروري لصحة الإنسان، لكن النصائح حول كميته مثيرة للجدل
ترجمة: حسن السعيد
تدقيق: أكرم محيي الدين