ما مقايضة التقصير الائتماني؟
تُعد مقايضة التقصير الائتماني نمطًا مشتقًا من الائتمان، يضمن للمشتري الحماية ضد التقصير، أو مخاطر أخرى.
يدفع المشتري مقايضة التّقصير الائتماني بوصفها دفعات دورية للبائع حتى تاريخ استحقاق الدين. يلتزم البائع بحسب الاتفاقية، في حال تخلفت جهة إصدار الدين عن السداد، بدفع جميع الأقساط والفوائد التي يجب تسديدها حتى تاريخ استحقاق الدين.
يمكن المشتري -بواسطة مقايضة القروض- اتخاذ تدابير للسيطرة على المخاطر، بتصدير الخطر إلى شركة تأمين مقابل دفعات دورية. ذلك يشبه بوليصة التأمين، إذ تسمح مقايضة التّقصير الائتماني للمشترين بشراء الحماية ضد مخاطر غير متوقعة يمكنها التأثير في الاستثمار.
بدأ ظهور مقايضات التقصير الائتماني عام 1994 عندما ابتدعها بلايث ماسترز من جي بي مورغان. وانتشرت انتشارًا واسعًا في أوائل القرن الحادي والعشرين، بحلول عام 2007 قُدرت قيمة مقايضات التقصير الائتماني تحت التسوية بـ 62.2 تريليون دولار.
تأثرت مقايضات التقصير الائتماني بشدة في أثناء الأزمة المالية عام 2008، وهبطت إلى 62.3 تريليون دولار بحلول عام 2010، و25.5 تريليون دولار عام 2012. لم يوجد إطار قانوني يشرع المبادلات، وأصبح انعدام الشفافية في السوق مصدر قلق بين المنظمات.
استخدامات مقايضة التقصير الائتماني:
يمكن المستثمرين شراء مقايضة التّقصير الائتماني للأسباب التالية:
المضاربة المالية:
يستطيع مستثمر شراء مقايضة التّقصير الائتماني ظنًّا منه أنها منخفضة للغاية، أو مرتفعة جدًا، في محاولة لكسب أرباح منها بواسطة الدخول في تجارة.
يستطيع المستثمر أيضًا شراء مقايضة التّقصير الائتماني بسبب توقعه احتمالية تخلف الشركة عن السداد، إذ يعكس انتشار مقايضة التقصير الائتماني انخفاضًا في الأهلية الائتمانية، والعكس بالعكس.
يمكن مشتري مقايضة التّقصير الائتماني أن يبيع حمايته إذا شعر بأن الأهلية الائتمانية للبائع قابلة للتحسن، إذ يُنظر إلى البائع بأنه طويل الأمد بالنسبة إلى مقايضة التقصير الائتماني. يزعم معظم المستثمرين أن مقايضة التّقصير الائتماني تساعد على تحديد الأهلية الائتمانية لوحدة متكاملة.
موازنة الأرباح:
موازنة الأرباح هي ممارسة شراء سندات من سوق ما، ثم بيعها في سوق أخرى بسعر أعلى نسبيًا، ما يحقق الاستفادة من اختلاف مؤقت في أسعار الأسهم. هذا يعتمد على حقيقة الارتباط العكسي بين أسعار أسهم الشركات وانتشار مقايضات التقصير الائتماني. عندما يرتفع سعر السهم، يتراجع انتشار مقايضات التقصير الائتماني، إذ تتحسن الآفاق المستقبلية للشركة. أما إذا ازداد انتشار مقايضة التقصير الائتماني، وانخفضت أسعار الأسهم، فذلك يعني تراجعًا في التوقعات المستقبلية للشركة.
مثال: عندما تختبر الشركة حدثًا سلبيًا خطيرًا، وتهبط أسعار أسهمها، يجب على المستثمرين توقع زيادة مقايضة التقصير الائتماني باستمرار، نظرًا إلى هبوط سعر السهم. قد تحدث موازنة الأرباح، عندما يستغل المستثمر ركود السوق لتحقيق الربح.
خطة التحوط:
هي استثمار يهدف إلى تقليل مخاطر حركات الأسعار السلبية. يمكن البنوك التحوط ضد المخاطر التي تواجه المقترض، بالدخول في عقود مبادلات خطر عدم السداد بوصفها مشتريًا للحماية.
تختل إجراءات العقد بمقايضة التقصير الائتماني، حال فشل المقترض. يمكن البنك في حالة غياب مقايضات التقصير الائتماني بيع القرض إلى بنك آخر، أو مؤسسة مالية. هذه الممارسة قد تضر بالعلاقة بين البنك والمقترض، إذ تظهر افتقار البنك إلى الثقة بالمقترض.
يسمح شراء مقايضات التقصير الائتماني للبنك بإدارة مخاطر عدم السداد، مع الاحتفاظ بالقرض جزءًا من محفظته التجارية. يمكن البنك أن يستغل الفرصة بالتحوط، طريقةً لإدارة مخاطر التركيز. يحدث خطر التركيز عندما يمثل مقترض واحد نسبةً كبيرة من مقترضي البنك.
يستطيع البنك إدارة المخاطر بشراء مبادلات خطر عدم السداد. إذ يسمح الدخول في عقد مقايضات التقصير الائتماني للبنك بتحقيق أهدافه المتنوعة، دون الإضرار بعلاقته مع المقترض، لأن الأخير ليس طرفًا في عقد مقايضات التقصير الائتماني.
مع أن التحوط من مقايضة التّقصير الائتماني هو الأكثر انتشارًا بين البنوك، تستطيع المؤسسات المالية الأخرى، مثل صندوق معاشات التقاعد وشركات التأمين وملاك سندات الشركات، شراء مقايضة التقصير الائتماني للغرض ذاته.
مخاطر مقايضة التقصير الائتماني:
من مخاطر التقصير الائتماني أن المشتري قد يتخلف عن العقد، ما يحرم البائع من الإيرادات المتوقعة.
يحول البائع مقايضة التّقصير الائتماني إلى جهة أخرى في صورة نموذج الحماية ضد المخاطر، إلا أن ذلك قد يؤدي إلى التخلف عن السداد. عند انسحاب المشتري الأصلي من الاتفاقية، قد يُجبَر البائع على بيع مقايضة التقصير الائتماني لطرف ثالث لاسترداد قيمة الاستثمار الأولي. لكن يمكن بيع مقايضة الاستثمار الائتماني الجديد بسعر أدنى مقارنةً بمقايضة التقصير الائتماني الأصلي، ما يؤدي إلى خسارة.
يواجه بائع مقايضة التّقصير الائتماني أيضًا مخاطر حاسمة، إذ يمكن البائع تحصيل أقساط شهرية من المشتري الجديد على أمل أن يدفع المشتري الأصلي ما يجب عليه. لكن التقصير من جهة المشتري يخلق التزامًا فوريًا على البائع، بدفع الأموال المستحقة لمشتري الحماية.
الأزمة المالية عام 2008:
استُثمرت أموال في مقايضة التّقصير الائتماني قبل الأزمة المالية عام 2008، أكثر من أي مجمعات استثمارية أخرى.
بلغت قيمة مقايضة التقصير الائتماني 45 تريليون دولار في الرهون العقارية، و4.4 تريليون دولار في سندات الخزانة. بلغت قيمة مقايضة التقصير الائتماني غير المسددة 26.3 تريليون دولار.
شملت الأزمة العديد من بنوك الاستثمار، لكن الكارثة الأكبر كانت لبنك ليمان براذرز للاستثمار، الذي بلغ دينه 600 مليار دولار، منها 400 مليار دولار حاولوا تغطيتها بمقايضة التقصير الائتماني. افتقرت شركة التأمين التابعة لمجموعة التأمين الأمريكي إلى الأموال الكافية لتسديد الديون، ما تطلب تدخل الاحتياطي الفيدرالي لمواجهة الأزمة.
تضررت الشركات التي عملت بالمقايضة في أثناء الأزمة المالية. إذ استخدمت البنوك المقايضة لتأمين منتجات مالية معقدة، في حين كان السوق غير منظم. لم يعد المستثمرون يهتمون بشراء المقايضة، وبدأت البنوك تحتفظ برؤوس أموال أكثر، وأصبحت تتجنب المخاطرة في منح القروض.
قُدم قانون دود-فرانك لوول ستريت من أجل تشريع سوق مقايضة التقصير الائتماني. ألغى القانون تدريجيًّا أكثر المقايضات خطورةً، وحظر على البنوك استخدام ودائع العملاء بهدف الاستثمار في المقايضات، والمشتقات الأخرى. ألزم القانون أيضًا بإنشاء غرفة مقاصة للتجارة ومقايضات الأسعار.
اقرأ أيضًا:
ما الفرق بين إعادة هيكلة الدين وإعادة تمويل الدين؟
هل تتجه الولايات المتحدة نحو الركود؟
ترجمة: يوسف حمد
تدقيق: منال توفيق الضللي