يُعَد البظر من الأجزاء الأكثر غموضًا في جسم اﻷنثى: فما هو؟ وأين يقع؟ وماذا يفعل؟ وكيف تطور؟ ولماذا ﻻ نسمع الكثير عنه؟ سنسلط الضوء على هذه اﻷسئلة وغيرها في هذا المقال.
تمتلك جميع إناث الثدييات -وبعض إناث الطيور والزواحف- بظرًا (أو اثنين، كما هو الحال مع الثعابين)، ولم يتضح بعد هل يرتبط العدد بقوة النشوة الجنسية؟ يرتبط البظر ارتباطًا وثيقًا عند البشر بالمتعة الجنسية، وما زال أداؤه أي دور آخر محل نقاش.
ومع أن نحو نصف سكان العالم يولدون ببظر، فلا أحد يتحدث عن هذا العضو الجنسي، على الأقل حتى وقت قريب جدًا، إضافةً إلى أن المعلومات الموجودة عنه في الكتب إما غير صحيحة أو مضللة.
إذن ما الذي تجب معرفته عن هذا العضو، ولماذا ما زلنا نكافح لفهمه؟ تابع القراءة لتعرف.
1- أكثر من مجرد (رابية صغيرة):
يمكن تحديد طبيعة البظر انطلاقا من اسمه، فالكلمة الانجليزية (clitoris) مشتقة من الكلمة اليونانية (kleitoris) التي تعني الرابية الصغيرة، وهي بدورها مشتقة من كلمة (kleis) التي تعني المفتاح.
إنه بالفعل مفتاح للشهوة الجنسية عند الإناث، لكنه ليس مجرد رابية صغيرة كما اعتُقِد منذ فترة طويلة، فتلك الرابية الصغيرة المحمية بغطاء البظر، الموجود فوق فتحة مجرى البول مجرد طرف من البظر، وهو عضو أكبر بكثير. هذا الطرف، المُسمى الغدة البظرية، هو فقط الجزء الأوضح من هذا العضو التناسلي، ويمتد بقية العضو أعمق من ذلك بكثير، وقد عرضت الباحثة الطبيبة هيلين أوكونيل هذه الفكرة على العامة قبل سنوات قليلة فقط.
تشرح الدكتور هيلين في مقابلتها مع بي بي سي عام 6200: «يمتد البظر حتى جدار المهبل، فإذا رفعت الجلد عن جدران المهبل الجانبية، ستجد بصيلات البظر، وهي الكتل المثلثة الهلالية من اﻷنسجة المسؤولة عن الانتصاب».
يحتوي البظر 3 مكونات رئيسية:
- حشفة البظر: الجزء المرئي الوحيد من العضو، ويمثل تقريبًا خُمس الهيكل بأكمله.
- الساقان: تمتدان مثل اﻷقواس أسفل حشفة البظر، عميقًا في نسيج الفرج من الجانبين.
- بصلتا الدهليز المهبلي: تمتدان على جانبي فتحة المهبل (ﻻ يتفق جميع الباحثين على أن البصلات الدهليزية المهبلية مرتبطة بالبظر).
يصل طول البظر إلى 7 سنتيمترات أو أكثر، تشغل منها الحشفة 4 – 7 ملليمترات، وتُعَد الحشفة الجزء الأغنى بالنهايات العصبية والأشد حساسية.
2- البظر مركز الإحساس الجنسي
يُعَد البظر المسؤول الرئيسي عن الرعشة الجنسية عند الإناث لحساسيته العالية، غالبًا ما تصور الثقافة الشعبية واﻷفلام الإباحية النشوة الجنسية النسائية على أنها تتحقق فقط من طريق الإيلاج، لكن للعلم رأي مخالف تمامًا، فقد وجد الباحثون أن معظم النساء لا يصلن إلى النشوة الجنسية إلا بتحفيز البظر، أو تحديدًا حشفة البظر.
تصف الباحثة (إميلي ناغوسكي) هذا العضو التناسلي الأنثوي بأنه (المنطقة المركزية الكبرى للإحساس الجنسي)، وتشير الدراسات الحديثة إلى أن شعور بعض النساء بأنواع النشوة الأقل شيوعًا، والأكثر إثارة للجدل -النشوة المهبلية الناتجة من الإيلاج، أو النشوة الجنسية المهبلية من خلال تحفيز المنطقة جي- قد يكون مرتبطًا بتحفيز البظر.
3- قضيب أنثوي؟
يُعَد البظر أحيانًا قضيبًا أنثويًا، بسبب ظاهرة (التماثل البيولوجي) التي تشير إلى حقيقة أن جميع الأجنة تولد بنفس اﻷجزاء، لكنها تنتظم بطرق مختلفة، لنفس السبب يمتلك الرجال حلمات ثدي رغم عدم حاجتهم أو قدرتهم على الرضاعة الطبيعية، ومع ذلك تتطور لديهم حلمات، لأنها مثل جميع أجزاء الجسم تقريبا، مبرمجة في الأطوار اﻷولى من التطور الجنيني. أي إن الرجال والنساء متشابهون فيسيولوجيًا.
ولهذا يتطور البظر بوصفه معادلاً للقضيب، تشرح ناغوسكي كيف يحدث هذا خلال التكون المبكر في الرحم: «تتعرض البويضة الملقحة بعد حوالي 6 أسابيع من استقرارها في الرحم لموجة من الهرمونات الذكرية، تستجيب الكيسة الأريمية الذكرية (مجموعة الخلايا التي ستشكل الجنين) لذلك بتطوير أجهزتها التناسلية على شكل التكوين الذكري للقضيب والخصيتين وكيس الصفن، في حين لا تستجيب لها نظيرتها اﻷنثوية، وتطور بدلًا من ذلك جهازها التناسلي على شكل التكوين اﻷنثوي للبظر والمبيض والشفرين.
4- بقايا تطورية أم مكافأة إيروتيكية؟
رغم تشابه القضيب والبظر، يؤدي القضيب العديد من الأدوار الجنسية والتناسلية والإفرازية، في حين يقتصر البظر على وظيفة واحدة وهي خلق إحساس جنسي يؤدي إلى النشوة الجنسية، فلماذا؟
تقول ناغوسكي إن النشوة الجنسية الأنثوية هي نتيجة ثانوية للتجانس البيولوجي، وعلى هذا يجب الاحتفاء بها بوصفها مكافأة رائعة، وتشرح قائلة: «إن الارتباط الوثيق للقذف بالنشوة الجنسية عند الذكور مهم للتكاثر، ولذلك فالنشوة الجنسية جزء أساسي من الأجهزة الجنسية الأنثوية أيضًا، لكن بعض الباحثين يعتقدون أن النشوة الجنسية الأنثوية لم تكن دائمًا (مكافأة)، بل يعتقدون أنه على غرار هزة الجماع الذكورية -التي تتزامن مع إطلاق السائل المنوي- ربما كانت هزة الجماع الأنثوية محفزة لإطلاق البويضات».
وجد مؤلفو مقالة نُشرت سنة 2016 في دورية (التطور الجزيئي والتنموي) أنه بعد هزة الجماع مباشرة، تشعر النساء باندفاع هرموني له تأثير في تحسين الحالة المزاجية عند الإنسان الحديث، وﻻ تختلف المواد المُفْرَزة عن تلك التي تفرزها ثدييات أخرى مثل الفئران في أثناء الجماع، إذ تحفز إفراز البويضات لتُخصب.
تُعَد الإباضة البشرية حدثًا عفويًا مستقلًا عن الجماع، لكن يفترض مؤلفو الدراسة أنه في مرحلة ما من ماضينا التطوري، ربما كان جسدنا مشابهًا للثدييات الأخرى، وكانت هزة الجماع الأنثوية محفزة لإطلاق البويضات آنذاك، ثم استمرت النشوة إرثًا تطوريًا إيروتيكيًا، دون ارتباط بالتناسل.
5- لماذا يُعَد البظر محرمًا (تابو)؟
لماذا استغرق العلماء وقتًا طويلًا لبدء الاهتمام أكثر بالبظر، ولماذا أخذ شخص ما زمام المبادرة لفحص البظر وتقديم تمثيل دقيق له فقط سنة 2009؟
في مقال نشر في مجلة (الأدوار الجنسية) سنة 2000، كتب الباحثان شيرلي ماتيل أوجليتري وهارفي ج. جينسبيرغ أن البظر كان محاطًا بالسرية، ولم يرغب أحد في الحديث عنه، واقترحا أن المشكلة بدأت في المنزل: «لأن وظيفة البظر الوحيدة هي المتعة الجنسية، فلم يجد الوالدان ما يدعو للحديث حوله».
الأكثر إثارة للدهشة، أنهم وجدوا أنه حتى الخبراء الذين يقدمون المشورة للوالدين قد استخدموا مصطلحات أخرى غير البظر عند مناقشة أهمية الأعضاء التناسلية الأنثوية.
في ثقافة ركزت على أهمية التكاثر دون المتعة، نُسي البظر، وشعر المختصون وغير المختصين على السواء بالحرج من مناقشة الأمر أو الاهتمام به، ومع ذلك، فإن عدم وجود محادثة حول الأعضاء التناسلية الأنثوية والمتعة عند الإناث قد يؤثر في الطريقة التي تفهم بها النساء صحتهن الجنسية، وقد تؤثر حتى على حياتهن الجنسية.
واختتم الباحثان قائلين: «قد يساعد الحديث عن البظر النساء على اكتشاف متعتهن الجنسية، وقد يوفر لهن استقلالية أكثر في الاختيارات الجنسية التي يتخذنها».
اقرأ أيضًا:
الرغبة الجنسية العالية: الأسباب والعلاج
كم تحرق ممارسة الجنس من السعرات الحرارية، وكيف يمكن تحسين ذلك؟
ترجمة: حمزة جبار
تدقيق: سمية المهدي
مراجعة: أكرم محيي الدين