لماذا أشعر بالحر دائمًا؟ قد يعود الشعور بالحر إلى حالة طبية معينة، أو انقطاع الطمث أو حتى الأطعمة الغنية بالتوابل. الشعور بالحر هو أحد الأعراض الطبيعية لانقطاع الطمث أو ردة فعل على أكل بعض المواد أو شربها. قد يكون أيضًا بسبب حالة صحية معينة، مثل مشكلة في الغدة الدرقية، فعند المعاناة من فرط نشاط الغدة الدرقية، تتسرع عمليات الجسم. وهذا ما يُشعر بالعطش والجوع والحرارة. يعاني بعض الناس من الهبات الساخنة أو التعرق الليلي، ويشعر آخرون بالحرارة في أثناء أنشطة معينة أو طوال الوقت.
يرتبط الشعور بالحر أو ارتفاع درجة الحرارة بكيفية تنظيم الجسم لدرجة الحرارة. تعمل منطقة صغيرة في الدماغ تسمى منطقة ما تحت المهاد بمثابة منظم حرارة، ما يحافظ على درجة حرارة الجسم الأساسية 37 درجة مئوية.
عندما يكون الجسم دافئًا جدًا، تحفز منطقة ما تحت المهاد التعرق وتفتح الأوعية الدموية القريبة من سطح الجلد للتبريد. وعندما يكون باردًا جدًا، يوجه ما تحت المهاد الدم إلى القلب، ما يحفز الارتعاش.
وبحسب الدكتور هورويتز، ينبع الشعور بالحر الشديد من مشكلة في جهاز تنظيم درجة الحرارة، وقد يؤدي عدم التوازن في هذه العمليات -التي يجب أن تكون منظمة بعناية- إلى:
- عدم تحمل الحرارة: ما يقلل من القدرة على التكيف مع درجات الحرارة المرتفعة، والشعور بالحرارة والتعرق في درجات الحرارة التي يجدها الآخرون طبيعية.
- الهبات الساخنة: التي يرى مقدمو الرعاية الصحية أنها محاولات سريعة ومبالغ فيها من الجسم للتخلص من الحرارة، وهي تمامًا كما يقترح اسمها، موجات مفاجئة من الحرارة والتعرق والاحمرار. عندما تكون شديدة، تُشعِر بالإرهاق وتُغرق في العرق، وتُعطل النوم أيضًا.
أسباب الشعور بالحر
قد تكون أسباب الشعور بالحر حالة طبيعية أو عرضًا لحالة خطرة. مدى القلق يعتمد على السبب. تتضمن بعض الأسباب التي قد تُشعر بالحر والتعرّق:
- الكافيين والكحول والطعام الحار: قد يؤثر ما نأكل وما نشرب في الجسم بطرق مختلفة. فبينما يحاول الجسم تنظيم ما يوضَع فيه، قد نشعر بالحر والتعرق. فالكافيين الموجود في القهوة والشاي والصودا مثلًا يزيد معدل ضربات القلب والاستقلاب الغذائي، وهذا ما يُشعر بالحر. أما بالنسبة للكحول فيزيد من التعرق وتدفق الدم إلى الجلد، فنشعر بالدفء. تجعل الأطعمة الغنية بالتوابل الجسم يعتقد أنه بشعر بالدفء، وهذا ما ينشط إنتاج العرق للتبريد.
- الأدوية: الشعور بالحر والتعرق هو أحد الآثار الجانبية لبعض الأدوية، مثل مضادات الاكتئاب والأدوية المضادة للقلق، وأدوية اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD)، وعوامل العلاج الكيميائي، وأدوية ضعف الانتصاب، ومضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، والمنشطات، وأدوية الغدة الدرقية. يقول الدكتور هورويتز «قد يُشعر البدء بدواءٍ جديد بالحر مؤقتًا حتى يتكيف الجسم معه، ولكن إذا استمرت الأعراض بعد شهر، فيجب إخبار الطبيب بذلك. حتى يعدل الدواء أو الجرعة إذا لزم الأمر».
- الحمل: يمر الجسم ببعض التغييرات الشديدة في أثناء الحمل، مثل الصداع وآلام الظهر والإمساك، وهذه ليست سوى جزء من الأعراض الشائعة للحمل، فالشعور بالحر أمر طبيعي عند الحامل، يقول الدكتور هورويتز: «هذا التفاعل ناتج عن ارتفاع الهرمونات وارتفاع حجم الدم الذي يمر عبر الجسم. و كمعظم الأعراض المرتبطة بالحمل، فإن الشعور بالحر يختفي بعد الولادة».
- انقطاع الطمث:أحد أشهر الأسباب للهبات الساخنة والتعرق الليلي هو انقطاع الطمث. وهو توقف الدورة الشهرية بسبب توقف المبيضين عن إنتاج الإستروجين والبروجسترون. يبدأ انقطاع الطمث عادة بين سن 45 و 55. لكن قد تبدأ الأعراض (مثل الهبات الساخنة) قبل عقد من الزمن، وتسمى هذه الفترة بما قبل انقطاع الطمث. تعاني نساء كثيرات من الهبات الساخنة المرتبطة بانقطاع الطمث، يقول الدكتور هورويتز: «لحسن الحظ، يوجد الكثير من خيارات العلاج الفعالة لتخفيف الانزعاج الشديد الناتج عن ذلك. وعند المعاناة من الهبات الساخنة، يجب تحديد موعد للتحدث عن ذلك مع الطبيب».
- التقدم في العمر: تتغير درجة حرارة الجسم مع التقدم في العمر. غالبًا ما يواجه الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا صعوبة في التكيف مع البرد أو الحرارة. إذ يقل تعرق كبار السن أقل ولديهم دورة دموية أضعف، وقد يكون لديهم أيضًا حالات طبية أو يتناولون أدوية تؤثر في تنظيم درجة الحرارة. عندما يكون الجو حارًا في الخارج، قد يشعر كبار السن بالحرارة أكثر، وهم أيضًا أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة، مثل الإنهاك الحراري أو ضربة الشمس. لهذا السبب من المهم الاطمئنان على الأقارب الأكبر سنًا والأصدقاء والجيران عندما ترتفع درجات الحرارة.
- السمنة: يحتفظ الأشخاص الذين يعانون زيادة الوزن أو السمنة بدرجات حرارة الجسم، وهذا ما يشعرهم بالدفء. وعند الاهتمام بفقدان الوزن والحفاظ عليه، يجب سؤال الطبيب عن خيارات فقدان الوزن الآمنة والفعالة.
- فرط نشاط الغدة الدرقية: وهي غدة على شكل فراشة تقع أمام الرقبة، وبوصفها جزءًا من نظام الغدد الصماء، تنتج الغدة الدرقية هرمونات تتحكم في الكثير من وظائف الجسم. وإذا كانت الغدة الدرقية مفرطة النشاط، فإنها تنتج الكثير من هرموناتها ما يسبب فترات غير منتظمة وعدم تحمل الحرارة. إذا كانت الغدة الدرقية هي المسؤولة عن ذلك، فمن المحتمل ظهور أعراض أخرى مثل التعب وترقق الشعر وفقدان الوزن غير المقصود وضبابية الدماغ. يوصي الدكتور هورويتز بالتحدث إلى مقدم الرعاية الأولية الخاص عند المعاناة من أي من هذه الأعراض.
- مرض السكري: يحدث مرض السكري عندما لا يستطيع الجسم تنظيم السكر. يساعد هرمون الأنسولين على التحكم في كمية السكر الموجودة في مجرى الدم. يفرز البنكرياس الأنسولين بعد تناول الطعام أي بعد ارتفاع مستوى السكر في الدم. ويوجد نوعين من مرض السكري: داء السكري من النوع 1: لا ينتج الجسم الأنسولين. وداء السكري من النوع 2: لا تستجيب خلايا الجسم للأنسولين كما ينبغي. يُشعر مستوى السكر المرتفع أو المنخفض جدًا بالحرارة والتعرق، وقد تحدث هذه المشكلة عند المعاناة من سوء تدبير لمرض السكري. وقد تكون علامة مبكرة على المرض. فعند الشك بعدم انتظام نسبة السكر في الدم، يجب البحث عن العلامات المبكرة لمرض السكري والتحدث مع مقدم الرعاية الصحية الخاص. إن اتباع نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام مهمَّين لتنظيم نسبة السكر في الدم.
- القلق والاكتئاب خلال الفترات العصيبة أو حالات الخطر: وهنا يُثير الجهاز العصبي استجابة تسمى الكر والفر. تعمل هذه الاستجابة على إبطاء وظائف الجسم الأقل أهمية وزيادة الاستجابة الحسية، وهذا يساعد على البقاء على قيد الحياة. عند المعاناة من القلق والاكتئاب، فقد يخبرنا العقل إننا في خطر حتى عندما لا نكون كذلك. وعندما يستجيب الجهاز العصبي للإجهاد، يزداد معدل ضربات القلب والتنفس، وقد نشعر بالدفء والاحمرار.
- فيبروميالغيا (الألم العضلي التليفي): هو مرض مزمن يسبب حساسية عالية للألم. وقد يترافق مع الشعور بالحرارة والتعرق، إلى جانب مشكلات النوم وضبابية الدماغ والصداع والتعب. يقول الدكتور هورويتز: «في حين أن الشعور بالحرارة والتعرق يرتبط بالألم العضلي الليفي، فإن معظم الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة يعانون أعراضًا أخرى مرتبطة بها … من خلال الأدوية وخطط العلاج الأخرى، بوسعنا مساعدة المرضى على الحصول على الراحة».
- السرطان: قد تؤثر عدة أنواع من السرطان في مستويات الهرمونات وتُشعِر بالحر. فالأورام العصبية الصماوية تحدث في خلايا الغدد الصماء المنتجة للهرمونات الموجودة في جميع أنحاء الجسم، وتنتج هذه الأورام العصبية الصماوية هرمونات إضافية قد تؤدي إلى المتلازمة السرطانية. والشائع عنها أنها تنتج الكثير من الأدرينالين ما قد يُشعر بالحرارة. أورام الغدد الصماء العصبية وأورام القواتم هي سرطانات نادرة. أي أنه عندما يتعلق الأمر بالسبب الذي قد تُشعر بالحرارة، فهي أقل شيوعا من الأسباب الأخرى.
كيف أوقف الشعور بالحر طوال الوقت؟
يوصي الدكتور هورويتز بتتبع الأعراض التي نشعر بها وأوقات حدوثها: أنشعر بالحر طوال الوقت؟ أنعاني من الهبات الساخنة أو التعرق الليلي؟ ويقول: «الشعور بالحر فيما يتعلق بالطعام أو الكافيين أو الكحول أمر شائع ولا يجب أن يسبب الخوف، ولكن عند الشعور بعدم القدرة على تنظيم درجة حرارة الجسم، أو إذا كان الشعور بالحر يؤثر في الحياة، فقد حان الوقت للتحدث إلى مقدم الرعاية الأولية الخاص».
سيتحقق مقدم الرعاية الصحية من الأعراض ويساعد على تحديد الخطوات التالية، وقد يوصي بإجراء اختبارات الدم أو المراقبة الإضافية أو الإحالة إلى مختص. قد يساعد التعاون مع مزود الرعاية على معرفة ما يُشعر بالحر وإيجاد التدابير للمساعدة على التهدئة.
اقرأ أيضًا:
كيف يؤثر انقطاع الطمث في بشرتك وشعرك؟ إليك الحل لتلك المشكلات
الصداع النصفي والنوم: هل يؤثر انقطاع الطمث في جودة النوم؟
ترجمة: سلاف الغزالي
تدقيق: لين الشيخ عبيد
مراجعة: محمد حسان عجك