متلازمة صدمة الاغتصاب نوع محدد من اضطراب ما بعد الصدمة، يحدث بعد الاعتداء الجنسي، وهي مرتبطة عادةً بالاغتصاب، لكنها قد تنجم أيضًا عن الأشكال الأخرى من التحرش الجنسي مثل محاولة الاغتصاب.

مع أن متلازمة صدمة الاغتصاب تُصنَّف غالبًا حالةً شعورية ونفسية أكثر منها جسدية، فإنها تُعد متلازمة، إذ تضم سلوكيات وأفكار ومشاعر موحدة بين ضحايا الاعتداء الجنسي، وقد ابتكر هذا المصطلح الممرضة آنا وولبرت بيرغس وعالمة الاجتماع ليندا ليتل هولمستورم عام 1974.

تختلف الاستجابة للصدمة بين شخص وآخر، لكن أعراض متلازمة صدمة الاغتصاب تتضمن القلق وتقلبات المزاج والشعور بالعجز والانسحاب من المجتمع والكوابيس واسترجاع الأحداث واختلال الوظيفة الجنسية. قد يشعر ضحايا الاعتداء الجنسي ببعض هذه الأعراض أو جميعها، وقد تستمر لديهم طيلة أشهر أو سنوات بعد الحادثة.

مراحل متلازمة صدمة الاغتصاب:

تنقسم المتلازمة عمومًا إلى ثلاثة مراحل بناءً على حادثة الاعتداء الجنسي:

  •  المرحلة الحادة.
  •  مرحلة التكيف الظاهري.
  •  مرحلة الحل أو الاندماج.

المرحلة الحادة:

تحدث هذه المرحلة في غضون لحظات أو أيام أو أسابيع بعد التعرض للاعتداء الجنسي. يمكن تصنيف الضحايا إلى ثلاث فئات:

  •  فئة التعبير: تعبّر الضحية عن مشاعرها واستيائها.
  •  فئة الخضوع: يشعر الضحايا بالصدمة لكنهم لا يعبرون عن استيائهم ويتصرفون كأن كل شيء على ما يرام.
  •  فئة الذهول والإنكار: تشعر الضحية بالتشويش وتواجه صعوبة في تذكر ما حدث.

مرحلة التكيف الظاهري:

تلي المرحلة الحادة، وقد تستغرق بضعة أسابيع أو أشهر أو أكثر. لا تبدو ضحية الاعتداء الجنسي في هذه المرحلة مصدومة ومهزوزة كما كانت في المرحلة الحادة التي بدأت بعد الحادثة مباشرةً، بل تبدو بخير وكأنها تجاوزت الأمر، إلا أن الظاهر ليس الحقيقة.

قد يحاول الضحايا في هذه المرحلة تبرير الحادثة ويتصرفون وكأنها لم تكن شيئًا مهمًا ويرفضون التحدث عنها، وقد يظهرون أيضًا ردود فعل ملحوظة مثل الانتقال من مدينتهم أو تغيير علاقاتهم.

بصرف النظر عن أسلوب التكيف الذي تتخذه الضحية، فإنها لا تزال في حالة صدمة شديدة في هذه المرحلة.

مرحلة الحل أو الاندماج:

تمثل مرحلة الحل أو الاندماج المرحلة الثالثة والأخيرة لمتلازمة صدمة الاغتصاب، وتبدأ عندما تواجه الضحية حقيقة الاعتداء الجنسي وتتقبلها وتبذل جهدها لمحاولة تجاوزها.

قد لا تسامح الضحية المعتدي أبدًا أو تتمكن من الشعور بالراحة الجنسية التامة مجددًا، لكنها تبذل جهدًا مكثفًا للمضي قدمًا في حياتها رغم ما حدث. لسوء الحظ تستمر هذه المرحلة إلى أجل غير محدد، وقد ينتكس بعض الأشخاص إلى إحدى المرحلتين السابقتين.

أعراض متلازمة صدمة الاغتصاب:

لا توجد استجابة محددة لأي حادثة، لكن تبين متلازمة صدمة الاغتصاب بعض الأنماط الموحدة. يمر ضحايا الاعتداء الجنسي بعدة مشاعر وأفكار وسلوكيات على مدى أيام وأسابيع وأشهر بعد الحادثة.

تتضمن الأعراض الظاهرية الأكثر شيوعًا:

  •  القلق.
  •  الصدمة والتشويش.
  •  البكاء.
  •  تقلبات المزاج.
  •  الشعور بالعجز.
  •  الانسحاب.
  •  تبرير الحادثة أو إنكارها.
  •  اختلال الوظيفة الجنسية.
  •  استرجاع ذكريات الحادثة والكوابيس.
  •  صعوبة التركيز.
  •  الغضب.
  •  الشعور بالعار أو لوم الذات.
  •  الاكتئاب.
  •  الأفكار والميول الانتحارية.
  •  الفوبيا (الخوف غير المبرر).

تسبب صدمة الاغتصاب أذى شعوريًا وأسى قد يؤثر في قدرة الضحية على العمل، يشعر بعض الضحايا أيضًا بالخوف من اللمس وصعوبة في تقبل الحميمية، إلى جانب مشكلات جسدية مثل ألم الحوض، والاضطرابات المعوية، والألم المزمن.

ما سبب متلازمة صدمة الاغتصاب؟

قد يُصاب ضحايا الاعتداء الجنسي بمتلازمة صدمة الاغتصاب حتى في حال تعرضهم للاعتداء بصورة مختلفة عن الاغتصاب، إذ يجب أن يتضمن الاعتداء الجنسي الإيلاج ليعده القانون اغتصابًا.

تُعد جميع هذه السلوكيات اعتداءً جنسيًا، وقد تسبب متلازمة صدمة الاغتصاب:

  •  محاولة الاغتصاب.
  •  اللمس الجنسي القسري.
  •  الممارسات الجنسية الإجبارية.

يعني ذلك أنه يمكن الإصابة بمتلازمة صدمة الاغتصاب وإن لم يكن الاعتداء الجنسي اغتصابًا في نظر القانون، وهي قد تحدث سواءً أكان المعتدي من أقارب الضحية أم شخصًا غريبًا، وسواءً استمر الاعتداء ساعات عديدة أو أقل من دقيقة، وسواءً كان في منزل الضحية أو المعتدي أو في مكان عام.

كيف يعرف المرء أنه مصاب بمتلازمة صدمة الاغتصاب؟

إذا تعرض شخص للاعتداء الجنسي لا سيما الاغتصاب، سيُصاب على الأرجح بمتلازمة صدمة الاغتصاب، وقد أصيب بها غالبًا ضحايا الاعتداء الجنسي في الماضي دون إدراكهم أن أعراضهم في الحقيقة متلازمة تحمل اسمًا.

تُعد متلازمة صدمة الاغتصاب الاستجابة الأكثر شيوعًا وتوقعًا بعد التعرض للاغتصاب، حال تصرفت الضحية بصورة مختلفة، فإن ذلك لا يعني أنها تجاوزت الإصابة بالمتلازمة، لكن قد يعالج الدماغ الأمر بطريقة مختلفة. التعرض للاغتصاب أو الاعتداء الجنسي يشير إلى أن الضحية أصيبت أو لا تزال مصابة بمتلازمة صدمة الاغتصاب.

يؤكد الباحثون أن على الضحايا والأقارب والاختصاصيين إدراك أن متلازمة صدمة الاغتصاب ليست استجابة غير طبيعية، وإنما رد فعل طبيعي تجاه حادثة صادمة وغير طبيعية.

علاج متلازمة صدمة الاغتصاب:

قد تبدو الصدمة النفسية الناجمة عن الاعتداء الجنسي أبدية، ويشعر العديد من الضحايا وكأنما حياتهم تغيرت إلى الأبد بعد الحادثة، لكن لحسن الحظ ثمة بعض الخطوات التي يمكن اتباعها في حالة متلازمة صدمة الاغتصاب.

مع أن مسح الحادثة من الذاكرة ليس ممكنًا، فإن الاستعانة بمساعدة الأحباء والمعالجين النفسيين تساعد على تجاوز المحنة والعيش بسعادة مجددًا.

طلب المساعدة من الأشخاص المقربين:

ليس من الصواب المرور بهذه المحنة دون طلب المساعدة، لذا يستحسن التحدث مع شخص مقرب وطلب مساعدتهم للبحث عن معالج نفسي متخصص في التعامل مع الأزمات.

الانضمام إلى مجموعة الدعم:

يشعر الضحايا بتحسن لمجرد معرفتهم أنهم ليسوا الوحيدين في هذه المعاناة، لذا يتيح لهم الانضمام إلى مجموعة دعم الشعور بذلك وفهمه على نحو أعمق، ويمكن إيجاد مجموعات الدعم للناجين من الاعتداء الجنسي على الإنترنت.

الاستعانة بمعالج نفسي متخصص:

يساعدنا أي نوع من العلاج النفسي على تجاوز الأوقات الصعبة، في هذه الحالة يستحسن البحث عن معالج نفسي متخصص في التعامل مع ضحايا الاعتداء للحصول على العلاج الأنسب. تتضمن هذه الفئة من العلاج النفسي العديد من الأنواع، وقد يلزم على الضحية تجربتها لمعرفة النوع الأنسب. من السبل العلاجية الفعالة: المعالجة الإدراكية.

كيف ندعم ضحايا متلازمة صدمة الاغتصاب؟

يمكن دعم الأشخاص المصابين بمتلازمة صدمة الاغتصاب باتباع الآتي:

  •  الإصغاء إليهم والإقرار بمشاعرهم: السماح لهم بالتحدث عن تجربتهم في الوقت الذي يناسبهم والتركيز فقط على دعمهم والانتباه إلى حديثهم.
  •  عدم الضغط عليهم: يجب عدم الضغط على الضحية بهدف اتخاذ خطوة ليست مستعدة لها بعد، بل ينبغي إشعارها بأنها تحظى بالدعم أيًا كانت الخطوة التي تقرر فعلها.
  •  عدم لوم الضحية أو إحراجها: يميل الأشخاص عادةً إلى البحث عن الأسباب وراء حدوث الأشياء السيئة، بيد أن ذلك يضع اللوم على الضحية بدلًا من المعتدي، لذا ينبغي عدم لوم الضحية لتشعر بأن أقربائها يصدقونها ويدعمونها.

يعد الدعم من الأشخاص المقربين عنصرًا أساسيًا في التعامل مع الصدمات، إذ تبين البحوث أن الأشخاص الذين يفتقرون إلى هذا الدعم يواجهون مصيرًا أسوأ في العلاج والتعافي.

قد تكون متلازمة صدمة الاغتصاب تجربةً مجهدة، وقد تبدو لا نهائية خصوصًا في مراحلها الأولى، لكن يمكن تجاوزها وبدء رحلة التعافي باتباع الخطوات المقترحة، فقط ينبغي الصبر والتحقق من الاعتناء بالذات والاعتماد على الأشخاص المقربين للحصول على الدعم الكافي.

اقرأ أيضًا:

المساعدة بعد الاغتصاب والاعتداء الجنسي

لماذا يستمر بعض ضحايا الاغتصاب في مواعدة مغتصبيهم؟

ترجمة: رحاب القاضي

تدقيق: أكرم محيي الدين

مراجعة: باسل حميدي

المصدر