يعلم الجميع أن الطاقة الشمسية مجانية ولا حدود لها تقريبًا هنا على الأرض. وهذا صحيح أيضًا للمركبات الفضائية التي تعمل في النظام الشمسي الداخلي.

لكن في الفضاء تستطيع الشمس أن تقدم أكثر من توفير الطاقة الكهربائية، إذ تنبعث منها تيارات لانهائية من الرياح الشمسية.

بوسع الأشرعة الشمسية استغلال هذه الرياح وتوفير دفع للمركبات الفضائية، وتوشك وكالة ناسا على اختبار تصميم جديد للأشرعة الشمسية قد يجعلها أكثر فعالية.

ينتشر الضغط الشمسي في النظام الشمسي بأسره، ويضعف مع المسافة لكنه موجود. يؤثر في جميع المركبات الفضائية ومن ضمنها الأقمار الصناعية، ويؤثر كثيرًا في الرحلات الفضائية طويلة المدى.

قد تضطر المركبة المتجهة في مهمة إلى المريخ إلى الانحراف عن مسارها بآلاف الكيلومترات في أثناء رحلتها بواسطة الضغط الشمسي، وقد يؤثر الضغط أيضًا في توجيه المركبة، لكنها مصممة للتعامل معه، فمع إنه يُعد عائقًا فإنه يمكننا استخدامه لصالحنا.

أُطلق عدد قليل من المركبات الفضائية ذات الأشرعة الشمسية لاختبارها، بدءًا من المركبة الفضائية اليابانية إيكاروس عام 2010 التي أثبتت أنه من الممكن استخدام ضغط الإشعاع من الشمس بشكل الفوتونات للتحكم في المركبة الفضائية.

أحدث المركبات الفضائية ذات الأشرعة الشمسية هي لايتسيل-2 للجمعية الكوكبية التي أُطلقت عام 2019، وعُدت مهمة ناجحة استمرت أكثر من ثلاث سنوات.
تمتاز المركبات الفضائية ذات الأشرعة الشمسية عن المركبات الفضائية الأخرى ببعض الإيجابيات، فأنظمة الدفع فيها خفيفة الوزن جدًا ولا تنفد من الوقود، وبوسعها أداء المهام بتكلفة أقل وقد تستمر فترة أطول.

ومع إن مفهوم الشراع الشمسي أثبت إمكانية عمله فتوجد محدودية، لأن الفعالية الحقيقية لهذه الفكرة تحتاج إلى تقدم تقني، فالنقطة الحرجة بمركبات الشراع الشمسي هي الحِزم التي تدعم مواد الشراع، فهي صغيرة ويجب أن تُفرد قبل بدء عملها، وهي الوزن المعيق في المركبة (وكلما كانت الحِزم أخف زادت فعلية المركبة)، وقد تمتلئ عملية الفرد بالصعوبات وتسبب ضغطًا على فريق العمل الأرضي، الذي يضطر إلى الانتظار والمراقبة للتحقق من نجاحها.

ستُطلق ناسا نظام ACS3 الذي يمتاز بتصميم يدعم البنية بطريقة أفضل، فالمواد المستخدمة هي ألياف الكربون والبوليميرات المرنة، ويتضمن الإطلاق أيضًا قمر صناعي من تصنيع NanoAvionics بحجم معياري 12U.

الهدف الرئيسي هو إظهار نشر الأذرع، لكن فريق ACS3 يأمل أيضًا في أن تثبت المهمة أن مركباتهم للأشرعة الشمسية تعمل. وإذا نجح نشر الأذرع يأمل فريق ACS3 في تنفيذ بعض المناورات، فلتغيير الاتجاه ومدار المركبة تُميل المركبة أشرعتها. الهدف هو بناء أشرعة أكبر تستطيع توليد مزيد من الدفع.

صممت أذرع ACS3 للتغلب على مشكلة الأذرع، إذ يقول كيتس ويلكي من وكالة ناسا بوصفه المحقق الرئيسي لـ ACS3 في مركز لانغلي للأبحاث: «كانت الأذرع تميل إلى أن تكون إما ثقيلة ومعدنية أو مصنوعة من مركب خفيف الوزن بتصميم ضخم، وكلاهما لا يعملان جيدًا لمركبات الفضاء الصغيرة حاليًا».

يقول آلان رودز مهندس الأنظمة الرئيسي للمهمة في مركز أميس لأبحاث ناسا: «تحتاج الأشرعة الشمسية إلى أذرع كبيرة ومستقرة وخفيفة الوزن يمكن طيها بشكل مدمج، أذرع هذه الشراع مصنوعة على شكل أنابيب ويمكن ضغطها وطويها مثل شريط القياس إلى حزمة صغيرة، بينما تقدم جميع مزايا المواد المركبة مثل الانحناء والتمدد الأقل عند تغيّر درجة الحرارة».

ستُطلق ACS3 على صاروخ إلكترون من مجمع إطلاق Rocket Lab في نيوزيلندا، ستتجه إلى مدار متزامن مع الشمس على ارتفاع ألف كيلومتر فوق الأرض، وما إن تصل المركبة ستفك أذرعها وتنشر شراعها، وسيستغرق نشر الشراع نحو 25 دقيقة، فهو بمساحة تبلغ 80 مترًا مربعًا لجمع الفوتونات، وهذا أكبر بكثير من لايتسيل-2 الذي كانت مساحة شراعه 32 مترًا مربعًا.

وبينما تنشر نفسها، ستراقب الكاميرات على المركبة الشكل والتناظر وتجمع البيانات من التحركات لتغذية تصميمات الشراع المستقبلية. يضيف آلان رودز:

«بالوسع لف سبعة أمتار من الأذرع القابلة للنشر بشكل يتناسب مع راحة اليد، والأمل هو أن يلهم التحقق من التقنيات الجديدة المستخدمة على هذه المركبة الآخرين لاستخدام هذه التقنيات بطرق لم نفكر فيها حتى الآن».

تُعد ACS3 جزءًا من برنامج تكنولوجيا المركبات الفضائية الصغيرة لناسا، ويهدف البرنامج إلى إطلاق مهمات صغيرة تظهر قدرات فريدة بسرعة.

ومع الأذرع المركبة وألياف الكربون الفريدة، يمتلك نظام ACS3 القدرة على دعم أشرعة بمساحة تصل إلى ألفي متر مربع.

مع الأشرعة الكبيرة تتغير أنواع المهام التي بالوسع دعمها، فبينما كانت المركبات الفضائية ذات الأشرعة الشمسية نماذج تجريبية صغيرة حتى الآن، يمكن للنظام أن يدعم بوتيرة كبيرة بعض المهام العلمية الجادة.

اقرأ أيضًا:

كيف لمركبة فضائية صغيرة جدًا أن تصل إلى المريخ بسرعة؟

سبع مركبات فضائية مستقبلية ل السفر بين النجوم و استكشاف الكون

ترجمة: حمداش رانية

تدقيق: محمد حسان عجك

مراجعة: باسل حميدي

المصدر