بينما يُشَجَّع الناس على شرب الماء لما له من فوائد صحية، يتضح أن الإفراط في تناوله قد يكون مشكلةً خطيرة؛ إذ يُقال: «كل شيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده». إن الإكثار من شرب الماء قد يؤدي إلى التسمم المائي، وهي حالة قد تكون لها آثار خطيرة جدًا.

ما هو التسمم المائي؟

التسمم المائي هو حالة نادرة تحدث نتيجة شرب كميات مفرطة من الماء تتجاوز قدرة الكلى على التخلص منها عن طريق التبول. يؤدي فائض الماء إلى تخفيف تركيز الدم من الشوارد المهمة مثل الصوديوم، ما يُعرف بنقص صوديوم الدم (الهيبوناتريميا). نتيجة لذلك، ينتقل الماء إلى داخل خلايا الجسم، بما في ذلك خلايا الدماغ، ما يسبب تورمها وارتفاع الضغط داخل الجمجمة، وهو ما قد يؤثر في وظائف الدماغ. مع أنه نادر، قد يكون تسمم الماء مميتًا إذا تُرك دون علاج.

العوامل المؤدية إلى التسمم المائي:

يوجد بعض الحالات التي تزيد من احتمالية حدوث التسمم المائي، منها:

الرياضيون في رياضات التحمل: الذين يفقدون كميات كبيرة من العرق ويحاولون تجنب الجفاف بشرب كميات كبيرة من الماء؛ وفي حال عدم تعويض الشوارد المفقودة، قد يحدث فرط في تناول الماء.

استخدام بعض الأدوية: قد تؤدي بعض الحالات المرضية أو الأدوية إلى تغيّر في توازن السوائل بالجسم، ما يزيد من خطر الإصابة بالتسمم المائي.

حالات مرتبطة بتعاطي المخدرات: مثل حالة المراهقة (ليه بيتس) في المملكة المتحدة التي توفيت نتيجة التسمم المائي بعد تناولها دواء MDMA؛ إذ يسبب هذا الدواء ارتفاع درجة حرارة الجسم والتعرق المفرط، مما يدفع المستخدم إلى شرب كميات كبيرة من الماء، وقد يسبب هذا الدواء احتباس البول، ما يزيد من احتمالية حدوث التسمم المائي.

ما هي أعراض التسمم المائي؟

قد يؤدي التسمم المائي إلى مجموعة من الأعراض، منها:

  •  الصداع
  •  الدوخة
  •  تغيّرات في الحالة العقلية مثل الارتباك
  •  التعب
  •  الانتفاخ والغثيان والقيء
  •  قد يعاني بعض الأشخاص تورم في اليدين والقدمين، إضافةً إلى أعراض عضلية مثل الضعف والألم والتشنج.

في الحالات الشديدة أو إذا تُركت دون علاج، قد يؤدي التسمم المائي إلى مضاعفات خطيرة مثل النوبات الصرعية والغيبوبة أو حتى الوفاة، وقد أشارت تقارير إلى أن الممثلة الأمريكية بروك شيلدز تعرضت إلى نوبة صرع في عام 2023 نتيجة انخفاض مستويات الصوديوم بعد شرب كمية مفرطة من الماء.

كيفية علاج التسمم المائي:

تتضمن خطوات العلاج الرئيسية ما يلي:

  •  التوقف عن شرب الماء: يجب إيقاف تناول الماء فورًا حتى تُقيم الحالة من قبل مختصين طبيين.
  •  تحديد السبب: يعمل الفريق الطبي على معرفة إذا كان سبب التسمم مرتبطًا بحالة صحية أو أدوية معينة.
  •  العلاج الطبي: غالبًا ما يُعالج المرضى المصابون بنقص صوديوم الدم بتسريب محلول ملحي عالي التركيز عبر الوريد، لإعادة مستوى الصوديوم إلى المعدل الطبيعي.
  •  مدة التعافي: تختلف مدة التحسن؛ فقد يشعر بعض المرضى بتحسّن خلال ساعات قليلة، بينما قد تحتاج الحالات الأشد إلى أيام من الرعاية المركزة.

الوقاية من التسمم المائي:

تعتمد كمية الماء التي يحتاجها الفرد على عوامل متغيرة، مثل:

  •  كمية التعرق اليومي
  •  درجة حرارة الجو
  •  الحالة الصحية العامة للفرد

لذا، لا يمكن الاعتماد على قاعدة عامة مثل (ثمانية أكواب يوميًا). يُنصَح الأشخاص الأصحاء بالاستماع إلى أجسامهم: شرب الماء عند الشعور بالعطش والتوقف عند الارتواء. يُعد الشعور بالغثيان أو الانتفاخ بعد شرب الماء إشارة إلى التوقف عن الإفراط في الشرب. من المفيد أيضًا مراقبة لون البول، إذ يشير البول الأصفر الفاتح إلى توازن جيد في السوائل، بينما قد يدل البول الشفاف على الإفراط في شرب الماء.

اقرأ أيضًا:

لماذا لا ينبغي أن يشرب الأطفال الكثير من الماء؟

الماء ضروري لصحة الإنسان، لكن النصائح حول كميته مثيرة للجدل

ترجمة: حسين الحسين

تدقيق: يامن صالح

مراجعة: ميرڤت الضاهر

المصدر