يبدو أن الصور المشوهة عن التنويم المغناطيسي باتت منتشرة في البرامج التلفزيونية والأفلام، فعلى سبيل المثال، يفترض أناس أن التّنويم المغناطيسي ناتج عن حالة غير عادية من الوعي أو نشوة مرتبطة بفقدان قوة الإرادة وضبط النفس، ونذكر من الأفلام التي تروج لفكرة النشوة الناتجة عن التّنويم المغناطيسي وإجباره الأفراد على السرقة أو القتل أو الارتداد إلى الحياة الماضية: ذا مانشوريان كانديديت، وديد أغين وذا كيرس أوف ذا جيد سكوربيون. ومن جهة أخرى، تصنف الأفلام أحيانًا التنويم المغناطيسي على أنه حل سريع لفقدان الوزن، وتحسين النوم، وبناء الثقة بالنفس وما إلى ذلك.
بالنظر إلى خرافات التّنويم المغناطيسي هذه، لم يعد مستغربًا خوف بعض الناس منه، لكن ورقة حديثة -بقلم لين وآخرين، من جامعة بينغهامتون (SUNY)، وكلية الطب بجامعة هارفارد، وغولد سميث (جامعة لندن)، وجامعة ولاية أوهايو- نُشرت في عدد ديسمبر 2020 من دورية Applied Cognitive Psychology، بددت 21 خرافة عن التنويم المغناطيسي.
1. التنويم المغناطيسي غير مجدٍ، أو يوصف بأنه حل سريع.
لا يُعدّ التّنويم المغناطيسي مفيدًا للجميع ولا حلًا سريعًا. على أي حال، بينت الأبحاث السابقة فائدة التنويم المغناطيسي في علاج الكثير من الحالات الصحية كالألم والقلق والاكتئاب، واضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية PTSD، ومتلازمة القولون المتهيج IBS والسمنة والحالات النفسية الجسدية، والأعراض المرتبطة بالعلاج الكيميائي مثل الغثيان والإقياء وغيرها.
2. التنويم المغناطيسي تدخل قائم بذاته.
غالبًا ما يستخدم التّنويم المغناطيسي بصفته عاملًا مساعدًا لتقنيات علاجية أخرى مثل الأدوية والعلاج النفسي الديناميكي، خاصة العلاج السلوكي المعرفي CBT.
3. إما أن يكون المرء قابلاً للتنويم المغناطيسي وإما أن يكون غير قابل للتنويم على الإطلاق.
غالبًا ما يُطلق على الاستجابة الإيجابية للإيحاءات التنويمية اسم قابلية التنويم المغناطيسي، ويفترض بعض الناس أنها حالة غشية Trance مستمرة إما أن تملك قابلية الدخول فيها وإما أن لا تملكها. لكن هذا ليس صحيحًا، فعلى سبيل المثال، حتى أولئك الذين يتمتعون بدرجة عالية من قابلية التنويم المغناطيسي يستجيبون لبعض الإيحاءات دون غيرها.
4. الإيحائية التنويمية والإيحائية غير التنويمية أمران مختلفان اختلافًا جوهريًا.
يُطلق على ميل الفرد إلى الاستجابة للإيحاءات، أي تجربة ردود المرء على أنها لا إرادية اسم الإيحائية، ولا تُعد الغشية ضروريةً للاستجابة لنوع الإيحاء التخيلي المستخدم في التّنويم المغناطيسي، ما يعني أن الإيحائية المنومة وغير المنومة لا يختلفان اختلافًا كبيرًا.
5. التنويم المغناطيسي يزيد الاستجابة للإيحاء.
تزداد الإيحائية في أثناء التّنويم المغناطيسي زيادةً صغيرةً جدًا، إذ لاحظ لين والباحثون المشاركون أن مقاييس التنويم المغناطيسي تقيم الاستجابة للإيحاءات التي تُستخدم عادةً في التنويم المغناطيسي، بصرف النظر عن تلقي الشخص تحفيزًا من عدمه.
6. الأشخاص المنومون يدخلون في الغشية.
اقترح بعض الكُتاب أن الأفراد المنومين مغناطيسيًا يدخلون تلقائيًا في الغشية دون تلقي تحريضات منومة، لكن معظم هؤلاء الكتاب لم يحددوا بوضوح ماهية هذه الغشية، إذ تعتمد غالبًا على التقرير الذاتي الذي يقدمه الأفراد عن تعرضهم للغشية.
7. ترتبط “خاصية التنويم” ارتباطًا وثيقًا بإمكانية الإيحائية التنويمية.
لم تعثر الأبحاث على سمات شخصية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالاستجابة التنويمية، باستثناء السمات المتداخلة مع مفهوم التنويم المغناطيسي نفسه، مثل الانغماس في الخيال والاندماج والميل إلى الانغماس في الأفلام.
8. تشير الاستجابة إلى التزييف أو الامتثال فقط.
مع أن الامتثال قد يلعب دورًا في الاستجابة، فإن دراسات التصوير الطبي تظهر دليلًا على تنشيط مناطق الدماغ المتعلقة بالأحداث المقترحة، مثل الباحات البصرية التي تُنشط في سياق الهلوسة البصرية، ما يشير إلى أن الاستجابات المنومة حقيقية.
9. من المستحيل تغيير الإيحائية التنويمية.
وفقًا لنتائج البحث، صُنف الكثير من الأفراد منخفضو الإيحائية على أنهم قابلون للإيحاء بدرجة عالية بعد تلقي التدريب اللازم، مثل التدريبات المخصصة لتعزيز التوقعات الإيجابية والدوافع.
10. يحتاج المنومون إلى أن يكونوا من ذوي المهارات العالية لإنتاج استجابة كبيرة.
إن صورة المنوم المغناطيسي على أنه ساحر قادر على تنويم أي شخص عشوائي صورة أسطورية، إذ لا يتطلب التنويم المغناطيسي سوى القدرة على تطبيق الإجراءات والتمتع بالمهارات الاجتماعية الأساسية، مثل تأسيس علاقة مع الآخر.
11. تختلف فاعلية التحريضات المنومة اختلافًا كبيرًا.
لم يُعثر على اختلافات كبيرة بين التحريضات المنومة.
12. ينخفض الوعي المحيطي انخفاضًا كبيرًا في أثناء التنويم المغناطيسي.
يستمر دعم هذه الخرافة عبر تعريف الجمعية الأمريكية لعلم النفس للتنويم المغناطيسي، إذ يقول إن التّنويم المغناطيسي حالة من الوعي تنطوي على تركيز الانتباه وانخفاض الوعي المحيطي، ويتميز بقدرة معززة على الاستجابة للإيحاء. على أي حال، تنوه البيانات المتاحة بأن الوعي المحيطي لا ينخفض بشدة في أثناء التنويم المغناطيسي، وبالتأكيد لا ينخفض بسبب الغشية.
13. الاهتمام المركّز مفتاح الاستجابة الفاعلية في التّنويم المغناطيسي.
لا يُعد الاهتمام المركّز على فكرة معينة وتثبيط كل شيء أمرًا ضروريًا للاستجابة التنويمية.
14. تظهر آثار التنويم المغناطيسي بسبب الاسترخاء.
لا ترجع التأثيرات المنومة إلى الاسترخاء، فحتى التحريضات المنومة المرتبطة بالتمرينات مثلًا نفذت فاعليتها وأثبتت، حالها حال التحريضات المنومة القائمة على الاسترخاء.
15. حالات التنويم تشبه النوم.
مع أن المشاركين المرهقين ينامون أحيانًا بعد إيحاءات معينة، مثل الأمر بإغماض العينين، فإن المشاركين يكونون مستيقظين ومدركين لبيئتهم في أثناء التنويم المغناطيسي.
16. حالات التنويم تشبه التأمل.
قد يرتبط كلاهما بالإيحاء والاسترخاء، لكن التنويم المغناطيسي يوجه النشاط العقلي العفوي نحو الأحداث المقترحة، بينما تتطلب اليقظة مهارات ما وراء معرفية، ومراقبة الأفكار والعواطف العفوية من موقف متقبل بعيد عن إطلاق الأحكام، وعلى أرض الواقع غالبًا ما يكون الأشخاص الأكثر قابلية للإيحاء أقل وعيًا.
17. حدّدت معالم مناسبة لحالة التنويم.
لم يُعثر على علامات موثوقة مثل حركات العين والآليات العصبية لحالات النشوة.
18. اللا إرادية التي تحدث في أثناء التنويم المغناطيسي ناتجة عن النشوة.
يوضح المؤلفون أن تصور اللا إرادية سمة من سمات الاستجابة للإيحاء ببساطة، ونتيجة ثانوية لحقيقة أن العديد من السلوكيات المقصودة اليومية نبدأ بها تلقائيًا، والافتراضات المتعلقة باللا إرادية للاستجابات التنويمية.
19. لا يمكن مقاومة الإيحاءات المنومة.
لا يتصرف الشخص المنوم مثل الإنسان الآلي الذي سيفعل ما يأمر به المنوم المغناطيسي، ولا ترتبط تجربة اللا إرادية بوجود نشوة، بل بالتوقعات حول امتلاك الفرد سيطرة طوعية عند التنويم المغناطيسي.
20. قد يحسن التّنويم المغناطيسي ذكريات الأحداث الأخيرة بصورة موثوقة.
مع أن التنويم المغناطيسي قد يزيد من دقة الذكريات، إلا أنه يزيد أيضًا من الذكريات الخاطئة.
21. يساعد التقهقر العمري التنويمي على استعادة الذكريات البعيدة.
أمّا عن خرافات التّنويم المغناطيسي المتعلقة بالتقهقر العمري مثل ذكريات الطفولة أو تقهقر الحياة الماضية مثل التجسيد، فقد فشل البحث في دعم دقة هذه الذكريات رغم ادعاءات أشخاص مثل الدكتور برايان وايس أو الضيوف في برنامج دكتور أوز.
اقرأ أيضًا:
العلاج النفسي بالتنويم المغناطيسي
التنويم المغناطيسي: أين تبدأ الخرافات؟
ترجمة: حسام شبلي
تدقيق: سمية بن لكحل