توصلت دراسة إلى أن أحد أنواع الألياف الموجودة في الشوفان قد يؤدي إلى فقدان الوزن أكثر.

كشفت دراسة جديدة عن الدور الهام لأحد أنواع الألياف في إنقاص الوزن، والتي تسمى (البيتا غلوكان)، وذلك بعد الاستعانة بفئران نموذجية مصابة بالسمنة.

أظهر الباحثون دور ألياف البيتا غلوكان المتوقع بمنزلة استراتيجية غذائية واعدة لعلاج أمراض الاستقلاب، وذلك إذا ثبُتت بالفعل صحة هذه النتائج لدى البشر.

تواصلت صحيفة ميديكال نيوز توداي مع عدد من الخبراء الذين لم يشاركوا في الدراسة، وذلك للأخذ برأيهم وفهم نتائج الدراسة بطريقة علمية.

هل تعد الألياف عنصرًا غذائيًا مهملًا؟

لم يمر وقت طويل على اكتشاف العلماء أن الألياف ليست بنى يقتصر دورها على تنظيم حركة الأمعاء فقط، إذ يدرك الباحثون الآن ضرورة تناول الأطعمة الغنية بالألياف للحفاظ على صحة جهاز الهضم والجسم عامة.

لا يستطيع جهاز الهضم تحطيم الألياف بسهولة، ما يدفعه لتمريرها على السبيل الهضمي بأكمله، حتى تُكسر تكسيرًا كاملًا.

تخمر البكتيريا الموجودة في المعي الغليظ الأليافَ عند وصولها إليه، وتحرر البكتيريا في أثناء عملية التخمير السابقة مجموعة من المركبات الضرورية للحفاظ على الصحة، مثل الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة.

أجرت الصحيفة مقابلة مع الطبيب مير علي وهو جراح لعلاج السمنة حائز على الزمالة، والمدير الطبي لمركز MemorialCare الجراحي لإنقاص الوزن والتنحيف في مركز أورنج كاست الطبي في كاليفورنيا، التي وضح فيها الدور الأساسي الذي تؤديه الألياف في الحفاظ على الصحة العامة قائلًا: «تقدم الحمية الغذائية التي تحتوي على كمية كبيرة من الألياف عدة فوائد، إذ تخفض مستوى الكوليسترول وسكر الدم، وتعزز حركات الأمعاء الطبيعية وصحة جهاز الهضم، وتقلل من احتمالية الإصابة بالتهاب الرتوج وغيرها من اضطرابات الهضم».

وضّحت أيضًا الطبيبة جانيس لاستر، وهي اختصاصية حائزة على الزمالة في مجال الطب الباطني والهضمية والسمنة والتغذية، قائلة: «يستطيع المرء تعزيز عمل البكتيريا في جهاز الهضم عن طريق إدخال كمية أكبر من الألياف إلى نظامه الغذائي، ويمكّنه ذلك أيضًا من زيادة الإحساس بالشبع، ما يقلل بدوره من الإفراط في تناول الطعام وزيادة الوزن، ومنه إجراء تغييرات في صحة جهاز الهضم».

أبرزت الطبيبة أيضًا دور الالتزام بحمية غذائية غنية بالألياف في تخفيض سكر الدم، ومنه التقليل من مقاومة الإنسولين في الجسم. بينت الطبيبة إضافةً إلى ذلك دور الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة في تغذية الخلايا المبطنة للأمعاء، والتي تستطيع أيضًا الدخول إلى مجرى الدم، وتقديم فوائد للجسم بأكمله.

أكدت لاستر أن مرضاها يشعرون بزيادة في مستويات الطاقة، وتحسن النوم، وانخفاض ضبابية الذهن، وذلك عند زيادتهم لكمية الألياف في نظامهم الغذائي.

تعد فوائد الحمية الغذائية الغنية بالألياف واضحةً، إلا أن هناك بعض الأسئلة التي ما يزال العلماء يبحثون عن إجابات لها. لا توجد الألياف بهيئة واحدة، بل تملك عدة أشكال. مع ذلك، لا يعلم الباحثون أي البنى من الألياف تؤثر في أي جانب من جوانب الاستقلاب بالضبط. يتجلى دور البحث الجديد في الإجابة على هذا السؤال.

أنواع الألياف

تقسم الألياف الغذائية إلى شكلين كلاهما مفيد وضروري لصحة الجسم، وهما:

  •  ألياف ذوابة: تذوب في الماء لتعطي مادة تشبه الهلام. يفيد هذا النوع من الألياف في تخفيض مستويات الكوليسترول وسكر الدم.
  •  ألياف غير ذوابة: تمتص الماء عوضًا عن ذوبانها فيه. يساعد هذا النوع خصيصًا على تعزيز حركات الأمعاء السليمة.

استعان الباحثون في هذه الدراسة بفئران نموذجية مصابة بالسمنة. تلقت حيوانات التجربة كل يوم ولمدة 18 أسبوعًا نوعًا واحدًا من الأنواع الخمسة للألياف:

  •  البكتين: أحد أنواع الألياف الذوابة الموجودة في الفواكه.
  • البيتا غلوكان: أحد أكثر أنواع الألياف الذوابة شيوعًا في الطبيعة، إذ يوجد في حبوب الإفطار والخميرة والفطر، وأعشاب البحر.
  •  ديكسترين القمح: أحد الألياف الذوابة التي يمكن أخذها بمنزلة مكملات للألياف.
  •  النشاء المقاوم: أحد أنواع النشاء، إلا أنه يعمل بطريقة مشابهة للألياف من ناحية صعوبة هضمه وتخمره في الأمعاء الغليظة.
  •  السيلولوز: أحد الألياف غير الذوابة التي توجد في الخلايا النباتية.

قاس الباحثون أوزان حيوانات التجربة، وكمية الدهون لديها، ومقدار الطاقة التي تحتاجها، إضافةً إلى مقاومتها للغلوكوز. حللوا أيضا بكتيريا الأمعاء لدى تلك الحيوانات والأحماض الدهنية قصيرة السلسلة التي تحررها.

ألياف البيتا غلوكان المميزة

وجد الباحثون أن الأنواع الخمسة من الألياف غيرت بكتيريا أمعاء الفئران كثيرًا، إضافةً لتغييرها مستويات الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة التي تنتجها.

مع ذلك، أظهرت ألياف البيتا غلوكان فقط فعاليتها من ناحية وزن الجسم، وكتلة الدهون، ومقاومة الغلوكوز.

تواصلت الصحيفة مع الأستاذ كريس مور، وهو مستشار قسم اللياقة والتغذية في مركز Fortune Recommends Health. لم يتعجب كريس من دور الألياف في تعزيز الصحة العامة، بل تفاجئ بتأثير ألياف البيتا غلوكان وحدها في تقليل زيادة وزن الجسم وتحسين مقاومة الغلوكوز.

قال كريس: «تعد الأمور التي يتميز بها البيتا غلوكان عن غيره من الألياف مثيرةً للاهتمام».

تفاجأت اختصاصية التغذية سوزان باورمان بنتائج البحث أيضًا، وهي المديرة الأقدم لقسم التدريب والتثقيف في مجال التغذية، ورئيسة المجلس الاستشاري للتغذية في مركز Herbalife، وذلك نظرًا لكون الأنواع الأخرى من الألياف الذوابة مدروسة سابقًا.

الادعاءات الصحية حول البيتا غلوكان

يوجد عدد كبير من الأدلة التي تدعم فوائد ألياف البيتا غلوكان لصحة القلب.

تسمح كل من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية والهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية للشركات المصنعة، بإضافة معلومات بشأن فوائد ألياف البيتا غلوكان لصحة القلب، على المنتجات الحاوية عليها.

ما يزال دور هذه الألياف في إنقاص الوزن غير واضح تمامًا. تعد نتائج البحث واعدة للغاية، إلا أن الأمور التي تنطبق على الفئران لا تنطبق جميعها على البشر أيضًا.

وضّح مور للصحيفة قائلًا: «يُعد الاستقلاب وبكتيريا الأمعاء لدى البشر أكثر تعقيدًا بكثير، ومنه قد تختلف تأثيرات التغييرات التي تُجرى على النظام الغذائي بين شخص وآخر. مع ذلك، أظهرت دراسات بشرية سابقة فوائد ألياف البيتا غلوكان، ما يشير إلى إمكانية تحقيق نتائج مشابهة. ينبغي على ذلك إجراء مزيد من الأبحاث لتأكيد صحة النتائج أو نفيها».

وضحت باورمان قائلة: «تشير الدراسة إلى وجوب اتباع الشخص حميةً غذائيةً دقيقة للحصول على هذه النتائج. يُعد الكشف عن فوائد ألياف البيتا غلوكان الحقيقية أمرًا صعبًا بين سكان العالم الذين يتبع كل منهم حمية غذائية مختلفة عن الآخر».

كيف يزيد المرء استهلاكه من الألياف؟

إن تخلص الجسم من أنواع محددة من الألياف قد يستغرق وقتًا. مع ذلك، تمتلك الحمية الغذائية الغنية بالألياف فوائد في تقليل خطر الإصابة بالأمراض والحفاظ على وزن صحي.

إن قرابة 95% من الأمريكيين لا يستهلكون كمية الألياف اللازمة لهم.

وضحت باورمان قائلة: «لا يستهلك الناس كمية كافية من الفواكه والخضار والبقوليات والحبوب الكاملة التي تشكل أغنى مصادر الغذاء بالألياف، ومن هنا تتجلى ضرورة إدخال هذه الأغذية إلى النظام الغذائي يوميًا».

سألت الصحيفة بعض الخبراء عن كيفية زيادة استهلاكهم من الألياف. أجاب مور على ذلك قائلًا: «يجب تناول كميات أكبر من الفواكه والخضار، وذلك لغناها بالألياف وغيرها من العوامل المغذية». تشمل بعض النصائح الأخرى كلًا من:

  •  تفضيل تناول الخبز كامل الحبوب والمعكرونة والرز على الأطعمة المكررة.
  •  تمثل إضافة نصف كوب من البقوليات، مثل العدس والفاصولياء السوداء إلى النظام الغذائي، طريقة سهلة وغير مكلفة لزيادة الألياف.
  •  استبدال الوجبات الخفيفة غير الصحية بأطعمة مثل المكسرات والحبوب، والتي تعد غنية بالألياف، وتقدم للجسم كمية من الدهون الصحية والبروتين.
  •  شرب كمية كبيرة من الماء، إذ تعمل الألياف على نحو أفضل عند امتصاصها الماء.

تقول لاستر: «ينصح بزيادة كمية الألياف ضمن الحمية الغذائية ببطئ، يعني ذلك عدم رفع كمية الألياف إلى 25 غرامًا مثلًا فجأةً، وذلك لتفادي أعراض النفخة».

أجرت الصحيفة مقابلةً مع نيكي كونتراكتور، وهو رائد في مجال البحث والتطوير العالمي في شركة Amway، إذ قال: «قد تسبب إضافة كميات كبيرة من الألياف إلى النظام الغذائي بسرعة أعراضًا هضمية مزعجة، مثل زيادة تواتر التبرز، أو الغازات، أو النفخة».

أكد نيكي أيضًا على ضرورة تذكر وجود فوارق بين الناس قائلًا: «وضّح العلماء أنه ينبغي على المرء تناول 30 إلى 40 حبةً من الفواكه المختلفة أسبوعيًا للحفاظ على بكتيريا الأمعاء لديه».

قد يشكل إجراء تغييرات على النظام الغذائي المعتاد تحديًا حقيقيًا. مع ذلك، يُنصح المرء بإجراء تغييرات صغيرة يزيدها ببطئ مع الوقت. تتصف هذه الطريقة بأنها أكثر فعالية مقارنة بالأنظمة الغذائية الخطيرة وغير الصحية المنتشرة حاليًا.

قد تثبت الأدلة ونتائج الدراسات مستقبلًا فوائد ألياف البيتا غلوكان بعدّها عنصرًا مساعدًا على إنقاص الوزن. مع ذلك، يُنصح المرء في الوقت الحالي بالاكتفاء بتناول كميات مناسبة من الخضار والمكسرات والبذور والحبوب الكاملة.

اقرأ أيضًا:

لا يهم نوع الألياف التي تختارها، فقط احصل على المزيد منها!

كيف يمكن لنظام غذائي قليل الألياف نتبعه اليوم أن يؤثر سلبًا على أجيال الغد؟

ترجمة: رهف وقّاف

تدقيق: نور حمود

مراجعة: باسل حميدي

المصدر