إذا كُنت تعاني من الاكتئاب نتيجة لما تراه كل يوم من أخبار سيئة في العالم بسبب كثرة الحروب والقتل والدمار، فإليك هذه الأشياء التي يُنجزها العلم في الوقت الراهن وتستحق منك أن تصبح متفائلًا وتقوم بنشرها بين أصدقاءك.
لن نحكي في هذا المقال عن أخبار سيئة، لكن لا بد أنّك قرأت على وسائل التواصل الاجتماعي عن الفقاعات الغازية التي تتشكل تحت جليد سيبيريا، داء السيلان المقاوم للأدوية، أو عن علاجات السُّمنة المميتة.
وهذه فقط عناوين أخبار علمية.
لكن بالرغم من كل الهرج والمرج الذي يحصل عند انتشار الأخبار السيئة، في الواقع هناك ثُلة كبيرة من أناس خارقين يقومون بصنع أشياء عظيمة في العالم في هذه الأوقات، لكنهم لا يحظون بانتشار إعلامي بالقدر الذي يستحقونه.
حسنًا هنا بعض الأشياء الجميلة والمتفائلة التي يمكنك التحدث بها على عشاء هذه الليلة مع أصدقاءك أو عائلتك بدلًا من الكلام عن الاحتباس الحراري والأسلحة النووية.
1- تمكن أطباء من عكس تلف دماغي عند فتاة في عامها الثاني.
أعلن باحثون في الولايات المتحدة عن حالة عكس تلف دماغي هي الأولى من نوعها عند فتاة تبلغ سنتين من العمر غرقت في حوض للسباحة وتم إنعاشها بعد ساعتين من توقف قلبها عن الخفقان.
سبّب لها نقص الأكسجين أذية في المادة الرمادية العميقة وضمور دماغي، ولم تتمكن بعدها من التكلم، المشي أو حتى الاستجابة للأصوات، لكنها كانت تلَوي وتهز رأسها بدون أي سيطرة أو تحكم بهذه الحركات.
يعود الشكر لعلاجات الأكسجين بما فيها العلاج الأكسجيني مفرط الضغط hyperbaric oxygen therapy (HBOT) الذي طبقه فريق من جامعة ولاية لويزيانا ((LSU Health New Orleans وجامعة شمال داكوتا (University of North Dakota) حيث تمكن الأطباء من عكس التخرب الدماغي عند الفتاة بشكل مثير للاهتمام.
2- نحن قريبون أخيرًا من تحقيق اندماج نووي مستمر.
يكمن سر إنتاج طاقة غير محدودة في عملية الاندماج النووي الذي ينتج عنه، إضافة للطاقة، القليل من المنتوجات الثانوية، فضلًا عن بعض الماء المالح، ولهذا كافح الباحثون من أجل إنشاء آلة يمكنها التحكم بهذا التفاعل القوي بشكل مستمر.
اليوم، تغيّر كلُّ هذا، ففي نهاية 2015، أطلقت ألمانيا مفاعلَ اندماجٍ نوويّ كُتَليّ يمكنه أن يحتوي نقطة ساخنة محترقة من البلازما الهيدروجينية.
ألمانيا ليست الوحيدة، فقد حقق كلّا من كوريا الجنوبية والصين تفاعلات قياسية في آلات الدمج الخاصة بهم، ومن جهتها تمكنت المملكة المتحدة هي أيضًا من إطلاق نمط ثوري من المفاعلات الذي يمكنه الآن توليد البلازما وبشكل مستمر في صميمه.
في الواقع، يتوقع علماء معهد ماسشوسيتس للتكنولوجيا (Massachusetts Institute of Technology (MIT أنه بفضل كل هذه التطورات، سنتمكن من الحصول على طاقة الاندماج بحلول عام 2030.
3- يمكننا الآن الاستماع لصوت الكون.
لابدّ أنّك سمعت كثيرًا بأمواج الجاذبية العملاقة التي ذاع خبرها جدًّا في 2015، لكن الشيء الذي من المحتمل أنه غاب عنك هو أننا تمكنا من تحديد موجتي جاذبية على الأقل غير تلك الموجة بعد ذلك.
وسنمتكن بفضل سلسلة المراصد الفضائية والمحدِّدات المعروفة باسم ليزا LISA – التي ستصبح جاهزة بحلول عام 2034- من استخدام الموجتين في اختبار كل أنواع الفرضيات المجنونة، بما فيه فكرة الأبعاد المتعددة ضمن كوننا.
4- أصبحنا قريبين جدًّا من استئصال المرض الثاني من الكوكب.
أولًّا، تمكن البشر من التخلص من مرض الجدري، والآن نحن على حافة نهاية مرض إنتاني طفيلي يُعرف بمرض دودة غينيا، والتي تُعد كابوس حيّ يخرج بشكل مؤلم جدًّا من جلد البشر.
في بداية عام 2015 كان هناك 126 حالة فقط من دودة غنينا فقط على الكوكب، والشكر يعود لفلاتر المياه الإبداعية والرخيصة التي أنهت مشكلة تلوث البشر بمياه الشرب.
وفي أيار من هذا العام، كان هنالك خمس حالات فقط.
5- شلل الأطفال على طريق النهاية أيضًا.
منذ أن انطلقت مبادرة استئصال شلل الأطفال العالمية Global Polio Eradication Initiative في عام 1988، انخفض انتشار المرض عالميّا حوالي 99.9% ، والشكر يعود لحملات التلقيح طبعًا.
كان هنالك 19 حالة فقط لفيروس شلل الأطفال البرّي بحسب تقريرٍ عالمي عام 2016، وحاليًّا في 2017 هنالك فقط 8 حالات مؤكدة للفيروس البرّي.
6- الآن يمكننا القول بأننا أصبحنا قريبين من امتلاك دواء يعالج أعراض التوحد.
في تجربة سريرية صغيرة، ولكنها واعدة، في الولايات المتحدة هذا العام، تمكن دواء عمره مئة عام يدعى بالسورامين (suramin) من تحسين أعراض اضطراب طيف التوحد Autism spectrum disorder (ASD) عند الأطفال.
يجب بذل الكثير من الجهود لتحسين جودة هذا الدواء، لكن هذه المرة الأولى التي نكون فيها قريبين من الحصول على دواء يمكنه علاج أعراض الـتوحد بشكل فعّال.
7- يعمل الباحثون على صنع منخل غرافيني (graphene-base) يمكنه أن يحوّل مياه البحر لمياه شرب.
في نيسان الفائت، حقق باحثون نقطة تحول كبيرة في مسألة إزالة ملوحة مياه البحر وذلك بإعلانهم عن اختراع غشاءٍ من أوكسيد الغرافين ((graphene-oxide membrane يمكنه أن ينخل الملح من مياه البحر.
في الوقت الراهن، لا تزال هذه التقنية محدودة بتجارب المختبر، لكنها أوضحت الطريق لكيفية قدرتنا يومًا ما على تحويل مصدرنا الوفير هذا، مياه البحر، لواحدٍ من أكثر مصادر مياه الشرب ندرة ونظافة بشكل سهل وسريع.
8- بعد الآن لستَ بحاجة لدفع مبالغ من المال من أجل الحصول على الأبحاث العلمية المُراجعة من قبل الزملاء.
يعود المجتمع العلمي ويقاتل ضد حظر الاشتراك غير المدفوع، وذلك بدراسة تُظهر أن أكثر من ربع الأوراق العلمية أصبحت مُتاحة بشكل مجاني على الإنترنت، وكلُّ ذلك بفضل تطبيق إلغاء حظر الاشتراك غير المدفوع (Unpaywall).
9- يعتقد العلماء بأنهم ربما سيتمكنون من عكس ضعف الذاكرة لدى مرضى الزهايمر.
لن تكون خسارة الذاكرة دائمة للأبد، ففي بحث من معهد ماسشوسيتس للتكنولوجيا، تمكن العلماء من تشكيل بروتين بإمكانه مساعدة إنزيم يتدخل بعمليات تشكيل الذاكرة عند الناس المصابين بمرض الزهايمر.
10- تمكنا من اكتشاف فيتامين يمكنه أن يقلل من حدوث العيوب الولادية وحالات الإجهاض التلقائي في العالم.
أطلق على ذلك العلماء “الاكتشاف الأكثر أهمية للمرأة الحامل بعد الفولات”، وذلك بعد دراسةٍ دامت 12 عامًا خَلُصَت إلى أنه يمكن للمرأة تجنّب الإجهاضات التلقائية والعيوب الولادية بتناول فيتامين B3 خلال فترة الحمل.
11- أخيرًا، بدأ الباحثون بفهم كيفية إصلاح إصابات النخاع الشوكي.
إصلاح إصابات النخاع الشوكي ليست بسيطةً أبدًا، لكن تشير دراسة حديثة إلى كيفية عمل أكثر التقنيات تطورًّا وحداثة، وبشكل خاص كيف يمكن للجسم إصلاح نفسه مع حركة صغيرة من قبل الجراحين.
بفهم الآلية التي يمكن بها شفاء إصابات النخاع الشوكي، سيتمكن الباحثون أخيرًا من تطوير علاجات أكثر فعالية يمكنها عكس الشلل وغيرها من اضطرابات الجهاز العصبي بشكل فعال.
12- أنظمة النقل السريع هايبرلوب (Hyperloops) قادمة.
يعد هذا النظام الذي ولد في دماغ إلون موسك، واحدًا من أعظم نُظم نقل البشر الواعدة في المستقبل، وتقوم فكرته على نقل الناس في أقنية أنبوبية بين المدن بسرعة جنونية تصل لـ 1.126 كم/ساعة (700 ميل)، هذا يعني يمكنك الانتقال من نيويورك إلى واشنطن بـ29 دقيقة فقط.
اليوم تُبنى الـHyperloops في الولايات المتحدة، هولندا، سلوفاكيا، وجمهورية التشيك، والهدف هو بناء نظام نقل سريع Hyperloop بين أمستردام وباريس في عام 2021.
هنالك مقترح جنوني نوعًا ما بتحويل الجدار الحدودي بين المكسيك والولايات المتحدة لـHyperloop ضخم.
13- يعاود العلماء المحاربة ضد مقاومة المضادات الحيوية.
أعلنت الأمم المتحدة أن مقاومِات المضادات الحيوية تشكّل خطرًا أساسيًّا يهدّد الصحة العالمية، التي يتوقع العلماء أنها ستقتل 10 مليون إنسان سنويًّا بحلول عام 2050، ولكننا لم نخسر المعركة بعد.
في بداية هذا العام، أعلن العلماء عن تطوير جزيء يمكنه عكس مقاومة المضادات الحيوية في سلالات متعددة من الجراثيم بمرة واحدة، مما يجعله واحدًا من أكثر التطورات الواعدة التي سندونها في تاريخ الحرب ضد العوامل الممرضة المقاومة للمضادات الحيوية.
وقامت طالبة دكتوراه أسترالية تُدعى شو لام (Shu Lam) بتطوير طريقة لقتل الجراثيم بدون استخدام مضادات حيوية، طوّرت (لام) بوليمر نجمي الشكل يمكنه قتل 6 سلالات مختلفة من العوامل الممرضة المقاومة بدون مضادات حيوية، وذلك ببساطة عن طريق تمزيق جدرانها الخلوية.
14- طرحت ناسا كل أبحاثها للعام بشكل مجاني.
العام الماضي، أعلنت ناسا بأن أي بحث منشور وممول من قبل وكالة الفضاء سيكون متاح الآن وبالمجان، عن طريق اطلاق منفذ ويب عام يمكن لأي أحد الولوج إليه.
جاء ذلك نتيجةً بعد إقرار سياسة وكالة الفضاء ناسا الجديدة، التي تتطلب إتاحة أي مقال ممول من قبل ناسا في المجلات المُحكَّمة للعام وذلك خلال سنة من نشره.
15- صنف العلماء مؤخرًا نوع جديد من الشفق وأسموه ستيف (Steve).
يعتبر شفق ستيف البروتوني من أجمل قصص عام 2017.
تبدو الظاهرة الفلكية الجديدة كشريط من الضوء الخافق، وقد رُصِدت في خطوط العرض العالية من نصف الكرة الأرضية الشمالي.
انظر أدناه كيف تبدو ستيف الرهيبة بكل مجدها.
أترى؟ الحياة ليست كلها سيئة وكئيبة.
- ترجمة: مصطفى بجود.
- تدقيق: هبة أبو ندى.
- تحرير: محمد حمد