قد يعاني بعض المصابين بالاكتئاب الحاد أعراضه مرةً واحدةً في العمر، بينما يعانيها آخرون مرارًا وتكرارًا. من المهم بعد علاج الاكتئاب أن ينتبه الفرد لمشاعره ويلاحظ ما يطرأ بها من تغيرات؛ ما قد يساعد في التعرف على العلامات التي قد تدل على عودة الأعراض، فتلقي المساعدة الطبية مبكرًا قد يقي من تطورها إلى نوبة اكتئاب كاملة.

الاكتئاب ليس مجرد حالة من الحزن

كيف يمكن التفريق بين لحظات الحزن والاكتئاب؟ هل يمر الفرد بحدث معين كفقدان وظيفته أو انفصاله عن شريك حياته؟ إذا كانت الإجابة بنعم؛ فمن الطبيعي أن يمر الفرد بحالة قصيرة من الحزن.

ولكن إذا كان يشعر باليأس أو الفراغ وكثيرًا ما يكون على حافة البكاء أغلب الوقت ولمدة أسبوعين متتاليين -لدرجة التأثير على ممارسة الحياة اليومية- فقد تكون هذه حالة من الاكتئاب السريري.

العزلة والانسحاب الاجتماعي

هل يتجنب الفرد مغادرة المنزل؟ هل يواجه صعوبةً في خوض محادثة قصيرة؟ هل يحاول الانسحاب إلى غرفته حتى عندما تحاول عائلته إجباره على مشاركتهم؟

العلاقات الاجتماعية القوية أمر هام، وفقدان الشغف تجاه الأنشطة التي اعتاد الفرد ممارستها قد يشير إلى الإصابة بالاكتئاب، في هذه الحالة قد يفيده الالتحاق بإحدى مجموعات الدعم والتحدث مع أفراد آخرين يمرون بنفس ما يمر به.

تغيرات في أنماط النوم

لا يعد حدوث التغيرات في عادات النوم كالإصابة بالأرق أو البقاء نائمًا علامةً أخرى من علامات الاكتئاب فحسب؛ فيرتبط عدم الحصول على أقساط كافية من الراحة ارتباطًا وثيقًا بزيادة سوء الأعراض الأخرى أو ظهور أعراض جديدة مثل الإعياء.

قد يظل الفرد مستيقظًا بينما تتسارع الأفكار في رأسه، أو ينام لساعات طويلة لعدم رغبته في الخروج من غرفته ومواجهة العالم، عند ملاحظة مثل هذه الأعراض يجب اللجوء إلى الطبيب ليستنتج ما إذا كانت هذه علامات انتكاس الاكتئاب أم لا، ثم يحدد نوع العلاج المناسب بسرعة.

الانفعال

قد يُظهر الاكتئاب نفسه على شكل انفعال، فقد يستشيط الفرد غضبًا بسبب أشياء صغيرة وينفعل على أفراد العائلة والأصدقاء ويتحول سلوكه من الهدوء إلى الانفجار في نوبات من الغضب؛ ما يصعّب التعامل مع ضغوطات الحياة اليومية. ويصبح الرجال أكثر عرضةً للتصرف بطيش واستخدام العنف من النساء عندما يكونون مكتئبين.
فقدان لذة الاستمتاع بالجنس والأوقات المرحة وقضاء الوقت مع الأصدقاء

هذه نقطة مهمة للغاية، إذ تتحول الأنشطة التي اعتاد الفرد الاستمتاع بها إلى عبء كبير، ففقدان الفرد (الذي سبق وأن أصيب بالاكتئاب) مشاعره تجاه شريك حياته أو أطفاله أو اهتمامه بعمله أو هواياته أو أيًا كانت أنشطته المفضلة لأكثر من أسبوعين قد يدل على حدوث انتكاس (ينبغي حينئذ استشارة الطبيب، خاصةً إذا ظهرت هذه الأعراض خلال ستة أشهر من آخر نوبة اكتئاب).

شعور الفرد بأنه عديم القيمة

قد تظهر مشاعر قديمة من جديد كالشعور بالذنب وبغض الذات وانتقادها وتوجيه التركيز باستمرار على الأخطاء بدلًا من الإنجازات، وتحميل النفس ذنب حوادث ليست لها علاقة بها أو خارجة عن سيطرتها.

قد يساعد العلاج النفسي على رفع تقدير الفرد لذاته والتركيز على نقاط قوته.

آلام مزمنة

قد يعاني المصاب بالاكتئاب أيضًا أعراضًا جسديةً؛ كآلام الظهر (على الرغم من عدم فعله لما يمكن إجهاده) أو ألمًا لا يمكن تفسيره بالصدر أو الأرجل أو الأذرع، أو ألمًا مزمنًا بالبطن أو الرأس (صداع). ينبغي حينئذ استشارة الطبيب لمعرفة ما إذا كان الاكتئاب وراء ذلك أم لا.

التغير المفاجئ في الوزن (سواء كان بالزيادة أو النقص)

الاكتئاب قادر على تغيير علاقة الفرد بالطعام؛ فقد يتجاوز وجبةً أو يجبر نفسه على تناولها، وقد يفرط في تناول الطعام.

يُنصح بانتباه الأفراد الذين سبق وعانوا من الاكتئاب إلى التغيرات الملحوظة في الوزن والشهية.

الشعور بالإجهاد

بداية اليوم الذي قد يبدو أمرًا بسيطًا للأفراد الأصحاء ليس كذلك بالنسبة لمرضى الاكتئاب؛ فقد يشعر الفرد المكتئب بالتعب والإجهاد الشديدين لدرجة عدم القدرة حتى على غسل الأطباق أو لبس ثيابه.

قد يزيد تخطي الوجبات أو اللجوء للوجبات السريعة غير الصحية حالة الإجهاد سوءًا.

تساعد التغذية السليمة وممارسة التمارين الرياضية والحصول على أقساط كافية من النوم والراحة على مواجهة التعب.

التبلد الذهني (تشتت التفكير وعدم القدرة على التفكير السليم)

الشعور بأعراض ذهنية تتمثل في ثقل التفكير وتشتت الانتباه بسهولة، وصعوبة تذكر المهام أو المعلومات والبقاء في حالة تركيز، إضافةً إلى عجز الفرد عن حسم قراراته؛ أبسطها اختيار ما سيرتديه صباح يومه ومن كبائرها اتخاذ قرارات مهمة في أمور تتعلق بالعمل.

الأفكار الانتحارية

تُعد الأفكار الانتحارية علامةً خطيرةً للغاية وتؤكد حالة الاكتئاب الحاد.

يفكر بعض الأشخاص بالانتحار عادةً، بينما يفكر الآخرون في طرقًا يلحقون بها الأذى بأنفسهم.

إذا وصل الفرد إلى مرحلة الشعور باليأس وفقدان اللذة أو الاهتمام بما كان يتمتع به، فمن الأرجح أن تبدأ الأفكار الانتحارية في مراودته.

إذا وجدت شخصًا ما يتحدث عن الانتحار أو تراوده أفكار انتحارية، انصحه بالتوجه إلى الطبيب النفسي فورًا.

ما الذي يمكن فعله لمواجهة الاكتئاب؟

قد يصيب الاكتئاب أي فرد ولكن لن يشعر به أحد تمامًا مثل الأخر.

إذا ظهرت عليك أو على أحد تعرفه هذه العلامات التحذيرية التي قد تدل على الاصابة بالاكتئاب أو انتكاسه (إذا سبق وأصابه)، فمن الضروري زيارة الطبيب النفسي للتوصل إلى علاج، أو في حالة كون المريض يتعاطى العلاج بالفعل، قد ينصح بزيادة الجرعة أو تغيير نوع الدواء أو تعاطي أدوية إضافية أخرى لمنع حدوث انتكاس.

قد يحتاج المريض إلى علاج طويل المدى إذا مر بثلاث نوبات اكتئاب على الأقل.

لا يُنصح بالتوقف عن تعاطي العلاج حتى إذا شعر المريض بالتحسن ما لم يقل الطبيب خلاف ذلك، وينصح بتجنب العوامل التي تزيد أو تسبب القلق، ومزاولة الأنشطة التي تمنح الفرد شعورًا جيدًا.

اقرأ أيضًا:

لماذا الاكتئاب معركة طويلة الأمد؟

إليك 16 طريقة أثبتت نجاحًا في التعافي من الاكتئاب

ما سبب انتشار الأفكار الانتحارية بين الأطفال؟

ترجمة: سامية الشرقاوي

تدقيق: وسام عمارة

مراجعة: آية فحماوي

المصدر