إعادة نمو العضو المفقود ليس بالأمر الكبير بالنسبة لنجم البحر أو السلمندر، تلك الكائنات المعروفة جيدًا باستخدامها للتجديد “قوة عظيمة” لتحلّ محل وسائل الدفاع والذيول. ولكن هذه الحيوانات ليست الوحيدة التي يمكنها إعادة بناء أجزاء الجسم التي تدمّرت أو تضرّرت، فالغزلان يمكن أن تعيد إنبات ما يعادل 30 كغ من قرونها خلال ثلاثة أشهر فقط. وأسماك الزرد يمكن أن تعيد تجديد قلبها، بينما الديدان المسطّحة فهناك دليل على قدرتها على تجديد رؤوسها. بالنسبة للبشر: ما فقد يبقى مفقودًا، أم هناك رأي آخر؟
يجري باستمرار تبديل الخلايا الفردية التالفة في جسمك، وهي عملية تتباطأ مع الشيخوخة ولكن تستمر طوال عمر الإنسان، ويمكن أن تراقب التكرار والتجديد المرئي في أحد أعضائك:
البشرة، في الواقع يبدّل البشر كامل الطبقة الخارجية من الجلد كل 2 أو 4 أسابيع، ويتم فقدان 18 أونصة ( 510غ) من الجلد خلال سنة، وفقًا للجمعية الكيميائية الأمريكية.
مع ذلك تجديد أعضاء كاملة أو أجزاء من الجسم هي ممارسة شائعة، لكن لدى الطبيب التايم لورد من برنامج الخيال العلمي دكتور هو «Doctor Who».
ولكن في السنوات الأخيرة نجح العلماء بزراعة مجموعة من تراكيب جسم الإنسان، وهي تراكيب مماثلة وتمّت تجربتها بنجاح في الحيوانات. والأعضاء البشرية على نطاق ضيق تعرف باسم “أشباه الأعضاء” والتي تستخدم لدراسة وظائف الأعضاء البشرية والتراكيب عند مستوى التفاصيل التي كانت مستحيلة سابقًا. فيما يلي بعض الأمثلة الحديثة:
1- قناة فالوب: باستخدام الخلايا الجذعية، نما علماء من معهد ماكس بلانك في برلين الطبقة الخلوية الأعمق في قناة فالوب عند الإنسان، والهياكل التي تربط بين المبيض والرحم. وتمّ ذكر ذلك في بيان صدر يوم 11 يناير.
وقد وصف العلماء أشباه الأعضاء الناتجة التي تشترك بالخصائص والأشكال مع قناة فالوب كاملة الحجم.
2- دماغ مصغّر: تمّت زراعة دماغ مخبريًا من خلايا الجلد وكان بحجم ممحاة قلم الرصاص، وذلك عبر علماء جامعة ولاية أوهايو (OSU). وكان هذا الدماغ مشابهًا تركيبيًا ووراثيًا لدماغ الجنين البشري القديم بعمر 5 أسابيع.
وقد وصفه ممثلو جامعة أوهايو بأنّه مغيّر للدماغ وذلك في بيان صادر في 18 آب.
أشباه الأعضاء تمتلك وظيفة الخلايا العصبية مع وصلات ناقلة مفردة مثل المحاور والتغصنات، في الصورة للدماغ المصغّر والعلامات تحدّد التراكيب التي توجد عادة في دماغ الجنين.
3- قلب مصغّر: دفعت الخلايا الجذعية الباحثين ليطوّروا عضلة القلب والأنسجة الضامة، ثم بعد ذلك نظّموه إلى غرف صغيرة ونبض.
وللتحقّق في الفيديو خلايا عضلة القلب (المشار إليها بالأحمر في الوسط) تنبض بينما النسيج الضام (الحلقة الخضراء) تؤمّن القلب المصغّر في الطبق حيث نمت.
وقال كيفين هيلي أستاذ الهندسة الحيوية في جامعة كاليفورنيا في بيركيلي وهو المشارك البارز في الدراسة في بيان صحفي: «هذه التكنولوجيا يمكن أن تساعدنا في الكشف المبكر عن المخدرات المرجح أنها تسبّب تشوّهات خلقية في القلب، وتوجيه القرارات حول أي الأدوية هي خطيرة أثناء فترة الحمل».
والدراسة نشرت في مارس 2015 في صحيفة Nature communications.
4- الكلى المصغّرة: قام فريق من العلماء الأستراليين بتنمية كلى صغيرة، تمّ عزل الخلايا الجذعية لتنمية أعضاء مع ثلاثة أنواع مميّزة من خلايا الكلى للمرة الأولى. نما الباحثون أشباه الأعضاء في تقنية تلت عملية تطوير الكلى الطبيعية في الصورة، الألوان الثلاثة تمثّل أنواعًا من خلايا الكلى التي تشكل (النيفرونات) وهي هياكل مختلفة داخل الكلى.
5- رئة مصغّرة: تعاون باحثون من عدة مؤسسات لتنمية أشباه رئوية ثلاثية الأبعاد والتي تتطوّر إلى شعب هوائية أو هياكل مجرة التنفس وحويصلات رئوية. وقال جيسون.ر.سبنس وهو كبير معدّي الدراسة وأستاذ مساعد في الطب الداخلي والخلية والبيولوجيا التطورية في جامعة ميتشغان كلية الطب في بيان صحفي: «ويمكن لهذه الرئات الصغيرة أن تحاكي ردود أفعال الأنسجة الحقيقية، كما يمكن أن تكوّن نموذجًا جيدًا لدراسة كيفية تشكّل الأعضاء والتغيّرات الحاصلة خلال المرض، وكيف يمكن أن تكون ردود الأفعال على العقاقير الجديدة». وبقيت الرئات الصغيرة حيّة في المختبر لأكثر من مئة يوم.
6- معدة مصغّرة: استغرقت عملية زراعة معدة مصغّرة في طبق بتري حوالي الشهر، وكانت بيضوية الشكل بجوف فارغ وتشبه واحدة من قسمي المعدة. وقال جيم ويلز وهو الباحث المساعد في الدراسة وأستاذ البيولوجيا التطورية في مستشفى سينسيناتي الطبي للأطفال لlive science: «إن المعدة المصغّرة والتي يقاس قطرها بحوالي 0.1 بوصة (3 مم) ستكون مفيدة للعلماء، خصوصًا عند دراسة الآثار المترتبة على البكتيريا المسبّبة لأمراض المعدة، وذلك لأن البكتريا تتصرّف بشكل مختلف في المواد الحيوانية.
7- المهبل: في أبريل 2014، وصفت دراسة نشرت في جريدة لانست الزراعة الناجحة للمهبل المنمى مخبريًا، والتي تمّ تشكيلها عن طريق تغذية خلايا المرضى على سقالة مخبرية الشكل.
أجريت عمليات زرع قبل عدة سنوات لأربع فتيات ونساء صغيرات تتراوح أعمارهن بين 13و 18 وذلك لتصحيح عيب خلقي في المهبل والرحم، حيث كان مفقود أو غير متطوّر. وقد تمّ فحص المراهقين سنويًا لمدة ثماني سنوات بعد إجراء عملية الزرع، وخلال هذه الفترة كانت الأعضاء تقوم بوظيفتها بشكل طبيعي مما سمح بجماع خالي من الألم.
8- القضيب: استخدم العلماء في معهد ديك فوريست للطب التجديدي خلايا أرنب لتنمية أنسجة قضيب منتصب، وزرع أعضاء تناسلية لذكور الأرانب منماة مخبريًا ثم تمّ تزاوجها بنجاح.
ولكن العملية لا تزال في المراحل التجريبية، ومطلوب موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية ليوسّع الفريق أعماله ولدمج مواد وأنسجة بشرية. معهد القوات المسلحة الأمريكية للطب التجديدي وفّر المال للدراسة، حيث أن البحث يمكن أن يساعد الجنود المصابين الذين يعانون من إصابات في الفخد أثناء الحروب.
9- المريء: في جامعة كوبان الطبية الحكومية في كراستودار في روسيا، عمل فريق دولي من العلماء على بناء مريء من خلال تنمية خلايا جذعية في سقالة لمدة ثلاثة أسابيع، وقاموا بعد ذلك بزراعة الجهاز بنجاح في الفئران. واختبر العلماء قوة تحمل المريء الجديد من خلال نفخه وتفريغه 10.000 مرة وتمّ زرع هياكل اصطناعية في 10 فئران واستبدال ما يصل إلى 20% من أجهزة الحيوانات الأصلية.
10- الأذن: الآن نسمع ذلك، استطاع العلماء طباعة أذن إنسان ثلاثية الأبعاد، تم زراعتها بواسطة صبّ قالب على شكل أذن مع خلايا حية تنمو حول الطوق. وتمكّن العلماء من إنتاج نموذج على شكل الأذن عن طريق استخدام أذن طفل باستخدام برنامج ثلاثي الأبعاد ثم إرسالها إلى طابعة ثلاثية الأبعاد.
وبمجرد أن تمكّن العلماء من صبّ قالب في اليد وحقنه مع مزيج من الخلايا الحية للأذن وكولاجين مستخرج من الأبقار وفرقعة خارج الأذن وذلك في تقرير ذكر في live science. ثم تمّ زرع أذن مغروسة في الفئران ل 1-3 أشهر في حين قيّم العلماء التغيّرات في حجم وشكل نمو الأعضاء.
11- خلايا الكبد: الكبد هو أكبر جهاز داخل الإنسان، وهو يملك قدرات عظيمة للإصلاح والتجديد وهو في مكانه الصحيح.
خارج الجسم، وفي هذا الجهاز تحديدًا قد ثبت أنه من الصعب للغاية بالنسبة للعلماء تنمية خلايا الكبد وتدعى hepatocytes وإبقائها على قيد الحياة. ولأول مرة، علماء من المانيا وإسرائيل نجحوا بزراعة خلايا كبد في المختبر، وتمّ نشر أبحاثهم في 26 أكتوبر 2015 في صحيفة التكنولوجية الحيوية الطبيعية.
وحتى وإن لم يكن عضو كامل (أو حتى شبه عضو)؛ حمل هذا التطوّر آثارًا واعدة لدراسة سريرية، مع يعقوب نهيماس وهو مدير مركز غراس الكسندر لهندسة البيولوجيا في الجامعة العبرية في القدس والمؤلف الرئيسي للدراسة واصفًا إياه في بيان باسم “الكأس المقدّسة لبحوث الكبد”.