قد يكون الإمساك أحد أسباب آلام الظهر، ولكن من الأرجح أن حالات خفية تُخفي وراءها أعراض الإمساك وآلام الظهر.
عندما يطرأ عرضان في الوقت نفسه، يصبح من البديهي التفكير في وجود صلة ما بينهما. فهل يمكن أن يكون أحدهما سبباً للآخر؟ أم أنهما يعكسان حالتين منفصلتين تماماً؟
تقول الممرضة برين دي سانتيس: «عندما يتعلق الأمر بالإمساك وآلام الظهر، فإن الإجابة هي نعم، قد يُسبب الإمساك آلاماً في الظهر، لكن في معظم الأحيان، تكون الحالات المزمنة هي مصدر كلا العرضين».
تستعرض دي سانتيس العلاقة المعقدة بين الإمساك وآلام الظهر وتشارك استراتيجيات الحصول على الراحة.
آلام الظهر وصحة الجهاز الهضمي:
تُعد آلام الظهر والإمساك من بين المشكلات الشائعة التي تُعكر صفو حياة الملايين سنويًا. ورغم أن ظهورهما معاً قد يبدو مجرد مصادفة، إلا أن القصة قد تحمل في طياتها أسرارًا أعمق تستحق الاكتشاف.
آلام الظهر الناجمة عن الإمساك:
يمكن أن تؤدي الكمية الكبيرة من البراز في القولون إلى الضغط على أعصاب العمود الفقري السفلي.
تقول دي سانتيس: «إذا حدث ذلك، فقد تشعر بضغط مؤلم خفيف في أسفل الظهر».
قد تنجم آلام الظهر عن شكلٍ أشد خطورة من الإمساك يُسمى انحشار البراز، الذي يتكون عندما تتعثر كتلة جافة وصلبة من البراز في المستقيم. غالبًا ما يحدث ذلك نتيجة ضعف الحركة، أو الاضطرابات العصبية، أو أثرًا جانبيًا لبعض الأدوية.
تشمل الأعراض:
- ألم البطن، والانتفاخ، والتقلصات.
- إسهالًا ناتجًا عن مرور البراز المائي حول انحشار البراز.
- تغيّرات في التبول مثل كثرة التبول.
- النزف المستقيمي.
- حُمى.
- دُوار أو ارتباك ذهني.
تتطلب حالة انحشار البراز علاجًا فوريًا، لذا ينبغي التواصل مع مركز الرعاية الصحية فور ظهور هذه الأعراض.
حالات ينجم عنها الإمساك وآلام الظهر:
في معظم الأحيان، لا يكون الإمساك سببًا مباشرًا لآلام الظهر، ولكن عندما يطرأ العرضان معًا، فالسيناريو الأكثر احتمالاً هو أن كليهما ناجم عن حالات مختلفة، لكنها غالباً ما تكون ذات صلة.
متلازمة القولون العصبي:
تُعد متلازمة القولون العصبي نوعًا من متلازمات التحسس المركزي، إذ يُسبب هذا التحسس زيادة إشارات الأعصاب المرسلة إلى الدماغ، ما يعزز شدة الإحساس بالألم.
تصبح الأعصاب مع متلازمة القولون العصبي في الأمعاء مفرطة الحساسية، ما يؤدي إلى الإمساك أو الإسهال أو كليهما. وعلى الرغم من أن آلام الظهر ليست من الأعراض الشائعة، فإن متلازمة القولون العصبي قد تتسبب أحيانًا بذلك.
توضح دي سانتيس: «إن مصدر آلام الظهر الناتجة عن متلازمة القولون العصبي غير واضح المعالم، فقد يكون ألمًا رجيعًا يبدأ في الأمعاء لكن يُشعر به في الظهر».
غالبًا ما يعاني المصابين بمتلازمة القولون العصبي يعانون من حالات ألم مزمن أخرى، منها:
- الالتهاب الليفي العضلي: يُسبب آلامًا منتشرة في الجسم وإرهاقًا جسديًا.
- التهاب المثانة الخلالي: يُسبب آلامًا متقطعة في المثانة وأسفل البطن وأسفل الظهر.
الحالات العصبية:
تؤثر الأمراض العصبية مثل مرض باركنسون والتصلب المتعدد على الأعصاب والعضلات، ما يعني أنها يمكن أن تؤثر على الأعصاب في الأمعاء، ما يؤثر مباشرةً على سرعة وتدفق البراز من الجسم، إضافةً إلى الأعصاب في الظهر والنخاع الشوكي.
من بين الأعراض الأخرى التي قد يُواجها المصابون بهذه الحالات:
- آلام عضلية وتشنجات وشد في الظهر والوركين.
- بطء في حركة الطعام عبر الجهاز الهضمي ما قد يؤدي إلى الإمساك.
الأورام:
قد تضغط أورام العمود الفقري على الأعصاب، ما يُسبب ألمًا أو بطء الهضم. وقد تحدث حالة مشابهة مع الأورام الكبيرة في أسفل البطن نتيجة لـ
- سرطان القولون والمستقيم.
- سرطان المبيض.
- سرطان عنق الرحم.
الإمساك الناتج عن الأدوية:
قد تؤثر الأدوية المستخدمة لعلاج الأمراض المرتبطة بألم الظهر على وظيفة الأمعاء.
تقول دي سانتيس: «يُعد الإمساك من الآثار الجانبية الشائعة جدًا لمسكنات الألم والمرخيات العضلية، وقد تُساهم كذلك أدوية داء باركنسون في إثارة الإمساك أو تفاقم حالته».
التمارين والإمساك:
قد تُحِدُ آلام الظهر من القدرة على ممارسة التمارين الرياضية. ويُعد نقص النشاط البدني عاملًا مساهمًا في حدوث الإمساك.
كيف نعرف أن آلام الظهر ناجمة عن الإمساك؟
لتحديد ما إذا كان سبب آلام الظهر ناجمًا عن الإمساك أم بسببٍ آخر، يراجع الطبيب الأعراض والتاريخ الطبي للمريض، وعادةً ما يرغب في معرفة:
- أي أدوية قد تُسبب الإمساك للمريض.
- ما إذا كان المريض يتناول أدوية قد تُسهم في حدوث الإمساك.
- وجود حالات مرتبطة مثل متلازمة القولون العصبي أو مرض باركنسون.
- ظهور أعراض أخرى مثل الغازات أو الانتفاخ، أو الإسهال.
- الشعور بألم الظهر المتفاقم مع الحركة، وقد يكون ناتجًا عن توتر عضلي أو انفتاق القرص أو مشكلة أخرى في الظهر.
- وجود ألم في الظهر يتحسن بعد حركة الأمعاء.
- تجربة المريض لعلاجات أخرى لآلام الظهر، مثل العلاج الطبيعي.
كيف تُسكّن آلام أسفل الظهر الناتجة عن الإمساك؟
إذا كان الإمساك هو سبب آلام الظهر، توجد بعض الوصفات المنزلية لتخفيف الإمساك مثل:
- تناول أطعمة غنية بالألياف.
- زيادة مدة ممارسة التمارين الرياضية.
- الذهاب إلى الحمام عند الشعور بالحاجة، فحبس البراز قد يؤدي إلى تفاقم الإمساك.
- التأكد من شرب كميات كافية من الماء.
- تناول مكملات غذائية غنية بالألياف أو استخدام ملينات للبراز.
- تجربة كوب من القهوة الدافئة المحتوية على الكافيين لتحفيز عضلات الجهاز الهضمي، ثم قضاء خمس دقائق في الحمام.
قد يقترح الطبيب بعض العلاجات المكثفة، مثل:
- تنظيف القولون.
- حقنة شرجية، تتضمن غسل المستقيم بماء دافئ، عادةً باستخدام محلول ملحي.
تحذر دي سانتيس من استخدام مسكنات الألم التي تُصرف دون وصفة طبية، فقد تؤدي إلى تفاقم أعراض الجهاز الهضمي. بدلاً من ذلك، يمكن تجربة الوصفات المنزلية التالية لتخفيف ألم الظهر:
- مسكنات آلام موضعية.
- استخدام الحرارة أو الثلج.
- ممارسة اليوغا والتأمل وتقنيات التنفس العميق.
- ممارسة التمارين الخفيفة مع تجنب الراحة الطويلة في السرير.
متى تجب استشارة الطبيب؟
إذا كان الشخص يعاني من الإمساك أو ألم في الظهر لأكثر من عدة أسابيع، فيجب الاتصال بالطبيب والخضوع للفحص.
تشمل العلامات الأخرى التي تستدعي طلب الرعاية الطبية الفورية ما يلي:
- فقدان الإحساس بالساقين.
- نزفًا مستقيميًا.
- ألمًا شديدًا في الظهر أو ألم في أسفل البطن.
- فقدان وزن غير مبرر.
- الحوادث البولية أو البرازية (سلس البول).
إن تجربة الإحساس بآلام الظهر والإمساك أمر غير مريح بالمرة، والتعامل معهما معًا في آنٍ واحد قد يزيد الأمر تعقيدًا.
عندما تعكر هذه المشكلات نمط الحياة، فقد آن أوان اللجوء لطلب مساعدة الطبيب.
اقرأ أيضًا:
الإمساك المترافق مع متلازمة القولون المتهيج: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج
ترجمة: یارا سلامة
تدقيق: مؤمن محمد حلمي