عندما يهاجم مرض معدٍ مجموعةً سكانيةً كبيرةً تعاني الفرق الصحية في العثور على أفضل طريقةٍ لمنع انتشاره ليستمر المجتمع في عمله.
واجه النمل المشكلة نفسها لملايين السنين، وما لا يقل عن نوعٍ واحدٍ امتلك الاستجابة المتطوّرة التي يمكننا التعلم منها.
إنّ أفضل طريقةٍ لإيقاف انتشار وباءٍ ما هي اللقاحات، ولكن عندما يكون هذا الخيار غير متوفرٍ سيكون من المهم معرفة كيفية منع الأشخاص المصابين من الاقتراب ممن لديهم القابلية للإصابة بالمرض.
يصاب نمل الحدائق الأسود بالفطر (ميتارهيزيوم برونيوم – Metarhizium brunneum)، وهو ما يعادل مرض الجدري بالنسبة لنا، فإذا قامت النملة بإحضار الفطر إلى وكرها سينتشر المرض بسرعةٍ؛ لذلك قام النمل بتطوير نوعٍ خاصٍ من اللقاحات ونوعٍ من المستعمرات الصحية الجماعية.
لاحظت الأستاذة سيلفيا كريمر من معهد العلوم والتكنولوجيا في النمسا تعرض 10% من النمل من 11 مستعمرةً مختلفةً إلى ذلك الفطر، وأشارت إلى أنّ تتبع سلوك النمل الفردي هو بمثابة تحدٍ؛ لأنّها تبدو متشابهةً تمامًا مثل عيون البشر، لذا قامت كريمر وزملاؤها بربط باركودٍ على 2,266 نملةٍ، وسُجِلَت بعدها حركة هذا النمل في كلّ نصف ثانيةٍ باستخدام كاميرات الأشعة تحت الحمراء.
يعمل النمل على شكل فرقٍ ويعتمد الدور الذي تأخذه كلّ نملةٍ على عمرها وحالتها، لذا فإنّ احتمالية تعرّض النمل المجهز للمؤن إلى العوامل المسببة للأمراض كبيرة.
قالت كريمر في مجلة (Science): «كان النمل مدركًا بصورةٍ تامةٍ وصول المرض إلى المستعمرة».
وأشارت كريمر في بيانٍ لها: «تصبح العلاقات في الزمرة الواحدة أقوى ويقل الاتصال ما بين الزمر المختلفة، فعلى سبيل المثال يتعامل مزودو المؤن مع مزودي المؤن أكثر وتتعامل النملات الممرضات مع قريناتها الممرضات أكثر»، مؤكدةً على كون سلوك النمل غير المصاب يتغيّر من أجل التقليل من خطر انتشار ذلك الفطر في المستعمرة.
أدى هذا السلوك إلى التقليل من انتشار المسبب المرضي، وفي الحالة التي تنتقل فيها الأبواغ من النمل المصاب إلى النمل السليم يكون عدد الأبواغ قليلًا للغاية للإصابة بالمرض.
بدلًا من ذلك، أدت الجرعة الخفيفة من الفطريات إلى إثارة جهاز النمل المناعي، والذي يؤدي بدوره إلى حماية النمل من الجرعات الأعلى من الفطريات.
ذلك التصرف يعني أنّ كلًا من الملكة وصغار النمل والنملات الممرضات قد تلقوا جرعةً أقل من المسبب المرضي مقارنةً بمجهزي المؤن.
نتيجةً لذلك، بعد تسعة أيامٍ من تعرض المستعمرة إلى ذلك الفطر مات العديد من النمل المجهز للمؤن، ولكنّ كل الملكات ومعظم الممرضات نجوا، وهذا ما يظهر نجاح الاستجابة.
سلوك النمل كان مقيدًا، فلم يُعزَل النمل المصاب والمجهز للمؤن بصورةٍ كلّيةٍ، كما طالب الأشخاص غير المتخصصين بعلم الأوبئة خلال حالة تفشي الإيبولا في عام 2014، ولم يكن هنالك أيّ علامةٍ لوجود النمل الرافض للقاح.
- ترجمة: سنان حربة
- تدقيق: رند عصام
- تحرير: عيسى هزيم
- المصدر