يخطط علماء الفلك لتصيّد آثار الكواكب الميتة منذ فترة طويلة، ووجدوا للتو دليلًا كبيرًا في هذا البحث، وفقًا لدراسة جديدة نُشرت من قبل Royal Astronomical Society بأن نوى الكواكب تستطيع بث broadcast موجات راديوية لمدة تصل إلى بليون سنة؛ تتشكل هذه الموجات بسبب التفاعل بين نواة الكوكب الميت وبين الحقل المغناطيسي لنجمه الميت المعروف بالقزم الأبيض white dwarf.
بعد أن ينفجر النجم فإنه غالبًا يُجرِّد الكواكب المحيطة به من غلافها الجوي وطبقاتها الخارجية، تاركًا فقط نواتها المعدنية الداخلية؛ يوصل المعدن الكهرباء مشكِّلًا بذلك دائرة بين نواة الكوكب وبين النجم الميت؛ ما يولد بدوره إشعاعًا على شكل موجات راديوية.
عرف العلماء منذ عقود أنه قد تستطيع هذه البقايا الكوكبية إرسال موجات راديوية، لكن كان هذا أول بحث يُجرى لتحديد العمر Lifetime لهذه الموجات المبثوثة، كما أن البحث يكشف أن هذه الإشارات تدوم لمدة كافية تُمكن الأبحاث التي تُجرى على الأرض أن تحددها وتدرسها.
بعد ذلك أراد العالمان الكساندرAlexander Wolszczan وديمتريDimitri Veras اللذان حققا هذا الاكتشاف توجيه تلسكوبٍ ضخمٍ نحو نجوم القزم الأبيض بغية الاستماع إلى البث الراديوي الصادر عن كواكب ميتة غير مكتشفة.
قال الكساندر في بيان صحفي: «لم يجد أحد قط نواة مجردة لكوكب رئيسي من قبل، ولا حتى كوكبًا رئيسيًا بمجرد مراقبة إشاراته المغناطيسية، أو كوكبًا رئيسيًا حول نجم القزم الأبيض؛ وبالتالي قد يُقدم اكتشاف ما في هذا السياق ثلاثة تصورات أُوَّلى مختلفة للأنظمة الكوكبية».
البث من الكواكب الميتة
استخدم الكساندر (أستاذ علم الفلك في جامعة Penn State) الموجات الراديوية للكشف عن أول كوكب مؤكد على الإطلاق خارج نظامنا الشمسي في التسعينيات، وبالنسبة للدراسة الحديثة أراد أن يُحدد كم يمكن أن يدوم البث الراديوي من نوى كوكب ميت؛ لذا قام هو وديمتري بإنشاء عدة عمليات محاكاة حاسوبية لكامل مجال الحقول المغناطيسية والموصلات الكهربائية المرصودة من نجم القزم الأبيض.
تشير نتائجهم إلى أن النوى المعدنية لكوكب ميت تستطيع أن تبُث موجات راديوية تدوم لأكثر من مئة مليون سنة، وأحيانًا تدوم لمدة تعادل بليون سنة.
تموت النجوم لأنها في النهاية تحترق بفعل بقاياها من الهيدروجين والهيليوم؛ إذ يولد هذا الوقود ضغطًا داخليًا يبقي بدوره حجم النجم وشكله ثابتين، لكن حالما ينتهي هذا الوقود ولا يبقى شيء ليحترق فإن النجم عندها يخضع للجاذبية؛ ويؤدي انكماش نواته إلى إطلاق موجة من الطاقة تدفع بدورها الطبقات الخارجية بعيدًا.
وحينما يفقد النجم كتلته، فإن جاذبيته تتهاوى إلى أن ينفجر ويقذف طبقاته الخارجية إلى الفضاء. في حين تبقى نواة النجم الحارة والمكثفة في الخلف، وهذه هي المرحلة التي يصبح فيها النجم قزمًا أبيض. يقتلع الانفجار الكواكب المجاورة ناسفًا العديد منها إلى غبار، وممزقًا البقية إربًا، وفي الغالب ستبقى النواة الداخلية للكوكب على مدار محيط بنجمه الميت.
قال ديمتري في بيان صحفي: «حتى تصل النواة إلى هذه المرحلة قد تُجرَّد بعنف من غلافها الجوي، وتُحجَب في نقطة ما، ثم تُرمى باتجاه القزم الأبيض».
سوف تموت شمسنا أيضًا
في غضون خمسة بلايين سنة ستحترق شمسنا بفعل نواتها الهيدروجينية، بادئةً بذلك عملية «المليار عامٍ من الموت». وخلال هذه العملية سوف تُبتلع الأرض قبل أن تنطفئ، ويترافق ذلك مع ضجيج مدوٍّ؛ لذلك فإن إيجاد البقايا البعيدة من الكواكب الميتة في الماضي ودراستها قد يساعد العلماء على معرفة المصير النهائي لكوكبنا.
قال ديمتري: « تقدُّم مثل هذه النواة نظرة خاطفة عن مستقبلنا البعيد، وكيف سيتطور النظام الشمسي في نهاية المطاف».
يخطط الباحثون لاستخدام نتائج ورقتهم البحثية ليطلبوا وقتًا للرصد على تلسكوبات أرضية مثل Arecibo في Puerto Rico، ومثل تلسكوب Green Bank في غرب Virginia، وحددوا للتو أفضل نجوم القزم الأبيض للتقصّي.
قال الكساندر: «بالنظر للأدلة الحالية لوجود أنقاض كوكبية حول العديد من الكواكب نعتقد أن لدينا فرصًا عالية لتحقيق اكتشافات مثيرة».
اقرأ أيضًا:
فلكيون يكشفون عن موجاتٍ راديوية من مجرتنا تنعكس عن القمر
ترجمة : م. دلال الشماع
تدقيق: محمد الصفتي