يزيد تدخين الماريجوانا من حجم أدمغة المراهقين، لكن هل هذا جيد أم سيئ؟
أشارت دراسة جديدة إلى أنّ تدخين الماريجوانا مرة واحدة فقط قد يرتبط مع تغيرات في حجم الدماغ لدى المراهقين . في دراسة جديدة نُشرت في 14 يناير في مجلة Neoroscience، تبيّن أن المادة الرمادية (مزيج من الأجسام العصبية والخلايا المغذية لها) لدى المراهقين -ممّن دخّنوا الماريجوانا مرة أو مرتين- تزايدت في أدمغتهم مقارنة مع غير المدخنين .
تقول كاثرين أور Catherine Orr، الكاتبة الرئيسة في الدراسة، ومُحاضرة في قسم العلوم النفسية في جامعة سوينبورن للتكنولوجيا Swinburne University of Technology في أستراليا: «قد يبدو الدماغ الأكبر حجمًا ذا فائدة بالنسبة للمراهقين، لكن قد لا يكون كذلك؛ هذا لأنّ الدماغ يمرّ في مرحلة المراهقة عادة بعملية تُدعى التشذيب».
خلال هذه العملية التي تستمر في بدايات عمر العشرين، يقلّل الدماغ من المادة الرمادية الموجودة، ويزيد من مساحة المادة البيضاء المؤلَّفة من الذيول الطويلة للخلايا العصبية المسماة بالمحاور (التي تربط بين الخلايا) والنسيج الضام الذي يُدعى ميلانين.
تضيف أور، على الرغم من أنّ سبب قيام الدماغ بذلك ليس واضحًا تمامًا؛ فإنّ التفسير الأفضل حتى الآن هو أنّ هذه العملية تجعل الدماغ أكثر نجاعة بإزالة المكونات الزائدة أو غير الضرورية، وتجعله أكثر تعقيدًا ببناء اتصالات أكثر. ولهذا، يُحتمل أن يكون التدخل في هذه العملية -بإضافة المزيد من المادة الرمادية- سيّئًا.
قياس المادة الرمادية
ضمن الدراسة، ألقت أور وفريقها نظرة على صور مسح للدماغ تعود لـ 46 مراهقًا، جميعهم في سن الرابعة عشر، من إيرلندا وفرنسا وإنجلترا وألمانيا. أفاد بعضهم بتدخينهم الماريجوانا مرة أو مرتين، بينما أفاد الآخرون بعدم تعاطي هذا المخدر قط. أخذ الباحثون بعين الاعتبار عوامل أخرى مثل تدخين السجائر وشرب الكحول التي يمكن أن تكون سبب هذه التغيرات أيضًا.
وجدت الدراسة أنّ مساحة المادة الرمادية لدى مدخني الماريجوانا أعلى في مناطق الدماغ التي تحوي مستقبلات الكانابينويد، مقارنة مع من أفادوا بعدم تعاطي المخدر. ترتبط المركبات في الماريجوانا مع مستقبلات الكانابينويد الموجودة في مناطق الدماغ، من ضمنها اللوزة الدماغية (التي تشارك في المشاعر ومعالجة الخطر)، والحصين (المعني بالذاكرة والتعلّم)، والنواة المتكئة (المرتبطة بالمكافأة والإدمان).
وجد الباحثون أيضًا أنّ من كانت لديهم مساحة أكبر من المادة الرمادية في الدماغ عانوا من إدراك حسي منخفض وقدرة أقل على تنفيذ المهام السريعة مقارنة مع من لديهم مستويات طبيعية من المادة الرمادية. وقد قالت أور لموقع «Live Science»: «فوجئت أنا شخصيًّا من مدى وسع نطاق التأثيرات». أظهرت دراسات سابقة أنّ الماريجوانا تؤثر على مناطق متشابهة في الدماغ، لكن نتائج هذه الدراسات كانت متضاربة.
على سبيل المثال، وجدت بعض الدراسات على البالغين أنّ استخدام الماريجوانا مرتبط مع تزايد المادة الرمادية، في حين كانت نتائج دراسات أخرى معاكسة تمامًا. أشارت أور إلى أنّه نظرًا إلى أنّ هذه الدراسات السابقة قد أخذت غالبًا أدمغة البالغين بعين الاعتبار، فإنّه من الصعب توقّع التأثيرات المحتملة للمواد الأخرى كالكحول مثلًا.
ومع ذلك، يظهر الدليل أنّه لدى البالغين الذين استخدموا الماريوانا بمعدلات عالية أو لوقت طويل أو في عمر مبكّر تغيرات أكثر في الدماغ، على حدّ قولها. أشارت أور أيضًا إلى أننا ما زلنا بحاجة المزيد من الأبحاث للتأكد من ماهية آثار الماريجوانا على الدماغ . يجعل أخذُ عينة صغيرة للدراسة من فصل التأثيرات التي تسببها نشاطات أخرى على الدماغ أمرًا صعبًا.
حسب أور، من غير الواضح ما إذا كانت هذه التغيرات في الدماغ طويلة الأمد، مُضيفةً أنّه سيكون من الجيد إجراء دراسة لاحقة للإجابة عن هذا السؤال. في النهاية، يأمل الباحثون أن يصبحوا قادرين على «تمييز أيّ الأشخاص أكثر عرضة لخطر هذه التأثيرات على الدماغ وتوعية الناس حول ماهيّة هذه التأثيرات».
اقرأ أيضًا:
دواء لعلاج الصرع مشتق من الماريجوانا في طريقه للأسواق
إصابة متعاطي الماريجوانا بمتلازمة غامضة تقلق الباحثين
نبات القنب (الماريجوانا)، هل هو مضر بالقلب؟
أيهما أشد خطرًا، الكحول أم الماريجوانا؟
هل تصبح الماريجوانا علاجًا للزهامير؟
هل تدخين الماريجوانا يساعد على النوم ؟
ترجمة: زينة زين صقر
تدقيق :نغم رابي