يبدو أن مرحلة واحدة من النوم حاسمة لتقليل خطر الإصابة بالخرف.

قد يرتفع خطر الإصابة بالخرف مع تقدم العمر إذا لم تحصل على ما يكفي من نوم الموجات البطيئة (SWS)، حيث وجدت دراسة أجريت عام 2023 أن الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 60 عامًا تزداد احتمالية إصابتهم بالخرف بنسبة 28 في المئة إذا خسروا 1% فقط من هذا النوم العميق كل عام.

يُعد نوم الموجات البطيئة المرحلة الثالثة من دورة النوم البشرية التي تستمر 90 دقيقة، والتي تمتد نحو 20-30 دقيقة، توصف بأنها المرحلة الأكثر راحة، حيث تتباطأ فيها موجات الدماغ ومعدل ضربات القلب وينخفض ضغط الدم.

يقوي النوم العميق عضلاتنا، وعظامنا، ونظامنا المناعي، ويحضّر أدمغتنا لاستيعاب المزيد من المعلومات.

كشفت الأبحاث مؤخرًا أن الأفراد الذين لديهم تغييرات مرتبطة بمرض ألزهايمر في أدمغتهم أنجزوا أداءً أفضل في اختبارات الذاكرة عندما بلغوا مرحلة نوم الموجات البطيئة (SWS).

يقول عالم الأعصاب ماثيو باس من جامعة موناش بأستراليا: «يدعم النوم العميق أو نوم الموجات البطيئة الدماغ المتقدم في السن بعدة طرق، ونعلم أنَّ النوم يعزز التخلص من نواتج العمليات الاستقلابية للدماغ، بما في ذلك تسهيل التخلص من البروتينات التي تتراكم في حالات مرض ألزهايمر».

ويتابع باس: «ومع ذلك، حتى يومنا هذا، لسنا متأكدين من دور نوم الموجات البطيئة في تطور الخرف. لكن نتائجنا تشير إلى أنّ عدم المرور بمرحلة نوم الموجات البطيئة قد يكون عامل خطر للخرف قابل للتعديل».

فحص باس وزملاؤه من أستراليا وكندا والولايات المتحدة 346 مشاركًا من دراسة فرامنغهام للقلب الذين أكملوا دراستين للنوم ليلاً بين عامي 1995 و1998 وعامي 2001 و2003، بمتوسط فترة خمس سنوات بين فترات الاختبار.

هذه المجموعة المجتمعية لم تسجل أي إصابة بالخرف في وقت الدراسة بين عامي 2001-2003 وكان عمر أفرادها أكثر من 60 عامًا في عام 2020، ما منح الباحثين فرصة للبحث في الرابط بين عاملين على مر الزمن عبر مقارنة مجموعتي البيانات من دراستي النوم الشاملتين ثم مراقبة حالات الخرف بين المشاركين حتى عام 2018.

يقول باس: «استخدمنا هذه السجلات لفحص تغيّر نوم الموجات البطيئة مع التقدم في السن وما إذا كانت التغيرات في نسبة نوم الموجات البطيئة ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالخرف في 17 عامًا لاحقًا».

وبعد 17 عامًا من المتابعة، سُجلت 52 حالة خرف بين المشاركين. ودُرست أيضًا مستويات نوم الموجات البطيئة لدى المشاركين للبحث عن ارتباطها بحالات الخرف.

تبين أنَّ معدل الدخول في مرحلة نوم الموجات البطيئة يبدأ بالانخفاض من عمر 60 عامًا، إذ يبلغ هذا الانخفاض ذروته بين عمر 75 و80 عامًا، ثم يستقر بعدها.

بمقارنة دراستي النوم الأولى والثانية للمشاركين، وجد الباحثون أن كل انخفاض بنسبة 1% في نوم الموجات البطيئة سنويًا يزيد خطر الإصابة بالخرف بنسبة 27%.
وارتفعت النسبة إلى 32% عند التركيز على مرض ألزهايمر، الشكل الأكثر شيوعًا للخرف.

تركز دراسة فرامنغهام للقلب على جمع بيانات صحية متعددة دوريًا. تشمل هذه البيانات فقدان حجم الحُصين، وهو علامة مبكرة على مرض ألزهايمر، إضافةً إلى عوامل شائعة ترتبط بأمراض القلب والأوعية الدموية.

تُظهر المستويات المنخفضة من نوم الموجات البطيئة ارتباطًا بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وتأثير الأدوية التي تعيق النوم، ووجود جين APOE ε4 المرتبط بمرض ألزهايمر.

يقول باس: «وجدنا أن عامل الخطر الجيني لمرض ألزهايمر، وليس حجم الدماغ، كان مرتبطًا بالتراجع المتسارع في نوم الموجات البطيئة».

ومع أن هذه الصلات واضحة، لاحظ المؤلفون أن هذا النمط من الدراسات لا يثبت أن فقدان نوم الموجات البطيئة يسبب الخرف، ومن الممكن أن العمليات الدماغية المرتبطة بالخرف هي التي تسبب فقدان النوم. لفهم هذه العوامل بالكامل، نحتاج مزيدًا من الأبحاث.

لا شك أن الحصول على قسط كافٍ من النوم يجب أن يكون من أولوياتنا، إذ تتجاوز فوائده مجرد تقوية ذاكرتنا.

يمكنك اتخاذ عدة خطوات لزيادة فرصك في الحصول على هذا النوع العميق والضروري من النوم.

اقرأ أيضًا:

ما الرابط بين فقدان السمع والإصابة بالخرف؟

هل تساعد أدوية الستاتين في إبطاء تطور أعراض الخرف؟

ترجمة: إنانا مهنّا

تدقيق: بسام موسى

مراجعة: باسل حميدي

المصدر