إذا كُنّا قد فقدنا الأمل في حلّ مسألة ارتفاع حرارةِ الأرض المستمرة، فإنّ هذا الجهاز سيجعلُنا نعيد التفكير في الأمر.
طوّرَ علماءٌ من الولايات المتحدة الأمريكية والصين تكنولوجيا جديدة بإمكانها المساهمة في حل هذه المشكلة، مِن خلال التخلص من الحرارةِ الزائدة على الأرض إلى الفضاءِ العظيمِ البارد.
ابتكَرَ علماءٌ من جامعة ستانفورد ألواحًا شمسيّة ذات تقنية جديدة، والتي لا تقومُ بامتصاصِ الطاقة الشمسيّة وتحوّلها الى طاقة كهربائية فحسب، بل تقومُ بالتخلصِ من الحرارةِ الزائدة من خلال إعادتها إلى الفضاء.
يقولُ شانهو فان – مُهندس كهربائي ومؤسّس البحث هذا: «قُمنا بِبناء الجهازَ الأول من نوعِه، الذي يمتلك قُدرة إنتاجِ الطاقة وتخزينها في نفس المكانِ والوقت، من خلال التّحكُم بخاصّيتين مختلفتين للضوء».
إنّ المبدأ الذي تعمَلُ التقنية على أساسه معروفٌ مُسبقًا: أيُّ جسمٍ موجودٌ على الأرض، وحرارتُه أعلى من الصّفرِ المطلق، يُشعّ طاقةً على شكلِ أمواجِ أشعةٍ تحتَ حمراء، ويتضمن هذا جميع الأجسام حتى المباني.
واستغلالُ هذا المبدأ هو ما سنعرّفه باسمِ: “التبريد الإشعاعي”.
وعندما تُشعّ الأجسام طاقةً، تخسر حرارةً بشكل مُباشر، بما نعرفُه ونُطبّقه في أكثر من مجال باسمِ: “الإشعاع الحراري”.
لكن، وبالرغم من أنّ هذه الظاهرة تبدو أمرًا سهلًا للتخلّص من الحرارة، إلّا أنّ التطبيق مُختلف: لا تخرُج كلُّ الحرارة التي تمّ إشعاعُها خارجَ الغلاف الجوّي الأرضيّ.
ويوضّحُ أحدُ الباحثين في المجال، زين تشين – بروفيسور من جامعة جنوب شرق الصين: «لِنَتخيّل الغلاف الجويّ كَبطّانية تُحيط بالأرض، وهذه البطّانية لا تُتيحُ تسرّب الحرارة بشكلٍ سلس إلى الفضاء.
لكن، ولِحُسن حظّنا، يوجَد ثقوبٌ في هذه البطّانية، يُمكِنُنا تسريبُ الحرارةِ من خلالِها إلى الفضاء الخارجيّ».
طوّرَ الباحثون نموذجًا جديدًا لهذه الفكرة، وهو الجِهازُ الأوّل من نوعِه للقيامِ بهذه المهمّة: العَمَل كمُبرّد إشعاعي، وكخليّة انتاجِ طاقةٍ شمسيّة في ذاتِ الوقت.
حيثُ يستطيعُ امتصاصَ أشعّة الشمس وإطلاق ضوء الأشعّة تحت الحمراء إلى السّماء مرّةً أُخرى.
إنّ الوِحدة الواحدة من هذا النموذج تتكوّن من مصفوفة خلايا شمسيّة تُحوّل الطاقة الشمسيّة إلى كهربائية بِحجمِ القرص المضغوط (C.D.)، والتي يوجَدُ تحتها المُبرّد الإشعاعي وتكونُ بنفسِ الشّكل.
يتكوّن المبرد الإشعاعي من طبقاتٍ من نيتريد السيليكون، السيليكون والألمنيوم موضوعةٌ في الفراغ.
تتمحورُ الفكرة حولَ الألواحِ الشمسية، إذ أنّها تسمحُ بمرور ضوءِ الأشعّة تحت الحمراء (الذي يمتلِك طولَ موجةٍ بينَ 8 – 13 مايكروميتر) دونَ امتصاصِه، ويُطلِقه الجهاز مرةً أُخرى إلى السّماء، إذا استطاع تحديدَ الثّقوبِ الموجودةِ في السماء طبعًا.
وعِند الاختبار، نَجَحَ الجِهازُ في إثباتِ المبدأ، فالطّبقة السفلية (المبرّد الإشعاعي) امتلكت درجةَ حرارةٍ أقلّ من حرارةِ اللوحِ الشمسيّ، ومن حرارةِ الهواءِ المُحيط بهما.
ويوضّح تشين: «هذا يوضّح أنّ الحرارة انتقلَت إلى الأعلى من الأسفل بالإشعاع، حيثُ مرّت مِن خلالِ الطبقة العُليا إلى السماء».
وبالرغم من ذلك، لا يزالُ هنالك المزيدُ من العملُ أمام الفريق لإتمامِه، قبل أن يُصبِح المشروعُ في متناولِ العامّة.
وأولُ مشكلةٍ واجهتهُم، هي أنّ النموذَج الذي صنعُه الفريق لم يكُن فعّالًا في إنتاجِ الكهرباء، إذ يتعيّنُ على الفريقِ حاليًّا إنتاجُ خلايا شمسيّة بعناصِرَ لا تحجِزُ الأشعة الحمراء وتمنعُها من الخُروجِ إلى السّماء.
وحتّى يتمّ حل المُشكلة السابقُ ذِكرُها، يتحتّم على الفريقِ التفكيرُ بحلّ مشكلةِ خُروجِ الأشعّةِ إلى الفضاءِ من خلال الغلافِ الجوّي.
ويقولُ تشين: «مِن المعلومِ أنّ الشمس هي المصدر الأفضل في توفيرِ الحرارةِ للإنسانِ والطبيعة في الأرض، لكنّ غير المعلوم أنّ الطبيعة قد وفّرَت الفضاءَ للإنسان لإخراجِ حرارةِ الأرض إليه، مكانٌ مُناسب لامتصاص الحرارة».
- ترجمة: محمد يامين
- تدقيق: جعفر الجزيري
- تحرير: تسنيم المنجّد
- المصدر