على الرغم من عناوين الأخبار اللافتة للنظر فإنّه لا يوجد أحد يمكنه تحديد الميول الجنسية لشخص ما عن طريق النظر إلى يديه أو علامات وجهه.
ومع ذلك، فقد أدرك العلم أن هناك بعض العوامل الوراثية مسؤولة عن هذه الميول، ويبدو أن دراسة جديدة ضخمة قد أكدت ذلك وقامت بتعريف الرابط بين الاختلافات في الحمض النووي والسلوك الجنسي في البشر.
على وجه التحديد، اكتشف فريق من الباحثين أربع اختلافات وراثية في أربع كروموسومات والتي يبدو أنها مرتبطة بميول الشخص تجاه نفس الجنس.
وعلى عكس الأبحاث السابقة التي قامت بالتركيز على التجاذب المثلي في الرجال، وجدت هذه الدراسة أيضًا صلة بين العوامل الوراثية والسلوك المثلي للإناث وهو أول اكتشاف من نوعه على الإطلاق.
تم العثور على هذه النتيجة الرائعة بعد أن قام الفريق بتحليل المعلومات الوراثية لأكثر من أربعمئة ألف متطوع في البنك الحيوي في المملكة المتحدة، وكذلك أكثر من 96 ألف شخص قاموا بتقديم معلوماتهم الوراثية لشركة التكنولوجيا الحيوية الخاصة والتي تدعى (23andMe). وبعد ذلك، تمت مقارنة هذه المعلومات بالاستبيانات الشاملة التي تغطي التاريخ والسلوك الجنسي للإنسان، والتي أكملها المشاركون عند تقديم الحمض النووي.
بعد بحث ورؤية الرابط في مجموعتي البيانات الضخمة، قام الفريق بتأكيد هذا الموضوع في ثلاث دراسات أصغر ليصل العدد الإجمالي للمعلومات لأكثر من 490 ألف شخص وتم تقديم البيانات في اجتماع الجمعية الأمريكية لعلم الوراثة البشرية لهذا العام.
قامت الأبحاث السابقة بربط الميول الجنسية في الرجال بالاختلافات الوراثية في الحمض النووي، ويبدو أن هذه الدراسة قامت بتعزيز هذه النتيجة بسبب وجود اثنين من العوامل الوراثية الأربعة التي قام الفريق بتحديدها خاصة بالجنس الذكوري.
وعلى الرغم من ذلك، كان العاملان الآخران مرتبطين بالجنس في كل من الرجال والنساء والذي أدى إلى التأثير في أكثر النظريات إثارةً للجدل حول مثلية الجنس الأُنثوي.
بطبيعة الحال، إن النشاط الجنسي معقد ولكن من المهم أن نلاحظ أن البحث كان ينظر إلى السلوك والجاذبية من نفس الجنس وليس الميول الجنسية وهو شيء أكثر خصوصيةً وغموضًا من التاريخ الجنسي للأشخاص.
وفي الواقع، يحذر الباحثون من تحليل نتائجهم على أنها سبب وراثي صريح للميول الجنسية إذ أن الميول الجنسية يمكن أن تتأثر بالعديد من العوامل.
وكما قال مؤلف الدراسة الرئيسي أندريا جانا لمجلة ساينس نيوز: «لا يوجد جين مسؤول عن المثلية». «عدم الميل للجنس الآخر يتأثر تأثيرًا ضئيلًا بالعديد من العوامل الوراثية».
ويقدر الفريق أن الاختلافات الأربعة لا تمثل سوى 8 إلى 12 بالمئة من الوراثة المسؤولة عن سلوك المثلية الجنسي.
على الرغم من هذا التحذير، يحتوى هذا البحث على العديد من المميزات مقارنةً بالبحث السابق في عوامل الوراثة الجنسية والأكثر وضوحًا هو شفافية البحث. مع ما يقرب من نصف مليون مشارك، فإن النتائج قابلة لاستبدال النتائج الخاصة بالدراسات الصغيرة وقابلة للتطبيق على عينات أكبر من الأشخاص لأنها تحتوى على دراسات للرجال والنساء ولا تتوقف أو تعتمد على التوائم.
بالرغم من عدم اكتشاف الفريق التأثير الدقيق للاختلافات في العوامل الوراثية على السلوك، إلا انه من المعروف أن البعض مرتبط ببعض الخصائص المعينة.
على سبيل المثال، يرتبط أحد العوامل بحاسة الشم بينما يرتبط الآخر بنمط الصلع الذكوري وهذا يعني أنه لن يمر وقت طويل قبل أن نرى العنوان الرئيسي في الأخبار «هل تريد أن تعرف ما إذا كان الرجل مثليًا؟ والإجابة كما يقول العلماء: فقط انظروا إلى خط شعره».
- ترجمة: أمجد الخصوصي
- تدقيق: قيس شعبية
- تحرير: تسنيم المنجّد
- المصدر