يمكن للتستوستيرون أن يعالج الاكتئاب لدى الرجال وفقًا لتحليل تجميعي لـ 27 دراسة سابقة؛ ما قد يمنح الأمل لعشرات الملايين من الأشخاص المصابين ب الاكتئاب في جميع أنحاء العالم. إنّ فكرة وجود رابط محتمل بين التستوستيرون والاكتئاب ليست بالفكرة الجديدة، فلطالما عُرِفَ عن التستوستيرون ارتباطه بالتغيرات في المزاج والشهيّة، ولعدة عقود كان درس العلماء مدى كون هذا الهرمون مفيدًا لعلاج الاكتئاب أيضًا.
مع التحليل التجميعي الجديد -والذي يغطي 1890 رجلًا- أراد الباحثون من معهد درسدن في ألمانيا (TU) أن يعملوا على إيجاد صلة مؤكّدة بين العلاج بالتستوستيرون وأعراض الاكتئاب. وقد صرّح أندرياس فالتر، أحد أعضاء فريق الباحثين من جامعة درسدن في ألمانيا، لصحيفة الغارديان قائلًا: «لقد أردنا حقًا أن نوضّح الصورة ونحاول معرفة ما يحدث بالفعل، وما إذا كان من الممكن للتستوستيرون أن يكون مثيرًا للاهتمام لدى الأطباء المعالجين لاضطرابات الاكتئاب أم لا».
توصّل فريق الباحثين من خلال 27 دراسة مراقبة بالعلاج الوهمي إلى أنّ علاجات التستوستيرون كانت مرتبطة بالفعل بتخفيف ملحوظ لأعراض الاكتئاب، خاصة عند إعطاء جرعات أكبر. قبل أن نبدأ في وصف هذه العلاجات على سبيل المثال، من الجدير أن نتذكر أن دراسة تجميعية كهذه تغطي الكثير من المتغيرات والسيناريوهات المختلفة، وهي ليست دراسة مراقبة واحدة يديرها فريق واحد.
على سبيل المثال، كان لدى بعض هؤلاء الرجال البالغ عددهم 1890مستويات منخفضة من هرمون التستوستيرون، في حين لم يكن لدى البعض الآخر تلك المستويات المنخفضة. كان البعض يتناول مضادات الاكتئاب، في حين لم يكن البعض الآخر كذلك. وقد شُخِّصَ الاكتئاب لدى البعض، بينما ظهرت لدى البعض الآخر الأعراض وحسب.
ومع ذلك -وكما يقول الباحثون- فإن النتائج تشير إلى أن هذا الارتباط أمرٌ يستحق البحث فيه أكثر فأكثر، وأضافوا أن التستوستيرون في الوقت الحالي يُعدّ بديلًا -مثيرًا للجدل إلى حد ما- لمضادات الاكتئاب. كان النفع والتحسّن في المزاج واضحين في غضون الأسابيع الستة الأولى، كما خَلُصت الدراسة التجميعية،
ورغم أن الخبراء لا ينصحون جميع الرجال المصابين بالاكتئاب بالبدء بتناول مكمّلات التستوستيرون، فإنهم يقولون إن المزيد من الدراسات الشاملة يجب أن تُجرى؛ خاصة وأن هناك حاجة ماسّة إلى العلاجات البديلة. أخبر مايكل بلومفيلد من كليّة لندن الجامعية في المملكة المتحدة، والذي لم يشارك في الدراسة، مركز ساينس ميديا: «تظهر هذه الدراسة الجديدة أن التستوستيرون قد يكون مفيدًا في بعض حالات المرضى الذكور.
ومع ذلك، نحن بحاجة إلى المزيد من الأبحاث الطبية لفهم أيٍّ من المرضى قد يستفيد من علاج التستوستيرون وكيف يمكن أن يتناسب هذا مع العلاجات الحالية المتوفّرة بما في ذلك الأدوية والعلاجات النفسية». رغم الأبحاث السابقة حول هذا الموضوع، ما زلنا نفتقر إلى دراسة واسعة النطاق وطويلة الأمد لكيفية تأثير التستوستيرون على الرجال (والنساء) المصابين بالاكتئاب. واستنادًا إلى هذا البحث، فإنّ هذه الدراسة قد تستحق تكبّد عناء الوقت والجهد في إجرائها.
ومع ارتفاع معدلات الاكتئاب والانتحار، أصبح من المُلِحّ أكثر من أي وقت مضى إيجاد علاجات جديدة لهذه الحالة. وتشير التقديرات إلى أن مضادات الاكتئاب يمكن أن تكون فعالة في ما يصل إلى 60% فقط من الحالات، لذا من المؤكد أن البدائل مطلوبة، ويمكن توفير التستوستيرون بسرعة نسبية.
ووفقًا لما ذكره آلان يون من كلية لندن الملكيّة في المملكة المتحدة، والذي لم يشارك في الدراسة الأخيرة، فإن التحليل التجميعي يظهر بوضوح إشارة مفيدة للاكتئاب لدى الرجال، لكنه يقول أيضًا إنه يجب علينا المضي قدمًا بحذر. وصرّح يون لصحيفة الغارديان: «قد يشعر الرجال أنّهم قد اكتسبوا المزيد من الطاقة، وربما يأكلون أكثر، ولكن، قد لا يكون ذلك مصحوبًا بتأثير على الأعراض الأساسية للاكتئاب كالحالة المزاجية المنخفضة وفقدان الاهتمام».
نُشر هذا البحث في Jama Psychiatry
اقرأ أيضًا:
نقص هذه المادة يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب
واحد من أكثر مضادات الاكتئاب استخدامًا له علاقة بمقاومة المضادات الحيوية
الاكتئاب والسمنة: أيّهما يتسبب في حدوث الآخر؟
كيف يؤثر مستوى التستوستيرون لدى الرجال على احتمال إصابتهم بسرطان البروستات؟
ترجمة: محمد حميدة
تدقيق: رزان حميدة