أفاد علماء صينيون أن المرأة الحامل المصابة بمرض كوفيد-19 يمكن أن تنقل العدوى إلى طفلها حديث الولادة، إلا أن الأمر نادر الحدوث؛ إذ بلغت نسبة الرضّع المصابين أقل من واحد في العشرة، ومع ذلك، تمثل النتائج فرصةً مهمةً لدراسة الآثار المحتملة لانتقال الفيروس من الأم إلى وليدها.
بدأت هذه الأبحاث بعد إصابة مولودٍ في لندن بالفيروس الجديد «سارس-كوف-2» المُسبب لكوفيد-19 ليصبح بذلك أصغر المصابين في العالم، كما ثبتت قبل ذلك إصابة طفل في الصين يبلغ من العمر 30 ساعة فقط.
راقب الباحثون 33 امرأةً حاملًا مصابةً بكوفيد-19 في مستشفى ووهان للأطفال بمدينة ووهان الصينية، وثبتت إصابة ثلاثة أطفال من الذكور -ممن ولدوا بعملية قيصرية- بالعدوى في غضون يومين من ولادتهم. وُلد طفل منهم في الأسبوع الـ31 من الحمل، أي قبل انتهاء مدة الحمل الكاملة، وذلك بسبب تعرضه لضائقة جنينية تطلبت إجراء إنعاش له.
عُولج الطفلان اللذان وُلدا في تمام الحمل في وحدات العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة بسبب تعرضهم للخمول والحمى. وأظهرت الصور الشعاعية للصدر عند هذين الطفلين دليلًا على وجود التهاب رئوي pneumonia، ولكنهما تخلصا في اليوم السادس من الفيروس وكانت نتائج الفحوصات سلبية.
بينما عانى الطفل الذي ولد قبل تمام الحمل أمراضًا شديدةً، إذ أُدخل وحدة العناية المركزة بسبب تعرضه للإنتان «خمج الدم»، ومتلازمة الضائقة التنفسية لدى الرضع neonatal respiratory distress syndrome، والالتهاب الرئوي المُثبت بالصور الشعاعية للصدر.
لكن نتائج الاختبار أظهرت اختفاء الفيروس في اليوم السابع بعد معالجة الوليد بتطبيق التهوية الميكانيكية، وإعطائه المضادات الحيوية، والكافيين، وتلاشت الأعراض خلال أسبوعين. وبقي جميع الأطفال على قيد الحياة.
كتب مؤلفو الدراسة في مجلة JAMA لطب الأطفال: «نظرًا لإجراءات الوقاية والسيطرة على العدوى الصارمة التي طُبّقت في أثناء الولادة، فمن المحتمل أن مصادر فيروس سارس-كوف-2 كانت موجودة أصلًا في الطرق التنفسية العلوية عند الوليد أو في فتحة الشرج عند الأم».
لم يتفق بعض الخبراء مع هذا الكلام، بحجة أن إصابة الأطفال تحدث غالبًا بعد ولادتهم.
قالت الدكتورة إليزابيث ويتاكر Dr Elizabeth Whittaker، استشارية الأمراض المُعدِية عند الأطفال في مستشفى سانت ماري في بادنغتون: «لا يوجد حتى الآن دليل قاطع على أن الإصابة بكوفيد-19 تحدث داخل الرحم، ويُصاب الأطفال الرضع بالعدوى على الأرجح في أثناء الولادة أو بعدها مباشرةً».
وبسبب أن العدوى لم تظهر عند الأطفال إلا بعد يومين من ولادتهم، يرجّح الدكتور بول هانتر Paul Hunter -أستاذ الطب في جامعة شرق أنجليا UEA- أن الأطفال التقطوا العدوى بعد ولادتهم وليس في داخل الرحم. إضافةً إلى عدم وجود نتائج سريرية، بحسب دراستين سابقتين، والتي تشير إلى أن الأطفال حديثي الولادة المولودين لأمهات مصابات يمكن أن يُصابوا أيضًا.
خلُصت دراسة حالة صغيرة إلى أن الأمهات المصابات بكوفيد-19 لا يستطعن نقل المرض إلى أطفالهنّ حديثي الولادة، مع أن النتائج أظهرت أن الانتقال العمودي vertical transmissionمن الأم إلى الطفل وارد الحدوث عبر المشيمة أو في أثناء عملية الولادة، وأضاف الباحثون أن نتائجهم التي توصلوا إليها تُمثل فرصةً مهمةً للبحث مستقبلًا.
من الضروري طبعًا فحص النساء الحوامل واتباع تدابير صارمة في السيطرة على العدوى والوقاية منها، ويجب وضع الأمهات المصابات في الحجر الصحي، ومراقبة أطفالهن جيدًا. وعلى النساء الحوامل الحفاظ على التباعد الاجتماعي وعادات النظافة الصحية لوقاية أنفسهنّ من العدوى.
إن كوفيد-19 -بحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC- هو مرض جديد، ما يزال الخبراء يدرسون طرق انتشاره وانتقاله. وما تزال هناك كثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات، مثل:
- هل النساء الحوامل معرضات أكثر من غيرهن للإصابة بالمرض؟
- هل يمكن أن تنتقل العدوى من الأم الحامل إلى الجنين؟
- هل يمكن لمرض الأم أن يؤدي إلى حدوث مشكلات عند الطفل أو أن يؤثر سلبًا على صحته بعد الولادة؟
اقرأ أيضًا:
إصابة طفل حديث الولادة في المملكة المتحدة بفيروس كورونا الجديد
الفقدان المفاجئ لحاسة الشم قد يكون مؤشرا على كوفيد-19
ترجمة: يوسف الجنيدي
تدقيق: وئام سليمان
مراجعة: آية فحماوي