هذا نظام صحي بالتأكيد لن تريد أن تجربه.
إذ يعتقد العلماء أن الإجهاد الحاد، كالنوع الذي يصاحب الحروق الكبيرة من الدرجة الثالثة، يمكن أن يحوّل فيه الجسم الخلايا الدهنية العادية إلى دهن أسمر حارق للسعرات.
إن ملاحظاتهم كانت الأولى في إثبات أن جسم الإنسان يمكنه أن يحول الدهن الأبيض إلى دهن “صحي” أسمر، ويمكن أن يقودنا ذلك إلى عقاقير تستطيع تحقيق ذلك.
“إن الشيء المقنع في هذه الدراسة هو أن هؤلاء الأشخاص لم يتم اختيارهم حسب أي قدرة مسبقة لإنتاج هذه الخلايا، ومع ذلك أظهروا جميعهم زيادة في الدهن الأسمر”.
وذلك حسب د. شيلا كولينز، عالمة في الكيمياء الحيوية والتي لم تكن ضمن فريق البحث.
معظم الدهن في أجساد الثديات هو نوع يسمى الأنسجة الدهنية البيضاء، ولكن الحيوانات الصغيرة والمواليد الجدد لديهم كمية كبيرة من الدهن الأسمر، وهو غني بالميتوكوندريا (mitochondria) المنتجة للطاقة، ما يجعله يستخدم المزيد من السعرات الحرارية وينتج المزيد من الحرارة مقارنةً الدهن الأبيض.
حتى الوقت الحالي كان العلماء يعتقدون أن هذا الدهن يختفي في الأشخاص بعد الطفولة المبكرة.
غير أنه ظهر في سنة 2009 أن الأشخاص البالغين لديهم أيضًا دهنًا أسمر في قاعدة رقابهم، ما يزيد من احتمالية إنتاج عقاقير تساعد في إنتاج المزيد من الخلايا السمراء لمحاربة الوزن الزائد والسكري والكوليسترول العالي.
منذ ذلك الحين وجدت الدراسات على الفئران والخلايا البشرية المعزولة، أن التعرض للبرد الشديد قد يحوّل الخلايا الدهنية البيضاء إلى خلايا سمراء مشحونة تستطيع حرق المئات من السعرات في اليوم زيادة عن الطبيعي.
ولكن حتى اليوم لم يظهر هذا التحوّل داخل جسم الإنسان.
وبعد ملاحظة أن ضحايا الحروقات الشديدة من الدرجة الثالثة والمنتشرة على مساحة كبيرة من الجسم يحتاجون لزيادة في السعرات، للمحافظة على أوزانهم خلال عملية التعافي، قام الباحثون بقيادة لابروس سيدوسيس (Labros Sidossis) الأخصائي في الشيخوخة في جامعة Texas Medical Branch في غالفستون بدراسة الخلايا الدهنية للضحايا.
وقد قاموا بمتابعة 48 طفلًا وبالغًا من المصابين بالحروق، حيث أخذوا عينات دهنية على مدى أسابيع من العلاج.
مع أن العينات الدهنية كانت في البدء أنسجة بيضاء طبيعية، فإن بعض الخلايا بدأت تتشبه بالخلايا السمراء خلال فترة التعافي، وأظهرت تزايدًا في نشاط الميتوكوندريا وفي بروتين يسمى 1UCP موجود في الخلايا السمراء.
“نعتقد بأنه عند المصابين الذين خسروا الكثير من الجلد الذي يساعد في حفظ حرارة أجسادنا، يقوم الدهن الأبيض بالتحول لأسمر ليزيد من قدرة أجسادنا على إنتاج الحرارة” هذا ما قاله سيدوسيس.
فهو وزملاؤه يعتقدون أن المستويات العالية من الأدرينالين -هرمون التوتر المسؤول عن رد فعل القتال أو الهرب- المفرز بعد التعرض للحرق؛ هو المسؤول عن هذا التحوّل.
وقد أظهرت الدراسات على الحيوانات مسبقًا عن علاقة بين الأدرينالين والدهن الأسمر.
ويضيف سيدوسيس: “أثبتت هذه النتائج إمكانية تحويل الدهن الأبيض إلى الأسمر، الخطوة التالية هي إيجاد الطريقة”.
ومع أن خلايا الدهون البيضاء المتحولة إلى سمراء لم تكن بنفس فعالية الدهن الأسمر الموجود بشكل طبيعي؛ إلا أنه كان هناك ما يكفي منها لتحرق حوالي 263 سعرة حرارية إضافية في اليوم عند مرضى الحروق.
هذه الكمية كافية ليكون لها صلة بمعالجة بعض الأمراض.
وتضيف كولينز ” 263 سعرة في اليوم تساوي لوح حلوى، وإن قمت بالحسابات على مدة سنة، فإن هذا يشكّل خسارة كبيرة في الوزن”.
يقوم فريق سيدوسيس حاليًا بإجراء المزيد من الاختبارات لاكتشاف كيف يتم هذا التحوّل على المستوى المجهري، ويقوم بمراقبة مرضى الحروق ليكتشفوا كم من الوقت ستبقى هذه الخلايا السمراء فاعلة.
(على مدى31 يومًا بعد التعرض للحرق الشديد، تظهر الشرائح تحول النسيج الدهني الأبيض إلى خلايا تشبه الدهن الأسمر).