وصف عدد كبير من وسائل الإعلام مميعات الدم -التي تتضمن الأسبرين والوارفارين- على أنها «الدواء المكتشف» لمرضى كوفيد-19 والذي يمكن أن ينقذ حياتهم. إذ يوجد عدد متزايد من الأبحاث التي تقترح أن فيروس سارس-كوف-2 يسبّب اضطرابات في تخثر الدم وبالتالي يمكن أن يكون لمميعات الدم دور في العلاج.
الأدلة تتراكم
عندما ظهر مرض كوفيد-19 اعتقد الأطباء أنه مرض تنفسي اعتيادي يسبّب أعراضًا مثل ارتفاع الحرارة والتهاب الحلق والسعال الجاف وفي بعض الأحيان إنتانًا في الرئة (ذات الرئة) وقد يسبّب تراكم السوائل في الرئتين ما يجعل التنفس صعبًا.
ووُجد أن 30-70٪ من المرضى المصابين بكوفيد-19 والذين أُدخلوا وحدات العناية المشددة تطورت لديهم جلطات دموية، وهذا المعدل أعلى بكثير من المعدل المتوقع عند المرضى الآخرين الذين دخلوا المستشفى لأسباب غير الإصابة بكوفيد-19، فغالبًا ما تظهر الجلطات الدموية في الساقين (خثار الوريد العميق) ثم تنتقل إلى الرئتين وتسمى «الانصمام الرئوي»، وتقريبًا سيتطور انصمام رئوي (انسداد شريان في الرئة) لدى ربع المرضى المصابين بكوفيد-19 والمقبولين في وحدة العناية المشددة.
يمكن أن تؤدي الجلطات الدموية الشريانية المرتبطة بكوفيد-19 إلى السكتات حتى عند المرضى الشباب، التي تؤدي بدورها لنتائج كارثية. بالإضافة لذلك يبدو أن كوفيد-19 يسبّب جلطات دموية صغيرة والتي يمكن أن تسدّ الأوعية الدموية الصغيرة في الرئة. يمكن أن تكون هذه الجلطات الصغيرة السبب وراء مستويات الأكسجين المنخفضة جدًا لدى مرضى كوفيد-19.
يبدو أن هناك ارتباطًا بين ظهور الجلطات الدموية وارتفاع خطر الوفاة بكوفيد-19، ويبدو أيضًا أن ارتفاع علامات تخثر الدم مرتبط بارتفاع خطر الدخول إلى وحدة العناية المشددة وتوقعات أسوأ عمومًا.
هل يجب أن تكون مميعات الدم علاجًا أساسيًا لمرضى كوفيد-19 في المستشفيات؟
يجب أن يتلقى جميع مرضى كوفيد-19 المقبولين في المستشفى جرعة منخفضة من مميعات الدم لمنع تشكّل الجلطات الدموية لأن معدلات تخثر الدم مرتفعة جدًا. أصبحت هذه الجرعة الوقائية أساسية في معظم مشافي أستراليا.
لكن على الرغم من استخدام مميعات الدم تحدث العديد من الجلطات عند مرضى كوفيد-19.
ويبقى التساؤل حول إعطاء المرضى المقبولون في المستشفى ولديهم إصابة شديدة بكوفيد-19 جرعة أعلى من المعتادة من مميعات الدم لمنع حدوث الجلطات الدموية موضع جدل كبير بين الأطباء.
تقترح دراسة جديدة أُجريت في الولايات المتحدة الأمريكية أن المرضى المقبولين في المستشفى والذين عولجوا بجرعة كاملة من مميعات الدم كان لديهم فرص أفضل في النجاة وفرصة أقل في الحاجة إلى جهاز التنفس. على كل حال يجب أن نتأكد من هذه النتائج قبل أن يصبح إعطاء جرعة كاملة من مميعات الدم إجراءً اعتياديًا. ولحسن الحظ هناك العديد من الدراسات الجارية الآن في أوروبا والمملكة المتحدة وحول العالم لإجابة هذا السؤال بشكل حاسم.
يقيّم الأطباء علاجات أخرى مميعة للدم عند مرضى كوفيد-19، إذ يوصف الأسبرين بشكل شائع للأشخاص ذوي الخطورة العالية للإصابة بالسكتات أو الاحتشاءات القلبية. وتوجد دراسات تبحث إمكانية تقليل الأسبرين خطر تخثر الدم عند مرضى كوفيد-19. وثمة دراسات تُجرَى في الولايات المتحدة الأمريكية لأدوية مميعة أقوى على المرضى المصابين بكوفيد-19 الحاد.
وتجدر الإشارة إلى أن العلاج بمميعات الدم لا يأتي دون آثار جانبية، فهو يزيد من خطر النزيف. لذلك فقرار اعتماد العلاج بجرعة عالية من المميعات دون وجود أدلة حاسمة لفائدته على المرضى المصابين بكوفيد-19 يجب أن يبنى على كل حالة بشكل منفرد.
ما هي الأعراض؟
- ارتفاع درجة الحرارة، يظهر عند أغلب الحالات بنسبة 88٪.
- سعال جاف، عند 68٪ من الحالات.
- إعياء، عند 38٪ من الحالات.
- بلغم أو بلغم غليظ، عند 33٪ من الحالات.
- صعوبة التنفس، ويظهر عند 19٪ من المرضى.
- التهاب الحلق وألم الرأس، بنسبة 14٪ فقط من الحالات.
- ومن الأعراض النادرة: انسداد الأنف والإسهال بنسبة 5٪ و4٪.
هل يجب أخذ الأسبرين لمنع الخثرات الدموية؟
لا توجد أدلة حالية تشير لوجوب أخذ مميعات الدم لمنع تشكل الجلطات الدموية عند السكان، وأيضًا لا توجد أدلة تدعم وجوب أخذ مميعات الدم عند المرضى المصابين بكوفيد-19 المعتدل والمنعزلين في منازلهم. ولأن مميعات الدم قد تسبّب النزيف فلا يجب أخذها دون وصفة طبية.
من المهم للمرضى الذين يأخذون مميعات الدم لأسباب أخرى أن يستمروا بأخذها عند إصابتهم بكوفيد-19.
في النهاية يتطور فهمنا لمرض كوفيد-19 بسرعة وتُنشر الأبحاث يوميًا حول العالم ولكن لم تُراجع كل هذه الأبحاث.
إذا كنت تعاني من أعراض كوفيد-19 فمن الأفضل أن تخضع للفحوص المناسبة وتستشير طبيبك حول العلاجات المحتملة ومنها دخول المستشفى وأخذ مميعات الدم. والأطباء المتخصصون في الدم متفائلون ويأملون أن الدراسات السريرية الحالية ستظهر استراتيجيات أفضل لعلاج تخثر الدم والوقاية منه، الذي قد يخفّف من حدّة المرض ويحسّن فرص النجاة عند مرضى كوفيد-19.
اقرأ أيضًا:
هل يجب أن أرتدي كمامة عند الخروج إلى الأماكن العامة؟
ترجمة: زياد الشاعر
تدقيق: عمار إبراهيم